يستعيد الحراك السياسي والشعبي الفلسطيني في لبنان نشاطه وزخمه هذا الاسبوع بعدما فرضت الانتخابات النيابية جمودا موقتا داخل المخيمات وخارجها منذ اسابيع قليلة لتمرير هذا القطوع الذي يتطلع اليه اللبنانيون بكثير من الامل للتغيير وطوق نجاة لبدء معالجة الازمات الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي أرقتهم على مدى السنوات الماضية وجعلت غالبيتهم فقراء وتحتخط الفقر المدقع مع الغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي.
وعلمت "النشرة"، ان عشرات المؤسسات والجمعيات العاملة في الوسط الفلسطيني لبنان ستعقد مؤتمرا صحفيا صباح الخميس في 26 أيار الجاري، في مركز "بيت أطفال الصمود"، في مخيم "مار الياس" في بيروت تطلق فيه "الحملة الشعبية الدولية" تحت عنوان "الاونروا حقي حتى العودة"، تزامنا مع احياء ذكرى النكبة الرابعة والسبعين.
وتهدف الحملة الى حماية "الاونروا" من انهائها وحتى تقليص خدماتها، مع الاستهداف السياسي المتزايد لها من خلال تجفيف مصادر دعمها وتمويلها، حيث تترنح تحت عجز مالي كبير يفوق المئة مليون دولار، ومع اقترح المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني في رسالة الى مجتمع اللاجئين لقيام بعض المؤسسات الدولية تقديم خدمات نيابة عن "الأونروا"، ما اثار ضجة كبرى في الاوساط الفلسطينية اجماعا على رفضه لانه يعني عمليا تفكيك الوكالة والمساس بجوهر قضية اللاجئين وشطب عنوانها السياسي وتحويلها الى انساني-اغاثي، تحت ذريعة العجز المالي المتراكم، بينما المطلوب هو السعي الى تأمين التمويل لديمومة عملها الذي أسست من اجلها في غوث وتشغيل اللاجئين.
ويقول مدير "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" الكاتب علي هويدي لـ"النشرة"، ان الحملة تهدف بشكل رئيسي الحد من استهداف الوكالة وتقديم الدعم السياسي والمعنوي والمادي المطلوب كي تؤدي دورها وتنفّذ برامجها دون أية صعوبات أو عوائق، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، برامج التوعية المختلفة وأدواتها، الحضور الإعلامي المكثف، تفعيل "السوشيال ميديا"، تنظيم ندوات ومحاضرات ومؤتمرات وإعداد دراسات وأبحاث، وتوجيه الرسائل إلى صنّاع القرار من السياسيين والدبلوماسيين في دوائر ومؤسسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإجراء حوارات ولقاءات مع متخصصين ومؤثرين، إنتاج مواد إعلامية، صالونات حوار ونقاش، زيارات ميدانية للمخيمات وسفراء الدول المعنية والبرلمانات والحكومات والجهات ذات التأثير.
ومن المتوقع ان يشارك في الحملة ممثلون عن مؤسسات وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، مؤسسات إعلامية وثقافية واجتماعية، جامعات، معاهد، أندية رياضية، لجان شعبية وأهلية، منظمات حقوقية، مؤتمرات، اتحادات، نقابات، مبادرات شبابية، برلمانات مدرسية، منظمات نسائية، وبمشاركة المؤسسات الأعضاء من خارج لبنان عبر المنصة الرقمية (زووم).
توازيا، تستعد القوى السياسية واللجان الشعبية الى تنظيم سلسلة تحركات احتجاجية امام مراكز الاونروا في لبنان بعدما لم تجدِ محاولاتها السلمية ثني المفوض العام لازاريني من التراجع عن اقتراحه، وقد بعثت اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان رسالة تطالبه بعدم تجاوز صلاحياته والعمل على تأمين التمويل بدلا من العمل على شطبها، تماشيا مع محاولات الضغط على الدول المانحة وصنّاع القرار لوقف أو تخفيض ما تقدمه من تمويل لتغطية نفقات الخدمات كافة التي تقدمها الوكالة من التعليم والصحة والإغاثة والبنى التحتية لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجل في مناطق عملياتها الخمس (الضفة الغربية بما فيها شرق القدس المحتلة، قطاع غزة، الأردن، سوريا ولبنان).
ويعيش اللاجئون في لبنان قلقا متزايدا من محاولات استهداف قضية العودة وشطب القرار 194 الذي أكد حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات، وقد تكرر ذكره في قرار إنشاء وكالة "الأونروا" رقم 302 لسنة 1949 ثلاث مرات، ويؤكد عضو "اللجنة الشعبية الفلسطينية" لمخيم عين الحلوة عدنان الرفاعي لـ"النشرة"، ان الهدف انهاء "الاونروا" ضمن المشروع الاميركي الصهيوني في المنطقة، معتبرا ان ما يدفعون لدعمها فتات الاموال امام الحروب والتجارة وبناء الاقتصاد في المنطقة.
وفي خطوة خطيرة، تساءل الرفاعي لماذا قامت مسؤولة الشؤون في وكالة "الاونروا" منذ اشهر بنقل ملفات اللاجئن من عمان–الاردن الى الاونيسكو في بيروت، وهل هذا مقدمة لشطب حق العودة رغم تبريرها ان الهدف الحصول جلب الاموال وتأمين المساعدات، ولماذا جرى اقتراح "بصمة العين" التي اسقطت فلسطينيا وهل الهدف منها اجراء احصاء ميداني لمن يقيمون في لبنان وليس المسجلين على قيود الاونروا فقط تمهيدا لتوطينهم، ولماذا اقتراح المفوض العام لازاريني الان، باعتقادي ان كل ذلك يأتي في اطار مشروع سياسي لمحاربة الاونروا وتصفيتها.
وشدد الرفاعي، ان المطلوب مواجهة سياسية فلسطينية وعلى اعلى المستويات فصائليا وليس فقط شعبيا او مؤسساتيا، ودراسة كل الخطوات بعناية شديدة، لان اي اقفال لمراكز "الاونروا" في المخيمات وخارجها في هذه المرحلة تحديدا قد تستفيد منه الادارة للايحاء بان اللاجئين انفسهم يرفضون الخدمات وقد تتخذها ذريعة لاستكمال مشروعها في انهاء عملها وتقليص خدماتها، وهي أصلا بدأت بها من خلال الغموض في عملية صرف الدولار ودفع الخدمات باللبناني، وقد تناهى الى مسامعنا انها اعادة نحو 8 ملايين دولار الى عمان، فيما اللاجئون يبحثون عن لقمة عيش وحبة دواء ومستشفى للعلاج فيه بكرامة، وفي خلاصة القول ان المطلوب التأكيد ارتباط وكالة "الأونروا" بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة وتضافر جميع الجهود لوقف استهدافها، وحمايتها، والدفاع عنها، والحفاظ عليها، وتصويب أدائها، إلى حين انتهاء السبب الذي لأجله تأسست، أي بعودة اللاجئين إلى ديارهم.