لفت وزير الثّقافة محمد وسام المرتضى، خلال إحياء وزارة الثقافة بالتّشارك مع مؤسسة "أرض المبدعين"، احتفاليّة "مئويّة وطن" في قصر الأونيسكو، تمّ خلالها تكريم عدد من "المبدعين" في مجالات متنوّعة، إلى أنّ "بيروت برغم ما نالها من حروب وزلازل وتداول حكّام واحتلالات، بقي ملتصقًا بها وصف أمّ الشّرائع فقط"، مشيرًا إلى أنّه "ليس كثيرًا أن نقيم كلّ يوم احتفالًا لتكريم المبدعين اللّبنانيّين، ذلك أنّهم على سعة انتشارهم في مواضع الأرض وميادين المعرفة، تكاد السّنة لا تكفي أيّامها لإيتائهم حقوقهم وعرفان أفضالهم، أشخاصًا وإنجازات".
ورأى "أنّنا لعلّنا الآن في أمسّ الحاجة إلى ذلك، في غمرة ما يحيط بنا من أزمات انعكست سلبًا على صورة الوطن لدى شعبه وشعوب العالم، حتّى أنّ مواطنين كثيرين باتوا يختارون خطر الموت غرقًا في أمواج البحر، على الموت البطيء الّذي يذوقونه كلّ يوم بسبب الأوضاع الاجتماعيّة المزرية الّتي يكابدونها، وقد رأينا على ذلك مثالًا صارخًا في ما شهدته طرابلس منذ أيّام، من كارثة وطنيّة وإنسانيّة".
وركّز المرتضى على أنّ "بعيدًا عن الشّعارات والأمنيات، تضعنا هذه الصّورة أمام حقيقة مرّة بتناقضها: وطن يزخر بالمبدعين، لكنّهم مغيّبون فعليًّا عن الأدوار الّتي ينبغي أن يلعبوها للإنقاذ، فيما اتّخذ بعضهم لأنفسهم مواطن عمل وإنجاز في بلاد الله الأخرى. فأمّتنا تصدّر مبدعيها ليثري منهم البلد الغريب، وتزداد الصّورة تناقضًا وألمًا إذا تذكّرنا كيف سارت ممارسة الحكم عندنا منذ الاستقلال -من غير أن أعمّم طبعًا- في مسار مخالف للأفكار التّنويريّة الّتي نشرها المفكّرون اللّبنانيّون في الشّرق كلّه".
وبيّن "أنّنا قد آثرنا، إلّا في مراحل قليلة، التّقوقع بدل الانفتاح، والحمية الطّائفيّة بدل العصبيّة الوطنيّة، والتّشرذم بدل الوحدة، والخصام بدل السّلام، كأنّ بين الفكر والفعل عندنا عداوة يقول فيها الواحد للآخر: هذا فراق بينى وبينك، أو كأنّ نصب المحاور الدّاخليّة هو الّذي يقي من الانخراط في محاور خارجيّة، أو كأنّ التّنابذ بين المواطنين هو الّذي يفتح أمامهم باب الحياد، أو كأنّ القوّة الّتي نملك فكريّة كانت أم سياسيّة أم اقتصاديّة أم عسكريّة، ليست ملك الجميع ومن أجل الجميع".
وأوضح أنّ "دور المبدعين يكمن في أن يقدّموا المثال الحيّ عن الإبداع الّذي يتنافس فيه أهله ارتقاء إلى فوق، إلى حيث تسكن القيم العليا في مساكن الفنون والجمالات والمعارف. ذلك خير وأبقى في ضمير الوطن من كلّ صراعات الكراسي والسّيادات الجوفاء".