أكد السيد علي فضل الله، خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، أنّ "الانتخابات التي ستكتمل فصولها في الخامس عشر من شهر أيار، بعد التي جرت في الخارج، والتي على أساسها سيختار اللبنانيون ممثليهم لأربع سنوات قادمة ستكون حبلى بالمسؤوليات والاستحقاقات التي تقع على عاتق المجلس الجديد بعد المنحدر الذي وصل إليه هذا البلد والمعاناة التي تواجه اللبنانيين على كل الصعد والتي لم يعودوا قادرين على تحمل أعبائها.من هنا، فإننا نجدد دعوتنا للمواطنين إلى أن يكونوا على قدر المسؤولية في اختيار من يمثلهم، أن يدرسوا جيدا توجهاتهم، أن يدرسوا تاريخهم ومدى صدقهم وأمانتهم وقدرتهم على الصمود أمام إغراءات المال والسلطة وكفاءاتهم وإمكاناتهم، ومدى حضورهم على صعيد التشريع أو الرقابة، وهل سيقفون معهم ويعبرون عنهم عندما تواجههم الأزمات والصعوبات".
وقال: "إننا لا نريد للبنانيين أن ينطلقوا في خياراتهم من منطلق عاطفي أو عصبوي أو لقاء خدمات قدمت لهم أو أعطيات أو حسابات خاصة أو مصالح فئوية، بقدر ما نريدهم أن يفكروا من وحي الآلام التي عانوا ويعانون منها وعلى قدر الآمال التي يطمحون إليها ببناء وطن يريدونه ونريده أن يكون قويا بسياسته واقتصاده وأمنه وقادرا على حماية نفسه، لا يتسول ولا يستجدي الآخرين الذين لن يعطوه إلا بأثمان باهظة، بلدا عزيزا حرا بعيدا من الارتهان والتبعية وخاليا من الفساد والهدر الذي أكل أخضر لبنان ويابسه ولا يزال، وبعيدا من السياسات التي جرت الويلات على اللبنانيين، سياسات الإلغاء والإقصاء والعزل والتهميش لأي طائفة من طوائفه وأي مكون من مكوناته".
وشدد أنه "على اللبنانيين أن يعوا أن أصواتهم هي السلاح الأمضى بين أيديهم، فلا يضيعوها ولا يفرطوا بها، ويضعوها في الموضع الصحيح الذي يعذرون فيه أولا لدى ربهم، وبعد ذلك لدى الوطن الذي من واجبهم أن يحفظوه إلى الأجيال القادمة، وأنهم عندما يضعون أصواتهم هم بذلك يقررون مستقبلهم ومستقبل أولادهم ومصير وطنهم. وأنا على ثقة بأن اللبنانيين الذين خبروا المرحلة السابقة بكل ما جرى فيها، هم قادرون على أن يميزوا بين من كان الأمين والصادق والحريص على الوطن وإنسانه ولم يساوم في كل ذلك، ومن أراده بقرة حلوب له ولمن حوله، ما جعله رهينة الخارج يتلاعب به كما يشاء".
وتابع: "إن على اللبنانيين أن لا يغفلوا وهم يحددون خياراتهم، أن هناك عدوا يتربص بأمنهم وثرواتهم ويرى لبنان دائما نقيضا لمشروعه العنصري، أن لا يسمحوا لأحد بالتفريط بما تحقق من إنجازات وفرت لهم الأمن والسلام والاطمئنان، وخلقت توازن رعب مع العدو يمنعه من استباحة الوطن كما كان يفعل سابقا، وجعلته يهابهم بعدما كان هذا البلد مسرحا له".
وأكد أنّه "من المؤسف أن هناك من بنى مشروعه الانتخابي تحت شعار نزع سلاح المقاومة، هذا السلاح الذي وجد لحماية الوطن كل الوطن وسيبقى على ذلك.. في وقت الكل يرى بأم عينه هذا العدو لا يزال يستبيح بره وبحره وجوه وسيادته ولا يتوانى أن يهدد ويتوعد قراه ومدنه، وهو يقوم اليوم بأضخم مناورة عسكرية على حدوده لن يكون لبنان بمنأى عن تداعياتها إن لم تقع اليوم ففي المستقبل الذي قد يكون قريبا.. وفي وقت يدير ظهره للمطالب اللبنانية ويستعد للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز ولو على حساب حقوقنا وثرواتنا".
وأضاف:" ونبقى في إطار هذا الاستحقاق الانتخابي لنعيد التأكيد على ضرورة إتمام هذا الاستحقاق الانتخابي بعيدا من أجواء التوتر والانفعال الذي يخشى أن ينعكس على الأرض. ونقول لمن يعيش التوتر في داخله أن مكان التعبير عن هذا التوتر هو في صناديق الاقتراع؛ لا في أي موقع آخر. فالانتخابات وجدت للتعبير عن خيارات اللبنانيين وليست لزيادة الشرخ والانقسام بين مكونات الوطن التي لا خيار لها إلا أن تعيش وتعمل معا".
واكد "اننا نريد لمرحلة ما بعد الانتخابات أن تكون مرحلة يتفرغ فيها الجميع لبناء وطن لا نريده أن يضيع أو يتداعى أو يتسول حتى يحصل على حاجاته وأدنى متطلباته أو يستجدي صندوق النقد الدولي لشراء خبزه في مقابل الارتهان لشروط قد تؤدي إلى ارتهان البلد لسياسات خارجية تمس ثرواته وسيادته. إننا نريد لكل القيادات اللبنانية سياسية كانت أم روحية أن تعي أن المخرج لعلاج هواجسها ومخاوفها التي تجعلها تنظر بريبة إلى الطوائف الأخرى، هو في عودة الثقة بين أطرافها، لكن ذلك لن يحصل بالتراشق بالاتهامات والتخوين، بل بالحوار البناء الموضوعي والهادئ والبعيد من الصخب الإعلامي والذي به تزول الهواجس وترتفع الأوهام. ونحن على ثقة عندها بأن القيادات اللبنانية تستطيع أن تصل إلى موقف موحد يعيد بناء الدولة على أسس راسخة، تتيح مواجهة الأزمات على كل الصعد، إن صفت النيات وأصغى كل للآخر بعيدا عن الخلفيات والأحكام المسبقة".
وختم: "وبالانتقال إلى فلسطين، حيث يستمر العدو الصهيوني في استكمال مشروعه العنصري الذي أدى إلى نكبة فلسطين والتي نعيش اليوم ذكراها السنوية، فنراه يواصل ممارساته العدوانية تجاه الفلسطينيين سواء في الحصار الدائم لقطاع غزة لإخضاعه أم في ممارسته القتل في الضفة الغربية وهدم البيوت والاغتيال، وكان آخر جرائمه هو اغتياله للإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، والذي يشير إلى عمق المأزق الذي يعيشه هذا الكيان بعد العمليات التي طاولت عمق كيانه، وإلى خوفه من الصوت الذي يفضح جرائمه بحق الشعب الفلسطيني. ومن هنا فإننا نشد على أيدي الشعب الفلسطيني وندعوه إلى الاستمرار في الدفاع عن هذه القضية، الذي به وحده يحقق هذا الشعب أهدافه ويحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة".