على ضوء الطلب المقدم من كتلة "الجمهورية القوية"، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى جلسة عامة، في الساعة الثانية من بعد ظهر الخميس المقبل في قصر الاونيسكو، للنظر في طرح الثقة بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، الأمر الذي يفتح الباب أمام إحتمال أن يكون المجلس، في أيامه الأخيرة، أمام مواجهة من العيار الثقيل، عنوانها اقتراع المغتربين في الخارج.
في هذا السياق، من الضروري التذكير بأن الإعتراضات على أداء بوحبيب ليست بالجديدة، فهو سبق أن تعرض لأخرى من قبل قوى الثامن من آذار، على خلفية موقف الوزارة من الحرب في أوكرانيا، حيث اعتبر البعض أنه ينحاز إلى موقف الولايات المتحدة، لكن اليوم المعادلة مختلفة نظراً إلى أن طرح الثقة مقدم من حزب "القوات اللبنانية".
في البداية، من الضروري الإشارة إلى أن بوحبيب قد يكون الوزير الأول الذي تطرح فيه الثقة بالمجلس النيابي منذ إتفاق الطائف، نظراً إلى أن طبيعة النظام اللبناني، الذي يقوم أساساً على حكومات الوحدة الوطنيّة، كانت تمنع الوصول إلى هذه المرحلة، حيث يؤكّد الخبير القانوني والدستوري الدكتور عادل يمين، في حديث لـ"النشرة"، أنه لا يظن أن هذا الأمر حصل مع أيّ وزير، مشيراً إلى أنّ النائب السابق نجاح واكيم كان يطرح، في بعض المناسبات، الثقة بالحكومة بشكل كامل، لافتاً إلى أن هناك وزيراً أقيل في مجلس الوزراء هو الوزير الراحل جورج إفرام.
في هذا السياق، يضع يمين طرح الثقة بوزير، قبل أيّام قليلة من موعد الإنتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل، في إطار "التمريك" على الوزير نفسه والجهة السياسية التي رشّحته لهذا المنصب، أيّ أنّ الهدف الأساسي من هذه الخطوة شعبويّة إنتخابيّة، لكنّه يستبعد أن يؤثّر ذلك، في حال سحب الثقة منه، على تصويت المغتربين، نظراً إلى أن الوزير بالوكالة يستطيع أن يكمل المهمة.
بالتزامن، يوضح يمّين أنّ الأكثرية المطلوبة لسحب الثقة من الوزير هي الأكثريّة النسبيّة، أي أن التصويت بسحب الثقة يجب أن يكون أعلى من الخيارات الأخرى لدى النواب الحاضرين، حيث يمكن لكل نائب أن يصوت بسحب الثقة أو تأكيدها أو الإمتناع عن التصويت.
بناء على التوازنات الموجودة في المجلس النيابي، قد يكون قرار سحب الثقة يتوقف على موقف نواب كتلة "التنمية والتحرير"، نظراً إلى أن الإعتراضات على أداء بوحبيب كانت قد صدرت من جانب نواب "القوات" و"الإشتراكي"، في حين أن نواب "المستقبل" قد لا يمانعون توجيه ضربة إلى "التيار الوطني الحر" في هذا التوقيت بالذات، لكن في الوقت نفسه قد لا يفضلون منح "القوات" هدية من هذا النوع، في حين من الطبيعي أن يصوت نواب "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لصالح رفض سحب الثقة منه.
من ضمن السيناريوهات المطروحة، تبرز فكرة الذهاب إلى عدم تأمين نصاب إنعقاد الجلسة من الأصل، خصوصاً إذا ما تم التوافق على ذلك بين نواب الحركة والحزب والتيار، لا سيما في حال لم تكن هناك من رغبة في الذهاب إلى جلسة من الممكن أن تستغل شعبياً من قبل الأفرقاء الآخرين.
على المستوى السياسي، تستبعد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن يصار إلى سحب الثقة من وزير الخارجية والمغتربين، نظراً إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى إستقالة الحكومة برمتها، خصوصاً أن وجود أي وزير هو جزء من إتفاق سياسي كبير، وبالتالي لا يمكن أن يُترك من دون تأمين الأكثريّة التي تحول دون سحب الثقة منه.
في المقابل، يؤكّد أحد نواب كتلة "التنمية والتحرير"، لـ"النشرة"، أن ليس هناك من قرار لدى الكتلة حول كيفيّة التعامل مع الأمر حتى الآن، حيث يشير إلى أنّ الموضوع من المفترض أن يُبحث في إجتماع الكتلة غداً، لكن الأساس يبقى حول ما يمكن أن يُقدّم من معطيات ووقائع في طلب سحب الثقة من الوزير.
في المحصلة، المعطيات الراهنة ترجّح عدم الوصول إلى مرحلة سحب الثقة من وزير الخارجية والمغتربين، نظراً إلى التداعيات السياسية الكبيرة التي قد تترتب على ذلك، بينما المخرج قد يكون بين عدم توفّر نصاب إنعقاد الجلسة أصلاً أو عدم توفر الأكثرية التي تقود إلى هذا القرار.