قبل نحو اسبوعين من موعد فتح صناديق الإقتراع، بدأ الحديث عن إمكانية أن تدفع المملكة العربية السعودية رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدخول المعركة الإنتخابية، لا سيما أن القوى، التي كانت تراهن على ملء الفراغ الذي تركه تيار "المستقبل" في الساحة السنية، تعاني من صعوبات كبيرة على هذا الصعيد، خصوصاً بعد أن ظهرت معطيات جدية على أن قرار التيار سيكون المقاطعة في أكثر من دائرة إنتخابية، نظراً إلى أن الحماسة التي يظهرها محصورة في دوائر الشمال، حيث يترشح العديد من نوابه الحاليين.
في هذا السياق، من الضروري التشديد على أنّ دخول الحريري على خط الإنتخابات قادر على قلب المعادلة في أكثر من دائرة، خصوصاً في تلك التي يملك فيها الحضور السنّي الدور المؤثّر، حتى ولو كان هذا الدخول على شكل الدعوة إلى الإقتراع فقط، من دون تشجيع لائحة على حساب أخرى، لكن الكثير من الأسئلة من المفترض أن تطرح حول مصلحة رئيس الحكومة السابق في ذلك، نظراً إلى أنّه سيكون لصالح القوى والشخصيات التي يحملها جمهوره مسؤوليّة إبعاده عن المشهد الإنتخابي.
على مستوى دوائر البقاع، يمكن التأكيد على أن دخول "المستقبل" إلى قلب المعركة يصب في صالح حزب "القوات اللبنانية" في دائرتين، ففي بعلبك الهرمل من الممكن أن يساعد الحزب في ضمان مقعد النائب أنطوان حبشي والسعي للفوز بأحد المقعدين السنيين، بعد أن كانت لائحته قد تعرضت لنكسة تمثلت بإنسحاب 3 مرشحين شيعة منها، أما في زحلة فتساعد لائحته على ضمان الفوز بمقعد إضافي والرهان على الفوز بمعقد ثالث، لا سيما إذا كنت نتيجة هذا الدخول التصويت لصالح المرشح المدعوم من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بلال الشحيمي.
أما على مستوى دائرة البقاع الغربي راشيا، فإن المعادلة من المرجح أن تكون مختلفة، نظراً إلى أن حضور "المستقبل" قد يكون لصالح اللائحة التي تضم "الحزب التقدمي الإشتراكي" والنائب محمد القرعاوي، لا سيما أن اللائحة التي تضم مرشح حزب "القوات اللبنانية" تحتاج إلى توجيه واضح بالتصويت لصالحها لضمان وصولها إلى الحاصل الإنتخابي.
بالإنتقال إلى دائرتي صيدا-جزين والشوف-عاليه، من المرجح أن يقود أي دخول لـ"المستقبل" على خط المعركة إلى تحصين واقع اللائحة التي تضم تحالف "الحزب التقدمي الإشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية" في الثانية، بشكل يضمن فوزها بالمقعد السني الثاني، أي المرشح سعد الدين الخطيب، نظراً إلى أن المعطيات ترجح أن يكون المقعد الأول مضمونا لصالح النائب بلال عبد الله، بينما في الأولى يعزز فرص فوز المرشح يوسف النقيب بأحد المقعدين السنيين، ويفتح الباب أمام لائحته، المدعومة من "القوات"، للفوز بمقعد ثان في جزين.
وفي حين من المتوقع أن يكون لأي مشاركة سنية كثيفة التأثير في دوائر أخرى لا تضم أي مقعد سني، كدائرتي بعبدا والبترون-الكورة-زغرتا بشري على سبيل المثال، التداعيات الكبرى من المرجح أن تكون في دائرة بيروت الثانية، نظراً إلى أن اللوائح الأخرى تراهن على إنخفاض الحاصل الإنتخابي عن الدورة الماضية، لضمان فوزها بالمزيد من المقاعد النيابية.
في هذه الدائرة، تتنافس بشكل أساسي لائحتين على الفوز بالأصوات التي تعود إلى "المستقبل": اللائحة التي يرأسها الوزير السابق خالد قباني، المدعومة من السنيورة، واللائحة التي يرأسها رئيس نادي "الأنصار" نبيل بدر، المدعومة من قبل بعض الجهات في التيار، وبالتالي أي حضور كثيف لهذا الجمهور في الإنتخابات من المفترض أن يصب في صالح اللائحتين، إلا بحال وجود قرار بتوجيه الأصوات نحو لائحة واحدة، وهذا ما سيكون صعباً ومستبعداً، لكن الأساس أنه سيصعب من مهمة اللوائح الأخرى في زيادة عدد المقاعد التي من الممكن أن تحصل عليها.