في ظل الواقع الصحي الذي يعيشه اللبنانيون، بعد الإنهيار الحاصل على المستويين المالي والإقتصادي، كان من الضروري السؤال عن الخيارات البديلة التي من الممكن أن يذهب إليها المواطنون، في ظلّ العجز القائم على مستوى المؤسسات الضامنة، الأمر الذي قد يقود المريض إلى دفع مبالغ ماليّة هائلة في حال اضطر للدخول إلى المستشفى، وهو ما كانت "النشرة" قد تطرقت له في تقرير خاص بعنوان: "بين دكتور طلب "الموت الرحيم" ومواطن باع منزله: المريض اللبناني بين التسوّل والمعجزة الإلهيّة".
من ضمن الخيارات التي كان يفضل المواطنون الذهاب إليها، في السنوات الماضية، كانت شركات التأمين تأتي على رأس القائمة، لا سيما بالنسبة إلى الذين ليس لديهم أي ضمان صحي، في حين كان هناك من يذهب إلى هذا الخيار ضمن بوالص خاصة تغطي فرق الضمان، لكن اليوم هذا الخيار لم يعد ضمن دائرة اهتمام القسم الأكبر من اللبنانيين بسبب التكاليف الباهظة التي عليهم تحملها.
لدى السؤال عن العروض الموجودة في الشركات هناك شبه إجماع على عبارة "الضمان صار متل قلّتو"، نظراً إلى أنّ المريض لدى دخوله المستشفى سيكتشف أنّ الصندوق لا يغطي أكثر من 2% من الفاتورة، الأمر الذي دفع الشركات للتخلّي عن العروض المتعلقة بتغطية فرق الضمان، بالتزامن مع التشديد على أن الدفع يجب أن يكون بـ"fresh dollar"، ولذلك كان السؤال تحديداً عن التأمين الذي يتعلق بدخول المستشفى.
في البداية، السؤال كان عن أسرة تتألف من 3 أشخاص (أب وأم وطفل)، بمعدل أعمار للأهل 35 عاماً والطفل يبلغ من العمر 4 سنوات، نظراً إلى أنّ الأسعار تختلف بحسب الأعمار وعدد أعضاء الأسرة، مع العلم أن احدى الشركات أكدت أنها لا تقبل أن تقتصر البوليصة على فرد واحد، في حال كان الزبون متأهل وباقي أفراد الأسرة ليس لديهم أي بوليصة.
في هذا السياق، العرض المقدّم من الشركة الأولى كان على الشكل التالي: الدرجة الأولى (1793 دولارا) الدرجة الثانية (1358 دولارا)، درجة الضمان (1062 دولارا). أما في الشركة الثانية فكان: الدرجة الأولى (2500 دولار)، الدرجة الثانية (1675 دولار)، الدرجة الثالثة (1320 دولار)، مع الإشارة إلى أن الفارق بين الدرجتين الأولى والثانية يتعلق بإستثناء مستشفيين كبيرين في بيروت من التغطية.
لاحقاً، تغيّرت الحالة المطلوب التأمين لها، حيث باتت أسرة من شخصين: الزوج من مواليد العام 1960 (62 عاماً) والزوجة من مواليد العام 1962 (60 عاماً)، وكان السؤال موجهاً إلى شركة ثالثة مختلفة عن الشركتين السابقتين.
في هذا الإطار، قدّمت الشركة خيارين: الأول يتضمن المستشفيين الكبيرين في بيروت، أما الثاني فلا يتضمنّهما. الأول كان على الشكل التالي: الدرجة الأولى (الزوج 3920 دولارا، الزوجة 3248 دولارا)، الدرجة الثانية (الزوج 2800 دولار، الزوجة 2185 دولار)، وفي حال كان المطلوب أن تتضمن البوليصة الفحوصات في المختبرات الخارجيّة يضاف إلى أيّ خيار مبلغ 440 دولارا.
أما الثاني فكان على الشكل التالي: الدرجة الأولى (الزوج 3500 دولار، الزوجة 2900 دولار)، الدرجة الثانية (الزوج 2500 دولار، الزوجة 1950 دولار)، الدرجة الثالثة (الزوج 1580 دولار، الزوجة 1340 دولار)، وفي حال كان المطلوب أن تتضمّن البوليصة الفحوصات في المختبرات الخارجيّة يضاف إلى أيّ خيار مبلغ 380 دولارا.
حول هذا الموضوع، يؤكّد نقيب وسطاء التأمين في لبنان إيلي حنا، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الواقع أدى إلى تراجع نسبة الأشخاص المؤمّنين في الفترة الأخيرة، لا سيما أن القسم الأكبر من اللبنانيين مدخولهم بالعملة الوطنيّة، ويلفت إلى أنّ الفارق في أسعار البوالص يعود إلى أسباب عدة، أبرزها الدرجات والشركات والسن والتغطية المطلوبة.
بالنسبة إلى حنّا، هناك حلول يمكن العمل عليها منها إعداد عروض محدودة التغطية، أيّ تقدم ما يمكن تسميته بتغطية الحد الأدنى، الأمر الذي يساهم في خفض قيمة البوالص، وبالتالي يسمح بزيادة نسبة المستفيدين، ويلفت إلى أنّه لا يمكن العودة للحديث عن أن المطلوب من الدولة الدعم لأنّها غير قادرة على ذلك.
ويكشف حنا أن بعض الشركات بدأت بدراسة الموضوع، لكن الأمر لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت، خصوصاً أن الشركات تخشى ألاّ يلتزم الجميع، ما يعني إمكانيّة خسارة زبائن، ويذكّر بأنّ هذا الأمر سبق أن حصل عند طرح موضوع التغطية بالدولار كي تستطيع الشركات الإستمرار بالشكل المطلوب، حيث كان هناك تردد لدى بعضها، قبل أن يذهب الجميع إلى هذا الخيار لاحقاً.