ستتحوّل قضية الكابيتال كونترول طبعاً الى قنبلة نووية ستفجّر معها الوضع الاجتماعي نتيجة إصرار الحكومة على اقرار مشروع قانون، يرى فيه الشارع والنقابات وسيلة للقضاء على جنى العمر وعلى الودائع وحماية لاصحاب النفوذ وتحميل المودع الخسارة الكبيرة...
منذ حصول الاحتجاجات في 17 تشرين الاول 2019، والصراع الكبير قائم على "الكابيتال كونترول"، ففي حين كان يجب اقراره لمنع خروج رؤوس الاموال تم تطيير الجلسة واستمرّ تهريب الاموال. بقي الكباش وتم تطيير خطّة لازارد التي لم تحمّل المودع الخسائر بل أصحاب المصارف، واليوم وقعت الواقعة، فالحكومة اللبنانيّة وبذريعة اقرار الاتفاق مع صندوق النقد تريد اقراره مفصّلا على قياس النافذين من سياسيين وأصحاب سلطة ماليّة وتحميل المودع الخسائر.
في جلسة اللجان المشتركة "طار النصاب" ولم تتم إحالة المشروع الى مجلس النواب لاقراره، ولكن أمام هذا المشهد يبقى السؤال الأهمّ: "هل الكابيتال كونترول بنسخته الحالية هو ما يريده صندوق النقد الدولي"؟.
"الصندوق يفرض شروطاً مختلفة عن تلك الموجودة في قانون الكابيتال كونترول وقد شعرت السلطة السياسية ان الموجود سيجرّدها من حقوقها، لذا سعت الى اقرار هذا". هذا باختصار ما يراه المتخصص في الرقابة القضائيّة على المصارف الدكتور المحامي باسكال ضاهر، مشيرا الى أن "الكابيتال كونترول هو لوضع قيود على التحاويل على عكس مفهوم الكابيتال كونترول الحالي".
يذهب الدكتور باسكال ضاهر عبر "النشرة" أبعد من ذلك ليشدّد على أن "صندوق النقد يريد اعادة هيكلة المصارف ودفع ودائع الناس، ولكن المفارقة أن في خطة التعافي لم تتحدث الحكومة عن اعادة الهيكلة بل اعادة تأهيلها"، آسفا في النهاية أن "من وضع الخطّة ليس مطلعاً على قانون النقد والتسليف، إذ إن صندوق النقد الدولي ركّز على أهمية استقلاليّة المصارف وفصلها عن السياسة، بينما في الخطة يحاولون المسّ باستقلالية المصرف المركزي وتغيير وجهته"، مؤكدا في النهاية أنه "لا يجب المسّ بهذه الاستقلالية".
في سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة على الملف لـ"النشرة" أن "القانون الّذي حرّك النقابات الحرّة وبعض المصارف ضدّه أيضًا والذي تتحجج به الحكومة لإبرام الاتفاق مع الصندوق هو من سيعرقل الاتفاق مع "النقد الدولي" الذي يضع شروطا مختلفة تماما".
في المحصّلة هي "معركة" جديدة تُدار، وبحصيلتها تريد الحكومة انقاذ بعض النافذين القابضين على أموال الناس وتقضي على آخر قرش لهم، بعد أن هرّبوا الاموال خارج لبنان، واستمرّوا بمسلسل هدر المال العام والخاص، فما الذي دفع مجلس الوزراء ليستفيق اليوم على قانون يعاني من العته حسب الاختصاصيين بعد أن خرج القسم الاكبر من رؤوس الأموال؟ وهل هي تريد أن تشرّع للمخالفات التي قامت بها ببساطة، وتمنع رفع دعاوى من اللبنانيين لاستعادة أموالهم المنهوبة... بالنهاية تختصر المصادر القول إن الهدف هو الحصول على عفو مالي عام عن كلّ الحقبة السابقة يبرّئ ذمّة السارق على حساب المسروق!.