لم تملّ سميرة من التجوال من فرن الى آخر طيلة الأسبوع الماضي لشراء الخبز، ولكنها لم تجد إلا ربطة واحدة بعد جهد جهيد، وعندما تسأل عن سبب عدم توفره كان يأتيها الجواب "ما منعرف ما عم بسلّمونا"!... والسؤال "ماذا استجدّ حتى أقفلت المطاحن ولم تسلّم الطحين، وما هي حقيقة المشكلة"؟.
"في مخازن المطاحن يوجد طحين". هكذا تختصر مصادر مطلعة المشهد، مشيرةً الى وجود "قمح مدعوم ولكن فقط ثلاث أو أربع مطاحن تملك كميّة تكفي لثلاثة أو أربعة أيام ولا تلبي حاجة الأسواق اللبنانية، وهناك قمح غير مدعوم يكفي لشهر ولكن مصرف لبنان يرفض دفع المبالغ المتوجبة عليه، رغم أنه وافق على فتح الاعتمادات، من هنا رفضت المطاحن تسليم المادة قبل أن تقبض ثمنها".
وتضيف المصادر: "هناك قمح في أمكنة أخرى ولكن لا يُمكن التصرف بها لأنّ الذي وصل الى المرفأ ودخل الى صوامع المطاحن خُتم بالشمع الاحمر بإنتظار أن تصدر نتائج وزارة الزراعة"، والمفارقة هنا بحسب المصادر أن "نتائج الفحوصات تستغرق ثلاثة أيام ولكن حتّى الان مرّ خمسة عشر يوماً ولم تصدر النتائج"، مؤكّدة أن "خلف هذا كلّه قطبة مخفية".
"النشرة" حاولت الاتصال بمسؤولي وزارة الزراعة للإٍستفسار عن الموضوع لكنها لم تلقَ جواباً.
تعود المصادر الى المشكلة المرتبطة بالقمح وسجن صاحب مطاحن التاج، مشيرةً الى أن "المحضر أقفل ووجَب ارساله الى قاضي التحقيق الاول ميشال الفرزلي ومن ثمّ الى مدّعي عام جبل لبنان"، لافتة الى أن "هذه العمليّة لم تحصل والمحضر حتى الساعة مُقفل وعالِقٌ في الجارور، أو في دهاليز السياسة اللبنانيّة".
إذاً، هناك فعلاً مشكلة حقيقية وقطبة مخفيّة خلف التأخّر ربّما المُتعمَّد في اصدار نتائج شحنة القمح، وحتى ذلك الحين قد نصل الى مرحلة يختفي فيها الخبز من الأفران، إذا لم تُحلّ "القطبة المخفيّة". وهنا يشير نقيب أصحاب الافران في جبل لبنان أنطوان سيف عبر "النشرة" الى أنّ "المطاحن توقفت عن العمل منذ يوم الجمعة الفائت وإذا لم يتأمن لها الطحين سريعاً فحكماً لن يكون هناك خبز في الأفران"، لافتاً الى وجود "قمح في الاهراءات ولكن لم يتم تسديد الثمن والمطاحن غير مستعدة للعمل بها قبل أن يسدد مصرف لبنان الثمن". من جهة أخرى يشدّد نقيب أصحاب الافران علي ابراهيم على "ضرورة اطلاق سراح صاحب مطاحن التاج الموقوف منذ ليل الاربعاء الماضي نتيجة إستعماله القمح قبل أن تصدر نتائج التحاليل"، مشددا على أن "أي حلّ لهذا الموضوع يجب أن يكون عبر حل مصرف لبنان لمشكلة الاعتمادات واخلاء سبيل صاحب مطاحن التاج"، لافتا الى أن "القضية لا تحتمل أكثر من 48 ساعة". "النشرة" حاولت ايضا الاتصال بنقيب اصحاب المطاحن أحمد حطيط لكنها لم تلق جواباً.
في المحصّلة نحن أمام أسبوع حاسم في موضوع الخبز، فإما يحل اللغز وتصدر وزارة الزراعة نتائجها ويوزع القمح على المطاحن أو تبقى الامور عالقة ونذهب باتجاه انقطاع الخبز بشكل كامل!.