أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، إلى أن "البلد منقسم بخياراته بين "خيار مقاوم" و"خيار مقاول" بين "طبقة تضحيات وطنية" و"طبقة سماسرة"، وواشنطن كمشروع سيطرة معها حلف إقليمي دولي تشد الخناق بكل إمكانياتها على البلد بهدف استسلامه، ولها أدوات داخلية متأمركة أكثر من الاميركان، وعينها على مصالح تل أبيب في البلد".
وأكد "أن حماية لبنان أكبر مقدساتنا، ولا خيار لدينا إلا حمايته وحماية هويته ومشروعه السياسي والكياني. وفي هذا المجال واشنطن وحلفها الإعلامي والمالي والسياسي يقدم أزمة لبنان الكارثية على أنها أزمة رغيف وليرة وتفليس سياسي، فيما البلد ضحية أخبث مشروع أميركي، لم يترك وسيلة مالية ونقدية واقتصادية وسياسية وإعلامية إلا واعتمدها، وعينه على المقاومة وسلاحها، والهدف صهينة لبنان، تماما كما حصل في العام 1982، الذي اتبعته واشنطن بقوات متعددة الجنسيات كقوة دعم ومؤازرة لمسح سيادة لبنان وهويته عن الخريطة، فالمعركة اليوم معركة هوية ووجود سيادي ودفاع سيادي كيوم الأحزاب، والأدوات فيها كل الامكانات المؤثرة، والمطلوب منا كمؤمنين ووطنيين حماية البلد والعيش والمشترك ومشروع الدولة ليس من واشنطن فحسب، بل من نواطيرها الذين لم يتركوا وسيلة لخدمة أهداف واشنطن المدمرة إلا واعتمدوها".
وأعرب قبلان عن دهشته "مما قاله البطريرك الراعي بأن مشكلة البلد بسلاح المقاومة، سائلا أين المقاومة وهي تقاتل في سوريا والعراق واليمن وغير ذلك؟! وأن إيران تنتهك سيادة لبنان!"، متأسفا لأن "غبطته لا يرى بعين لبنان، فهذا أقرب لعقلية المتصرفية من عقلية لبنان الوطن والعيش المشترك"، مؤكدا "أننا لا نريد أن يبقى لبنان محتلا أو مهزوما أو مفتوحا على الاحتلالات المختلفة، وكأننا لا نعرف أن لبنان كان ممسوحا عن الخريطة، فاستعادته المقاومة، وأن لبنان كان مخطوفا فحررته المقاومة، وأن لبنان كان أسيرا بين جنازير الدبابات الإسرائيلية فحطمتها المقاومة، وأن مؤسسات لبنان الدستورية كانت محتلة بآلة الحرب الصهيونية فلم ينجدها إلا المقاومة، وأن لبنان كاد يتحول ولاية تكفيرية، فلم تنقذه إلا المقاومة، وأن المناطق المسيحية التاريخية في سوريا والعراق استباحها التكفيري المجرم فلم يدافع عنها أو يحررها إلا المقاومة، أما الميليشيا فهي خطف على الهوية، وحواجز طائفية ومتاريس، وعمالة، وقتل قيادات وطنية، وتفجير كنائس ومساجد وأماكن شعبية، وليست لتحرير وطن وإنقاذ دولة وشعب كما فعلت المقاومة، أما معركة المقاومة في الإقليم فكانت أكبر ضرورة وطنية لحماية مصالح لبنان العليا من المشروع الأميركي، الذي أراد تحويل سوريا ولبنان إلى ساحات قتل وأشلاء، إلا اذا كنا لا نرى مشكلة في مذبحة "صبرا وشاتيلا" ومذابح الجبل والاحتلال الإسرائيلي".
وشدد على أن "لبنان بلا مقاومة بلد محتل، ولولا المقاومة لكان لبنان بخبر كان، ولكان سكان لبنان اليوم يتكلمون العبرية؛ ومن خرب لبنان واشنطن وليست طهران، ومن يحاصر لبنان ويشد الخناق على اقتصاده وعلى شعبه واشنطن وليست طهران، فإيران واكبت لبنان بكل إمكاناتها كي يتحرر، بعيدا عن لغة الغنائم، فقط ليبقى لبنان وطنا سيدا للمسيحي والمسلم معا"... معتبرا أنه "من الواجب علينا أن نكون منصفين، بميزان المسيح ومحمد، وأن نقول الحق ولو على أنفسنا، لأنه لم يمر على لبنان مقاومة أشرف من هذه المقاومة، ويكفيها فخرا أن أول من زرع بذرتها هو الامام السيد موسى الصدر، وبالأمس واليوم وغدا المقاومة تبقى عرين سيادة لبنان، وسلاحها ضمانة وجوده واستقلاله، ولن نبكي على الأطلال، ولن يعود لبنان متصرفية أو انتدابا أمميا، بل سيبقى لبنان بلد العزة والشراكة الوطنية الى أبد الآبدين".
ووجه قبلان خطابه للشعب اللبناني بالقول: "المعركة الانتخابية معركة خيارات، ويوم الأحد فاصل في تاريخ هوية لبنان، ولأننا لا نريد حواجز ومتاريس طائفية، وذبحا على الهوية، وثكنات صهيونية، قلنا بأن خيارنا الانتخابي المحسوم هو الثنائي الوطني المقاوم مع كل حلفائه، والتصويت لهذا الحلف واجب وطني وأخلاقي وديني، والصواريخ التي تحمي لبنان من الخراب أهم بمليون مرة من صواريخ "أيلون ماسك"، لأن "أيلون ماسك" يريد إنسانا على طريقة صواريخ السياحة الفضائية للنخب التي تمتص دماء الشعوب، فيما نحن نريد وطنا محميا بصواريخ المقاومة كي نمنع قتل ودمار وطن الانسان، وشتان بين القاتل والمقتول. ولذلك انتخبوا لبنان السلم الأهلي والشراكة الوطنية، وليس لبنان المتاريس، انتخبوا لبنان الحر القوي بقوته، لا لبنان المهزوم المحتل بضعفه، انتخبوا لبنان العيش المشترك، لا لبنان صبرا وشاتيلا العار، لبنان العائلة الواحدة، لا لبنان الدويلات الطائفية، لبنان السيادة الوطنية والسياسية، لا لبنان الثكنة الصهيونية، انتخبوا من حمى بلدكم وأعراضكم واستعاد دولتكم ومؤسساتها، وقطع يد الإسرائيلي والتكفيري عنها، لا من شارك الإسرائيلي والتكفيري بقتل أبنائكم، وارتكب أسوأ المجازر الوطنية والإنسانية في حق البلد والدولة والقيادات الوطنية فيها".
وأضاف: "لإخوتنا المسيحيين أقول: خيارنا وخياركم الاعتدال الانتخابي والسياسي والوطني، وما جرى في "الطيونة" كان مثالا مصغرا لخيار حرب أهلية، وهذا أخطر خيار على العيش المشترك، وعلى الوجود المسيحي في لبنان، والمسيحي روح وقلب وكرامة وتاريخ وحاضر ومستقبل، معا عشنا ومعا نعيش، وبنا يقوم لبنان، والاستفتاء يوم الأحد على أي لبنان نراهن وعلى أي لبنان نريد".