منذ قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري العزوف عن المشاركة في الإنتخابات النيابية، المقرّرة في الخامس عشر من أيار المقبل، تتجه الأنظار إلى الدور الذي من الممكن أن يلعبه تيار "المستقبل" في هذا الإستحقاق، نظراً إلى المعطيات الّتي تشير أن التوجه سيكون مختلفاً بين دائرة وأخرى، بحسب الظروف التي تتحكم بمسار المعركة في كل منها.
في هذا السياق، كان من الواضح أن الخصم الأساسي لـ"المستقبل" في هذه الإنتخابات هو رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، بسبب سعي الأخير إلى تشكيل حالة سنّية على مستوى لبنان، رأى التّيار أنّ الهدف منها "وراثة" الحريري، بالإضافة إلى حزب "القوات اللبنانية"، الذي يعتبر أنّه "المحرّض" على رئيسه في السنوات الماضية.
في الوقت الراهن، يمكن الحديث عن أنّ "المستقبل"، بالرغم من قراره الرسمي الإبتعاد عن المعركة، سيكون لديه مجموعة من الخيارات المختلفة: دعم مرشّحين، المقاطعة، السعي إلى إسقاط مرشحين، حتى ولو كان ذلك بصورة غير علنيّة، لكن التوجه الجامع هو مواجهة السنيورة.
في دائرة بعلبك الهرمل، على سبيل المثال، حيث يتحالف السنيورة مع "القوات"، سيسعى "المستقبل" إلى المقاطعة، الأمر الذي يُضعف من فرص لائحة "بناء الدولة" بالوصول إلى الحاصل أو الفوز بأكثر من مقعد نيابي، بينما في دائرة "البقاع الغربي وراشيا" فإن التوجه هو نحو دعم اللائحة التي تجمع "الحزب التقدمي الإشتراكي" مع النائب محمد القرعاوي، لا سيما أنّ الأخير كان قد إلتزم بخيار عدم التحالف مع "القوات".
في هذه الدائرة، يتم التداول بمعلومات غير مؤكّدة عن إحتمال أن يذهب السنيورة إلى دعم لائحة "بقاعنا أولاً"، التي تضم مرشح "القوّات" داني خاطر، خصوصاً إذا ما تم إقناع بعض المجموعات السنّية بالتصويت لصالح المرشح خالد العسكر، الأمر الذي قد يقود إلى تأمين فوز اللائحة بحاصل إنتخابي، بينما في دائرة زحلة يبدو أنّ المواجهة ستكون مباشرة بين "المستقبل"، الذي يميل إلى دعم المرشّح على لائحة "سياديون مستقلّون" عمر حلبلب، والسنيورة، الذي يدعم المرشح على لائحة "زحلة السيادة"، المدعومة من "القوّات"، بلال الحشيمي.
ما ينطبق على زحلة ينطبق على دائرة بيروت الثانية، حيث المواجهة ستكون محتدمة بين لائحة "بيروت تواجه"، المدعومة من السنيورة، ولائحة "هيدي بيروت" التي يرأسها رئيس نادي "الأنصار" نبيل بدر، نظراً إلى أنّ العديد من الجهات في "المستقبل" تميل إلى دعمها بشكل علني. في حين أنه في عكار يغيب السنيورة عن الحضور الفاعل، بالرغم من أنه سعى في بداية المعركة إلى تشكيل لائحة موحّدة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، نظراً إلى أن نواب "المستقبل" نجحوا في تشكيل لائحة تصنّف على أساس أنها الأقوى في الدائرة.
بالنسبة إلى دائرة طرابلس المنية الضنية، يمكن الحديث عن ضياع لدى الجانبين، خصوصاً "المستقبل"، نظراً إلى وجود مرشّحين محسوبين على التيار في أكثر من لائحة، الأمر الذي يدفع البعض للحديث عن أن الدعم مختلف بحسب الدائرة الصغرى، بينما السنيورة، الذي يتحالف مع "القوات" في غالبية الدوائر، يدعم اللائحة التي يترأسها النائب السابق مصطفى علوش، الذي اختار الإستقالة من "المستقبل" لدعم توجهات رئيس الحكومة السابق، في حين أن "القوات" تتحالف مع الوزير السابق أشرف ريفي.
فيما يتعلق بدائرتي الشوف-عاليه وصيدا-جزين، فيمكن الحديث عن عدم وضوح المشهد بشكل كامل، حتى الآن، بالنسبة إلى خيار "المستقبل"، بينما السنيورة لديه مرشحين: سعد الدين الخطيب، على اللائحة "القوات" و"الاشتراكي" في الأولى، ويوسف النقيب، على اللائحة المدعومة من "القوات" في الثانية، حيث سيكون التيار أمام مجموعة من السيناريوهات في الدائرتين: دعم اللوائح التي تضم مرشحي السنيورة، خصوصاً أن الخطيب والنقيب مقربان منه أيضاً، دعم لوائح أخرى تضم مرشحين وصولهم إلى الندوة البرلمانية أفضل بالنسبة إليه، الإلتزام بقرار المقاطعة الذي يقود إلى تشتيت الأصوات.