وافقت معظم حكومات الشرق الأوسط أو امتنعت عن التصويت على قرار رمزي للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى انسحاب روسيا، باستثناء دمشق، ولكن لم تنضم هذه الحكومات إلى الغرب في معاقبة موسكو، وعلى حد تعبير موقع "ميدل إيست آي"، لم تكن هذه الحكومات يوماً من أعداء واشنطن مثل إيران، بل كانت حليفة قديمة للولايات المتحدة مثل تركيا والسعودية والإمارات.
وأشار "ميدل إيست آي" إلى أن الأمور وصلت إلى حد رفض السعودية والإمارات لرفع إنتاج النفط لتحقيق الاستقرار في الأسعار المتزايدة بسبب الحرب، مما أثار أسئلة بشأن هذا الحياد السلبي.
وأوضح كريستوفر فيليبس، وهو أستاذ للعلاقات الدولية بجامعة كوين ماري بلندن، أن أحد العوامل هو الجغرافيا السياسية، كما جادل البعض في حقيقة أنه لا يوجد أي أحد باستثناء سوريا يؤيد تصرفات روسيا، على الرغم من سنواتها العديدة في استمالة الحكومات بالمنطقة، وجادل البعض بأن ما حدث هو في الحقيقة إشارة على عجز واشنطن في إقناع الحلفاء بالانقلاب على بوتين، مما يظهر تراجع الغرب في المنطقة.
وبالنسبة لفيليبس، هذه الآراء المتناقضة صحيحة ولكن لا ينبغي المبالغة في أي تفسير، حيث تراجعت القوة الغربية بالمنطقة، ولكن الانسحاب الكامل أمر مستبعد للغاية، ولا يزال حلفاء الولايات المتحدة في الخليج يؤسسون استراتيجيتهم الأمنية على افتراض أن الولايات المتحدة ستبقى في قواعدها المختلفة في المستقبل المنظور، حتى لو تضاءلت شهيتها للمغامرات والتدخلات العسكرية، مثل تلك الموجودة في العراق وليبيا.
ومن المرجح أن تظل روسياً لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط لبعض الوقت، ما لم تحدث كارثة في أوكرانيا تؤدي إلى عزل بوتين، ولكن الاستثمار الروسي بالمنطقة متواضع ويتضاءل أمام الوجود الأميركي، ويقتصر على عدد قليل من القواعد بسوريا، ولكن المخاوف الجيوستراتيجية ليست سوى تفسير جزئي، وفقا للموقع البريطاني، وهناك أيضاً بعض العوامل الإقليمية، حيث ترى حكومات الشرق الأوسط أن الأزمة الأوكرانية فرصة يمكن الاستفادة منها.
وتتوقع السعودية مثلا أن يتراجع الرئيس الأميركي جو بايدن عن انتقاداته لولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأن يدعم موقف الرياض بشأن اليمن قبل التفكير في زيادة إنتاج النفط، كما استعدت الإمارات لزيادة إنتاج النفط فقط بعد أن وعدت الولايات المتحدة بالمزيد من الدعم الدفاعي في الصراع مع الحوثيين، كما لاحظ الكاتب أن إيران قلقة من أن التدهور في العلاقات الروسية- الأميركية سيعرقل إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي.
ولاحظ فيليبس، أيضاً، أن العداء الطويل الأمد لأميركا قد أدى إلى التعاطف مع روسيا، مما دفع الجزائر والعراق وإيران إلى الامتناع عن قرار الأمم المتحدة، وبالنسبة لبعض القادة في الشرق الأوسط، هناك حالة من التعاطف الاستبدادي مع بوتين.
وأشار إلى قضية سيادة الدولة، حيث ظهر نفاق الدول الغربية واضحاً بشأن إدانة تدخل موسكو في أوكرانيا، فهي معروفة بالتدخلات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ولا ترى المنطقة إدانة الغرب لبوتين على أنها عادلة.