تزداد المعركة في دائرة بعلبك الهرمل حماوة مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية، المقررة في الخامس عشر من أيار المقبل، في ظل سعي "حزب الله" إضعاف فرص وصول لائحة "بناء الدولة"، التي تضم مرشح حزب "القوات اللبنانية" النائب أنطوان حبشي، إلى الحاصل الإنتخابي، نظراً إلى أن تحقيق هذا الهدف يعني حكماً فوزه بسبب قدرته على التقدم على أي مرشح ماروني آخر على مستوى الأصوات التفضيلية.
في الفترة الماضية، كان الجميع يتوقع أن يسعى "حزب الله" إلى رفع نسبة التصويت في هذه الدائرة، الأمر الذي من المفترض أن يقود إلى رفع الحاصل الإنتخابي، خصوصاً أن لائحة "القوات" تواجه أزمة كبيرة على مستويين: الأول هو غياب الحليف القوي، أما الثاني فهو عدم وضوح وجهة الصوت السني في هذه الدائرة، بالرغم من نجاح رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في تأمين التحالف مع المرشّح عن المقعد السني زيدان الحجيري.
في الوقت الراهن، يبدو أن المعركة انتقلت إلى مستوى جديد، أي السعي إلى شرذمة لائحة "بناء الدولة"، من خلال العمل على دفع المرشحين الشيعة على هذه اللائحة إلى الإنسحاب، الأمر الذي تحقق عبر مرشحين، حتى الآن، رامز أمهز وهيمن مشيك، في حين تتحدث بعض المعلومات عن إحتمال إنضمام مرشح ثالث إلى قائمة المنسحبين في الأيام المقبلة، تحت عنوان أن هذه اللائحة مدعومة من "القوات".
في هذا السياق، تستغرب مصادر مقربة من لائحة "بناء الدولة"، عبر "النشرة"، الإنسحاب تحت هذا العنوان، خصوصاً أن الجميع يعلم مسبقاً أنها مدعومة من "القوات"، لا سيما أنها تضم مرشحاً حزبياً واضحاً لا مرشحاً مستقلاً عاد الحزب إلى تبنّيه بعد إقفال أبواب تشكيل اللوائح، وبالتالي ما حصل يأتي في سياق الضغوط المفروضة على المرشحين لدفعهم إلى هذا الخيار، مع العلم أن أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله كان قد اعتبر، في وقت سابق، أن "من يتحالف مع "القوات" في الانتخابات يتحالف مع قتلة شهداء كمين الطيونة".
في الإنتخابات الماضية، نجحت لائحة "الكرامة والانماء"، التي ضمّت النائب أنطوان حبشي، بالفوز بمقعدين نيابيين، بعد أن نالت 35607 صوتاً، بينما بلغ الحاصل الإنتخابي الأول 18707 صوتاً، مع العلم أنها كانت تضم في صفوفها مرشحاً شيعياً قوياً هو النائب السابق يحيى شمص، الذي نال 6658 صوتاً تفضيلياً، بالإضافة إلى تيار "المستقبل"، حيث نال المرشحين السنيين أكثر من 10000 صوتاً (بكر الحجيري 5994، حسين صلح 4974)، بينما نال حبشي 14858.
إنطلاقاً من ذلك، تلفت مصادر أخرى إلى أن حبشي يحتاج إلى ما يقارب 3000 صوتاً إضافياً لضمان فوزه، أي الوصول إلى الحاصل الإنتخابي، الأمر الذي يتوقف بالدرجة الأولى على قدرة المرشحين السنيين: زيدان الحجيري وصالح الشل، على جذب المقترعين السنة، مع العلم أن نجاحهما بذلك، بنسبة كبيرة، يفتح الباب أمام إمكانيّة اللائحة على المنافسة على مقعدين: ماروني وسنّي، لكن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، في ظل موقف تيار "المستقبل" الذي يشجع على المقاطعة.
بالنسبة إلى هذه المصادر، الرهان على الصوت السنّي يعود إلى ضعف المرشحين الشيعة على هذه اللائحة، بالمقارنة مع الذين كانت تضمهم لائحة "الكرامة والانماء" في العام 2018، خصوصاً أن المرشحين المنسحبين هما من عائلتين كبيرتين: أمهز ومشيك، بينما ذهاب مرشحين آخرين إلى هذه الخطوة سيصعب كثيراً من المهمة، لكنها تستبعد أن يقود ذلك إلى عدم حصول اللائحة على حاصل إنتخابي واحد، إلا بحال ترافقت مجموعة من العوامل السلبية معاً، أي رفع الحاصل والمقاطعة السنية الكبيرة بشكل أساسي.