لم تكن دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطابه الأول بعد إجراء الإنتخابات النيابية، الى تهدئة البلد سياسيًا وإعلاميا، من فراغ، حيث ظهرت أولى معالم التصعيد ضمن فريق الثامن من آذار، والتي بدأت من خطاب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولم تنتهِ عند تغريدات المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب السابق نبيه بري، علي حسن خليل.
"حزين على جزين الجريحة التي انسرق تمثيلها بحكم الأنانية والحصار"... بهذه الكلمات افتتح باسيل "إحتفال الإنتصار" بالإنتخابات، الذي أقامه التيار، وبهذا الإفتتاح، تتضح طلائع معالم جولة الصراع العونية-الحركية، حيث يرى مراقبون بأنّ الأخير يقصد في طيّات كلامه حركة أمل، حيث لم يصل الحركيون والتياريون الى اتفاق في جزين، مما أدى الى عدم قدرة أي من مرشحيهم، من الحصول على مقعد نيابي، كما وأدى عدم التحالف ضمن لائحة واحدة، الى ذهاب مقعدين نيابيين، كان يشغلهما التيار الوطني الحر، الى منافسه الأول على الساحة اللبنانية، حزب القوات اللبنانية.
وتجلّى الهجوم البرتقالي، حينما سأل باسيل عن المانع من تغيير رئيس مجلس النواب ولو لشخص من نفس الفريق "طالما المقاومين والأوادم كتار"؟، رافضا منطق مقايضة موقع رئاسة المجلس بنيابة الرئاسة، وذلك بعد ساعات على ترشيح كتلة التنمية والتحرير، رئيسها نبيه بري، لرئاسة المجلس.
لم يمضِ الكثير من الوقت حتى أتى الرد الحركي من النائب خليل، الذي اعتبر أن باسيل توهم أنّ هناك من يفاوضه ليضع دفتر شروط، نافيا نفيا قاطعا وجود طرح للمفاوضة مع التيار أو مع غيره، لإيصال بري الى سدّة رئاسة البرلمان.
لم يكتف خليل بحصر رده على ملف رئاسة المجلس، الا أنه استطرد بالحديث عن صفقات وسمسرات، ليعود الخطاب الحاد الى الواجهة بعد أن هدأت الأمور في المرحلة السابقة بحكم التحالف، او التناسق في أغلب الدوائر الإنتخابية، مستخدما الهجوم الحركي القديم الجديد على باسيل والعهد، عبر قوله بأنه يسعى وبرّي "لإخراج البلد من عمق الأزمات التي أورثنا إياها عهدكم كرئيس ثانٍ رديف للجمهوريّة".
وبين وهذا وذاك، دخل قادة وحزبيون من الفريقين على جبهات وسائل التواصل الإجتماعي، ليلتحق بهم جمهور شرع باتهامات متبادلة أشبه بحرب مفتوحة، في ظلّ حقيقة واحدة، هي أن الأزمات التي تنتظرنا هي "نقطة في بحر" ما مرّ، وأنّ دولار السوق السوداء، أقفل على سعر صرف قاسٍ.