أحيت الجامعة الأنطونية عيد شفيعتها سيدة الزروع الذي صادف هذا العام ختام السنة اليوبيلية الخامسة والعشرين لتأسيسها، بدعوة من رئيسها الأب ميشال جلخ. وللمناسبة، أقامت الجامعة قدّاسا إحتفاليّا في كنيسة سيدة الزروع في حرم الجامعة الرئيس في الحدت- بعبدا، ترأسه الأب جلخ وعاونه مديرا الفرعين في النبي أيلا- زحلة ومجدليا- زغرتا، الأبوان ريمون هاشم وطانويس عزيز، وشارك فيه لفيف من الرهبان الى جانب عمداء الكليّات، الأساتذة، والموظفين الإداريين والطلاب.
بعد القداس، توجّه الأب جلخ بكلمة قال فيها: "نحن نختَتِم اليوم عامَ الجامعة اليوبيليّ، ونحتفل بِطَيِّها ربعَ قرنٍ من العمل الدؤوب الطموح في خدمة التعليم العالي والبحث العلميِّ والعمل الثقافيِّ والخدمة المجتمعيَّة. وأشار الى أن على الرغم من كلِّ شيء، ما زال في جعبتنا الكثير ممّا قد نفاخر بإنجازه، لكن أظنُّ من واجبنا الأخلاقيّ أن نكسرَ ثقافة التعمية وإنكار الواقع الذي نعيش فيها. قائلًا: من واجبنا أن نقرَّ أنَّه لم يعد بالإمكان الكلام والتصرُّف كما لو أنَّ اقتصادَنا لم ينهَر، ومرفأنا لم ينفجرْ، وجنى أعمارنا لم يُنهب، وأنَّ الباب لم يُصفَق بوجه أحلام طلّابنا.
وأوضح أن "من واجبنا الأخلاقيِّ، قبل المسارعة إلى أدبيّات الصمود والنهوض والتغلُّب على الصعاب، أن نعترف أنَّنا في أزمة عميقة ونبني على الشيء مقتضاه بدءًا بما نقولُه. فالأمانة الأخلاقيَّة تقتضي منّا الاعتراف أنَّ عالمًا بكلِّ مقدَّراته ومعانيه وعناوينه قد انتهى، ولن تنفعَ الشعارات والطقوس والنبرات العالية بتغيير هذا الواقع". وأشار إلى أن "من موقعنا في الجامعة، نشهد بشكل مرعب النزيف البشريَّ الحادّ الذي يهدِّد بنية المجتمع وآماله بالنهوض يومًا، ونعاين ونعايش الهبوط الحادّ في المعنويات الذي جعل اللبنانيين يفتِّشون عن رزقهم خارج بلدهم، وضيق النفَس الجماعي الذي يكتم كلَّ شيء حتى صرخة النجدة".
ورأى جلخ، أن "من شأن تزامن يوبيل الجامعة مع أزمات لبنان الكثيرة أن يُعيد تصويب أنظارنا إلى معنى اليوبيل الأصليّ، لنعيشه كدعوة لتذكُّر جوهر الأشياء. وقال: "من هذه الزاوية، قد يكون سلوكنا اللااحتفالي هذا العام أكثر يوبيليَّة من أيِّ احتفال، فقد عشنا معًا سنة يوبيليَّة حقيقيَّة، سِمتها الأساسيَّة التكافل والتضامن لتخفيف وطأة الأزمة بعضنا عن بعض، وسهرنا حَصرًا على من هُم روح الجامعة التي لا ينبغي أن تؤخذ منها".
ولفت الى أن التحدِّي اليوم يكمن في التماسك في فترة الاهتزاز هذه، ودعا للحفاظ على بعضنا البعض، فلا تذهبَ الأزمة والتضحيات المرتبطة بها هباء، بل تكون فرصة لبناء مستقبل أكثرَ عدالة وإنسانيَّة واستدامة. وعلى أن نجد في الظلام الحالك الذي يلفُّنا سبلًا للتلاقي والتفكير معًا للخروج من النفق ولبناء وطنٍ جدير بالحياة.