منذ إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عزوف تيار "المستقبل" عن المشاركة في الإنتخابات النيابية، المقررة في 15 أيار المقبل، كان الجميع يترقب التداعيات التي سيتركها ذلك على الواقع في الساحة السنية، نظراً إلى أن "المستقبل" يمثل الثقل الأساسي في هذه الساحة، وبالتالي لا يمكن أن يمر غيابه مرور الكرام.
في البداية، وجهت أصابع الإتهام إلى "حزب الله" بالسعي إلى الإستفادة من هذا الواقع، لزيادة عدد النواب المتحالفين معه، لكن سريعاً تبين أن الحزب لم يضع هذا الهدف على رأس قائمة أولوياته، بينما "المتهم" الثاني، أي حزب "القوات اللبنانية"، واجه أزمة كبيرة على مستوى تركيب اللوائح، خفّف من حدتها التحالف مع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في أكثر من دائرة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن العنوان الأساسي سيكون نسبة الإقتراع، التي من المرجح أن يعمل "المستقبل" على خفضها إلى الحدود الدنيا، لتكريس معادلة عدم قدرة أي شخصية على تعويض غياب الحريري عن المشهد، الأمر الذي كان قد تأكد من خلال الحملات التي شنّها على الراغبين في خوض الإستحقاق، بالرغم من أنه اضطر في بعض الدوائر للتغاضي عن هذا الأمر.
من وجهة نظر المصادر نفسها، الواقع الأسهل قد يكون في دائرة عكار، حيث توجد لائحة تمثل جو تيار "المستقبل"، نظراً إلى أنها تضم 3 من نواب الكتلة الحاليين، الأمر الذي قد يدفع أنصار التيار إلى التصويت لها، لا سيما أنها لم تواجه بضغوط كبيرة من جانب "المستقبل"، حيث أنّ هؤلاء النواب حسموا، منذ البداية، قرار مشاركتهم، على قاعدة أنهم يمثلون خط الحريري.
في المقابل، تلفت هذه المصادر إلى أن هناك أزمة كبيرة في معظم الدوائر الأخرى، خصوصاً طرابلس-المنية-الضنية، بالرغم من وجود مرشحين من نواب "المستقبل" ضمن لوائح متعددة، الأمر الذي قد يصب في خانة لوائح أو تيارات أخرى، أبرزها اللائحة المدعومة من النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد واللائحة المدعومة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وفي حين تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أن المعركة الأساس ستكون في دائرة بيروت الثانية، نظراً إلى وجود لائحة مقربة من "المستقبل" وأخرى محسوبة على السنيورة، بالتزامن مع وجود لائحتين تدوران في فلك قوى الثامن من آذار وأخرى يرأسها النائب فؤاد مخزومي، تشير إلى أن هذا الأمر سيكون له تداعيات كبيرة على مستوى شرذمة المقاعد السنية في هذه الدائرة.
بالتزامن، ترى المصادر نفسها أن الواقع الراهن أدى إلى إضعاف مجموعة من المقاعد السنية في دوائر أخرى، كانت نتائجها محسومة منذ ما قبل يوم الإنتخاب في الدورة الماضية، وتشير، على سبيل المثال، إلى الدوائر التالية: مقعد في زحلة، أحد المقعدين في بعلبك الهرمل، أحد المقعدين في صيدا-جزين، أحد المقعدين في دائرة البقاع الغربي وراشيا، أحد المقعدين في دائرة الشوف عاليه.
في المحصلة، ترى هذه المصادر أن الرهان على رفع نسبة التصويت لتفادي هذا الواقع لم يعد أمراً ممكناً، بالرغم من الدعوات التي صدرت عن العديد من الجهات الفاعلة داخل الطائفة السنية، نظراً إلى أن الشرذمة القائمة على مستوى اللوائح قد تمنع الوصول إلى هذا الهدف، الأمر الذي يدفع البعض إلى التأكيد بأن تأجيل هذا الإستحقاق قد يكون هو الخيار الأفضل بالنسبة إلى هذه الساحة.