إستأثرت الخطة الاقتصادية التي تم تسريبها قبل ان تُعرض رسمياً في مجلس الوزراء، باهتمام كل الاوساط الاقتصادية والشعبية بالنظر الى ما تضمّنته في الشق المتعلق بتوزيع الخسائر. ورغم تأكيدات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انّ حقوق المودعين ستكون محفوظة، الا ان الوقائع المتعلقة بتفاصيل ما ورد في الخطة لا توحي بذلك. وبَدا من الواضح انّ البند المتعلق بتوزيع الخسائر استأثرَ من دون سواه بالاهتمام نظراً لارتباطه مباشرة بحقوق المودعين.
وقد تبيّن من خلال الخطة انه سيُصار الى شطب 60 مليار دولار من خسائر مصرف لبنان المركزي. وبالتالي، فإن هذا المبلغ سيشطب عملياً من توظيفات المصارف لديه، وهذه الاموال تعود الى المودعين.
وقال خبراء ومعنيون لـ"الجمهورية" انه "من خلال شطب هذا المبلغ الكبير، واذا اعتبرنا انّ المودعين الصغار الذين تبلغ ودائعهم اقل من 100 الف دولار سيحصلون عليها بكاملها تقريباً، فهذا يعني انّ نسبة الـ"هيركات" على الودائع الكبيرة، أي فوق الـ100 الف دولار، ستصل الى نحو 70 في المئة".
جلسة الحكومة
بدورها، ذكرت "اللواء" بانه غدا جلسة لمجلس الوزراء في السراي الكبير، ومن خارج جدول الأعمال بحث مذكرة حلول سياسية واقتصادية، تتضمن ما يعرف بخطة التعافي الاقتصادي، في وقت يواجه مشروع قانون الكابيتال كونترول معارضة نقابية ومن أصحاب الودائع في المصارف لجهة الاعتراض بقوة على ما يتضمنه المشروع في وضعه الحالي، لجهة هدر الحقوق، والاطاحة بأموال المودعين.
وعلمت "اللواء" أنه تم توزيع مذكرة على الوزراء تحت عنوان مذكرة حلول سياسية واقتصادية رأى فيها عدد من الوزراء أنها تتضمن طروحات غير مدروسة. وعلم أن عددا من الوزراء يتجه إلى المطالبة ببحثها، وإن الوزراء استغربوا عدم طرحها ضمن جدول الأعمال.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن هذه المذكرة تحتوي على نقاط فيها الكثير من الظلم بحق المودعين ولاسيما شطب ديون للمصارف تبلغ قيمتها ٦٠ مليار دولار، الأمر الذي سيؤثر على الودائع. وتردد أن وزراء غير راضين عن هذا الأمر إذ لا يحق لمدين شطب ديون دائن. ولم تستبعد المصادر أن يثير هذا الموضوع أشكالا في مجلس الوزراء.
اتفاقية العبور لنقل الكهرباء
من جهة ثانية، يبحث مجلس الوزراء في جلسته المقررة قبل ظهر غد الخميس في السرايا الحكومية في جدول اعمال من 21 بنداً ابرزها تحديد بدل الاغتراب للسلك الدبلوماسي، واتفاقية العبور لنقل الكهرباء من الاردن الى لبنان عبر سوريا وبنود أخرى استوقف منها مصادر ديبلوماسية البند المتعلّق بالترخيص لإنشاء فروع لجمعيات اجنبية في لبنان.
وقالت هذه المصادر لـ"الجمهورية": "لا نعلم اين العجلة في ادراج هذا البند الذي يحتاج الى تعديل لقانون الجمعيات الذي يعنى بإنشاء جمعيات اجنبية، فلم يعد معروفا من هي هذه الجمعيات التي تطلب تراخيص للعمل في لبنان وقانون الجمعيات اصبح "بَهدلة" لا سيطرة عليه، ففي دول الجوار ودول عدة هناك ممر إلزامي لإنشاء الجمعيات ابرزها معرفة هويتها ومصدر اموالها، طريقة الصرف وأين، ولائحة المشاريع التي تموّلها وعمليات الـ audit على تمويلها وصرفها، كل هذا اصبح فوضى".
وعن اتفاقية العبور سألت المصادر: "كيف ستعبر الكهرباء والبنك الدولي لم يعط موافقة بعد لإعطائنا القرض؟ ارادوا الخطة أقرّت، لكن لم ينفذ شيء من الاصلاحات التي يشترطها البنك الدولي مثل تسعيرة جديدة حسب الشطور، جباية، وقف الهدر التقني والمالي، audit على مؤسسة كهرباء لبنان وغيرها، المشكلات "مِن جَميعو" ولم يحل منها شيء، فمن اين ستأتي الكهرباء؟ هناك شروط للتمويل ولم ننجز اي شرط من شروط البنك الدولي فكيف سيموّل إلا اذا كان البنك الدولي قد غيّر سياساته، اما التمويل من الدولة اللبنانية فهو من سابع المستحيلات".
الكابيتال كونترول
الى ذلك، وعشية اجتماع اللجان النيابية المشتركة للبحث في مشروع قانون "الكابيتال كونترول"، اعتبرت اوساط حكومية بارزة ان طريقة تعاطي بعض النواب مع هذا المشروع تدلّ الى واحد من أمرين: إما انهم لا يزالون غير مدركين لأهميته، وإما ان الشعبوية تطغى على مواقفهم لحسابات انتخابية.
ولفتت هذه الاوساط الى "انّ هناك من يخلط للامور عن عمد او جهل"، مشددة على "أن الكابيتال كونترول لا علاقة له بمسألة استعادة الودائع، بل هذا شأن خطة التعافي".
وحذرت الاوساط الحكومية من ان "عدم إقرار الكابيتال كونترول ومشروع رفع السرية المصرفية قبل الانتخابات النيابية ستكون له عواقب سيئة، مشيرة إلى انّ نواب "حزب الله" أكثر من يتعاطى مع هذا الملف بمسؤولية".