أُضيفَت إِلى المشهد الانتخابيّ في لُبنان، عودة السّفير السّعوديّ لدى لبنان وليد البُخري، فيما سُرّبَت معلوماتٌ صحافيّةٌ مفادُها أَنّ المُصالحات السّعوديّة في بيروت ستشمُل "خُصوم (حزب الله)" فقط، دون سواهُم مِن الأَفرقاء.
وعليه، فقد يقتصر دور البُخاري في بَيْروت، على كَونه "مُفتاحًا انتخابيًّا" في الزّمن الماحل، أَكثر مِن كَونه سفيرًا!... في حين بات يُحكَى في بَيروت، عن "بَدء زمن ما بعد الانتخابات النّيابيّة"... ما يُؤشّر في مُطلق الأحوال إِلى أَهميّة المرحلة المُقبلة!.
إشاعاتٌ وتخويفٌ
وفي المقلب الآخر، يستمرّ خطاب السّواد الأَعظَم مِن المُرشّحين، والقائم على "التّرهيب" في كُلّ أَبعاده... وكأَنّ لا يكفي اللُبنانيّين ما هُم عليه الآن، من سوء طالعٍ، حتّى تأتي هذه الحملات التّرهيبيّة-الانتخابيّة لتزيد في الطّين "بلّةً"!...
وغالبًا ما تقوم الحملات التّسويقيّة، الفارغة بالكامل مِن الحُلول، على خلفية "الوَيْل والثّبور"... و"عظائِم الأُمور"... "إِذا لم تنتخبوا لوائِحنا"!... ويُصوّر أَصحاب تلك الحميات "المشبوهة" المعركة الانتخابيّة بأَنّها معركة "تغيير وجه لُبنان"!... ويُدرك هَؤُلاء أَنّ في المُجتمَع، بيئةً خصبةً لبثّ سياسة "التّخويف" وإِثارة الهلع في النُّفوس عبر صفحات التّواصُل الاجتماعيّ (سوشال ميديا)، وفي المجالس العائليّة... وحتّى في أَماكن العمل!.
كما ويُصوّر هَؤلاء أَنّ "الزّعيم" هو الحامي... والمُنقِذ... مِن الهلاك!. فعلى سبيل المِثال لا الحصر، وعلى ذمّة صحيفة "الأَنباء" في عددها الصّادر صباح الأحد 10 نيسان الجاري، فقد "أَجرى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي اتّصالاته... في شأن أَزمة الطّحين والرّغيف"، حتّى "اتّجهت الأزمة (المُفتَعلة) نحو الحلّ"!... ونقول "مُفتَعَلةً" نقلًا عن وكيل المطاحن في الجنوب علي رمّال، الّذي أَصدر يَوم الجُمعة الماضي، بيانًا أَعلن فيه أَن "... بعد مُتابعةٍ حثيثةٍ مِن رئيس مجلس النُوّاب نبيه برّي، مع المعنيّين في وزارة الاقتصاد، لحلّ أَزمة المطاحن والطّحين، في لُبنان والجنوب، نُؤكّد لأَهلنا أَن لن يكون غدًا أَزمة خبزٍ، والأَفران ستكون مُؤمّنةً للسّاعات المُقبلة والملفّ برُمّته أَصبح قَيْد المُتابعة والمُعالجة"... ومِن ثمّ أَقرّ رمّال: "أَزمة الطّحين مُفتَعلةٌ والتّوْقيت مشبوهٌ" (جريدة "الأَنباء"–عدد الأَحد 10 نيسان). وهكذا، تُرافق "الإِشاعات" المَواسم الانتخابيّة عندنا، ودائمًا يظهر السّياسيّ بثوب "سوبرمان" المُنْقِذ مِن الواقع "الافتراضيّ"!...
وقد يكون بَيْن بَيْروت وبغداد أَكثر مِن شبهٍ انتخابيٍّ... وبَيْنها عُنصر "تخويف" النّاخبين بهدف التّأثير فيهم... وما أَعلنته رئيسة بعثة المُراقبة التّابعة للاتّحاد الأُوروبيّ فيولا فون كرامون في أَيلول 2021، في شأْن أَملها في إِجراء انتخابات العراق "مِن دون عُنفٍ أَو تخويفٍ"، ينطبق على لُبنان في انتخابات 15 أَيّار 2022.
وقد أَضافت حينها، النّائبة الأَلمانيّة في البرلمان الأُوروبي: "... أَيّ عُنفٍ... سيمنَع النّاخبين في نهاية المطاف مِن إِبداء أَصواتهم"...
خطّة الإنقاذ
وفي المُقابل، فإِنّ المُناخ "السّلميّ والآمِن" ضروريٌّ "لضمان أَنّ المُرشّحين جميعًا، وبخاصّةٍ النّساء والنّاشطين والمُدافِعين عن حُقوق الإِنسان والنّاخِبين جميعًا، يُمكنُهم مُمارسة حُقوقهم وحُريّاتهم الدّيمقراطيّة في شكلٍ كاملٍ". وقد بات ذاك المُناخ شرطًا لسَلامة الانتخابات، ولو كانت "معروفة النّتائج مُسبقًا" –على ما تقول الإشاعات والتوقُّعات- بالنّظر إِلى الانجراف الأَعمى في تيّار الإِشاعات والتّخويف، وبالتّالي التّسليم لإرادة الزّعيم مُجدّدًا!...
بَيْد أنّ في الانتخابات اللُبنانيّة المُقبلة، ثمّة عددًا لا يتجاوز عدد أَصابع اليد الواحدة، مِن اللوائِح المُتضمّنة بَيْن أَعضائها مشاريع حُلولٍ للأَزمات اللُبنانيّة المُزمِنة، في عصر الانحطاط المودي في حال "التّجديد لمسؤُوليه"، إِلى الانهيار الشّامل والكامل!... ما يطرح بالتّالي السُّؤال: "هل يُمكن للُبنان أَن ينهَض مِن دون الحَوْكَمة والتحوُّل الرّقميّ؟".
إِنّ التحدّي اليَوْم يكون من خلال السّير بالحَوْكَمة والتحوُّل الرّقميّ. فهذا التحدّي يُعيد الهَيْكلة - وهو طريق خلاص للبنان - في ظُلّ انعدام المَوارد، وغياب المُؤسّسات والتضخُّم الوظيفيّ وخطر الانفجار الاجتماعيّ، وانعدام الثّقة والفساد الإِداريّ الّذي هو بمثابة أَكبر تحدٍّ لنا...
وترى الاختصاصيّة في التّمويل العامّ والحُكوميّ أَميرة مراد، أَنّ "الحكومات لا يُمكنُها اليَوْم إِصدار قراراتٍ عشوائيّةٍ للتّصدير". وهي تُشدّد على "إِشراك الشّركات الصّغيرة والمُتوسّطة في القرار، ودعم الشّركات النّاشئة والاستعانة بحُلولها، والاعتماد على استطلاع آراء المُواطنين واستخدامها في الحلول".
كما وثمّة مقاربةٌ أُخرى للحلّ، تكمُن في اعتبار أَنّ الخُطوط العمليّة لبدء عمليّة التّغيير، تبدأ بدراسة الموارد البشريّة وتحليلها، وإِعادة هيكلَة الموارد البشريّة وتنظيمها... واستخدام أَنظمة التّقييم والمُحاسبة، إِضافة إِلى تدريب الكوادِر على أُسس تطبيق الحَوْكمة والأَنظمة الرّقميّة.
بين "تَخويف" النّاس وتقديم حُلولٍ لهُم ولمُشكلات الوطن المُتفاقِمة... يبقى الأَنفع والأَجدى إِيقاف بُطولات المسؤُولين الوهميّة، والتّركيز على الحلول الإِنقاذيّة. وللحديث صلةٌ...