قبل أيام قليلة عن موعد إقفال باب تسجيل اللوائح الإنتخابية، في 4 نيسان، بات من الضروري السؤال عن واقع قوى المعارضة، التي كانت تراهن على هذا الإستحقاق لقلب الطاولة على القوى السياسية التقليدية، لا سيما بعد الفرز الذي ظهر بعد تحركات السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019.
من حيث المبدأ، كان لدى هذه القوى فرصة قد لا تتكرر في وقت قريب لتحقيق الهدف المنشود، لكن في اللحظة المفصلية ضاعت هذه الفرصة، بسبب الخلافات المستمرة بين المجموعات التي تنتمي إلى توجهات مختلفة، الأمر الذي حال دون تشكيل لوائح موحدة في العديد من الدوائر التي كان من الممكن ان تكون مركز الخرق الأساسي.
لدى البحث في الصورة العامة للإنتخابات، يمكن الحديث عن فريقين أساسيين: الأول هو "حزب الله" وحلفائه، حيث سعى الحزب إلى معالجة الخلافات بين أركان هذا الفريق، لضمان الفوز بالعدد الأكبر من المقاعد النيابية، أما الثاني فهو تحالف القوى والشخصيات التي كانت تدور في فلك قوى الرابع عشر من آذار، رغم إنسحاب تيار "المستقبل" من المشهد الإنتخابي، حيث نجحت ضغوط الأيام الماضية في دفعها إلى تجاوز الخلافات التي كانت فيما بينها.
في المقابل، يبدو أن هذا الإستحقاق ساهم في "تعرية" القوى المعارضة، من خلال تأكيد المؤكد لناحية العجز على الإتفاق على البرنامج الجامع، حتى ولو كان ذلك في الحد الأدنى، الأمر الذي سيقود في أفضل الأحوال إلى زيادة من نائب الى ثلاثة على المجموعة التي كانت موجودة أصلا في المجلس النيابي، ما يعني عملياً القضاء على أي أمل بالتغيير الحقيقي في المجلس النيابي المقبل، خصوصاً أن هذه المجموعة نفسها من المستبعد تكون متجانسة لاحقاً.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه في معظم الدوائر طغت الخلافات الشخصية بين المرشحين، بالإضافة إلى الإختلاف في التوجهات السياسية، الأمر الذي حال دون الوصول إلى تحالفات متينة، نظراً إلى أن البعض لم يكن يفكر إلا في كيفية الوصول إلى الندوة البرلمانية، بينما الكثيرون يتوهمون أحجاماً ليست لديهم، غير مهتمين بما تقدمه الدراسات الإحصائية الفعلية عن الواقع الفعلي.
من وجهة نظر هذه المصادر، يمكن الحديث عن 3 عناوين أساسية لفهم حقيقة ما حصل بالدرجة الأولى: الفشل في تركيب اللوائح بسبب الخلافات في وجهات النظر حول التحالف مع قوى وشخصيات سياسية تقليدية، الفشل في إختيار مرشحين معروفين من الناخبين الأمر الذي يساهم في جذب المزيد من الأصوات إلى اللوائح، الفشل في توحيد الخطاب بالتزامن مع سعي بعض المجموعات الكبرى إلى محاولة فرض إرادتها على الآخرين.
في قراءة سريعة لواقع القوى التي تصنف على أساس أنها معارضة، تشير المصادر نفسها إلى أنه في البرلمان الحالي يمكن الحديث عن مجموعة من الشخصيات والقوى: حزب "الكتائب" الذي لديه 3 نواب (سامي الجميل، الياس حنكش، نديم الجميل)، أسامة سعد، ميشال معوض، نعمة افرام، فؤاد مخزومي، ميشال الضاهر، بولا يعقوبيان، شامل روكز. وتلفت إلى أنه في الإنتخابات المقبلة يمكن الحديث عن أن معظم هؤلاء يضمنون إعادة فوزهم باستثناء واحد أو اثنين، بينما في المقابل من الممكن أن ينضم إليهم ما بين 3 أو 4 نواب آخرين.
من وجهة نظر المصادر المتابعة، في دوائر الجنوب لا يمكن الحديث إلا عن ضمان فوز النائب أسامة سعد بنسبة كبيرة، من بين القوى التي تصنف نفسها معارضة، وتلفت إلى أن الأمر نفسه ينطبق على النائب ميشال معوض في دوائر الشمال، بالرغم من وجود فرصة لتحقيق خرق إضافي في دائرة الشمال الثلاثة، في حين أنه ضمن دوائر البقاع يضمن النائب ميشال الضاهر إعادة فوزه في دائرة زحلة إلى حد بعيد، بينما من الصعب تحقيق أي خرق في الدائرتين الآخرتين.
بالإنتقال إلى دوائر جبل لبنان، تشير هذه المصادر إلى أن فرص الخرق كان من الممكن أن تكون كبيرة، فيما لو كان واقع قوى المعارضة مختلف، لكن اليوم تبدو الأمور صعبة جداً، بالرغم من ضمن النواب سامي الجميل والياس حنكش ونعمة افرام إلى حد كبير إعادة إنتخابهم، بينما تلفت إلى أن الفرصة الأكبر قد تكون في دائرة بيروت الأولى، حيث الرهان على إمكانية الفوز بأكثر من مقعدين نيابيين، بينما في بيروت الثانية من الممكن أن تنجح لائحة النائب فؤاد مخزومي بالفوز بمقعد إضافي، إنطلاقاً من ظروف المعركة الخاصة بهذه الدائرة.
في المحصلة، تسأل المصادر نفسها عما إذا كان هذا هو التغيير الذي ينتظره اللبنانيون من قوى المعارضة، في ظل رفع الشعارات الكبرى على مدى السنوات الماضية، لتؤكد أن الواقع الحالي يمثل فشلاً كبيراً، قد يكون من الصعب تجاوزه إلا بحال حصول معجزة في الفترة الفاصلة عن موعد فتح صناديق الإقتراع.