أشارت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، كلودين عون، إلى أنه "عندما نتحدّث عن مكافحة الفقر، نبحث عادة في سبل تأمين حاجات الإنسان الأساسية من غذاء ولباس ومأوى وطبابة، وقلّ ما ننظر إلى حاجة خاصة بالفتيات والنساء إلى مستلزمات صحية تتيح لهنّ الاستمرار بنشاطهنّ اليومية خلال الدورة الشهرية".
وأوضحت عون خلال طاولة مستديرة تحت عنوان "فقر الدورة الشهرية في لبنان، إيجاد وتبني حلول مستدامة"، أن "هذه الحاجة تبقى غير معلنة وكان هناك توافقاً ضمنياً على عدم التكلم عنها بسبب اعتقاد سائد بأن الأمر يتعلّق بموضوع حميمي لا يجوز التطرق إليه في العلن، في حين هو أنه موضوع طبيعي يتعلّق بالتكوين الطبيعي للإنسان الأنثى".
ولفتت إلى أنه "عبر مكافحة الفقر، نرمي أولاً وآخراً إلى رفض وضع كرامة أي انسان على المحك بسبب انعدام وصوله إلى موارد مالية تتيح له سدّ حاجاته الأساسية. ومن الحاجات الأساسية خلال الدورة الشهرية، حصول النساء والفتيات على المستلزمات الصحية الضرورية وعدم حصولهنّ على هذه المستلزمات يؤثر على صحتهنّ من الناحيتين الجسدية والنفسية".
وأردفت: "فبالإضافة إلى التعرض لمخاطر صحية، تنتج عن النقص في توفر ما يُعرف (بالفوط الصحية) للإناث، يرتّب فقر الدورة الشهرية أثاراً سلبية على نفسيتهنّ تتمثّل بالانطواء على الذات، وافتقاد الثقة بالنفس وتترجم في الحياة الاجتماعية، بالانعزال وبالتغيُّب الدوري عن صفوف الدراسة وعن أماكن العمل خلال الدورة الشهرية. وهذا الأمر يقللّ من الفرص المتاحة للفتيات في النجاح وفي تحقيق ذواتهنّ".
وذكرت رئيسة الهيئة الوطنية، أن " الأزمة الاقتصادية اليوم تهدّد وصول أعداد متزايدة من الفتيات والنساء إلى مستلزمات الدورة الشهرية. فاستناداً إلى المعطيات الاحصائية أصبح 50 بالمئة من اللبنانيين يعانون من الفقر، ما يؤثر مباشرة على حوالي 700,000فتاة وإمرأة أصبحن غير قادرات اقتصادياً على الحصول على المستلزمات الصحية الضرورية المتعلّقة بالدورة الشهرية. فقد ارتفعت أسعار الفوط الصحية في لبنان منذ خريف 2019 ولغاية بداية 2021 بنسبة حوالي 320 بالمئة".
وتابعت: "ومن الملفت أن 66 بالمئة من اللواتي تمّ استجوابهنّ في الدراسة التي وضعتها Plan International بالاشتراك مع منظمة Female في لبنان حول هذا الموضوع، أفدن أنهنّ غير قادرات على شراء الفوط الصحية".
وأكدت أنه "انطلاقاً من عزمنا في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على النهوض بالنساء في لبنان على الرغم من الصعوبات والتحديات التي تواجهنا، ويقيناً منّا، أن استعادة الوطن لعافيته الاقتصادية لن تأتي إلا بمشاركة فعّالة من نسائه. فإنه واجب علينا، نحن المشاركات والمشاركين في هذا اللقاء أن نبذل كل الجهود لإيجاد الحلول لتلبية الحاجات الضرورية للفتيات وللنساء في لبنان لتمكينهنّ من المثابرة على الدراسة والعمل وعلى المشاركة في الحياة الاجتماعية".
واعتبرت عون، أن "هذه الحلول قد تأتي عن طريق الاصلاح المالي والاقتصادي عبر تخفيض أسعار مستلزمات الدورة الشهرية وإلغاء الرسوم على إنتاجها أو استيرادها أو استيراد المواد المستخدمة في تصنيعها كما وفي التشجيع على الاستثمار في انتاجها محلياً. ولا يجوز ألا تطال هذه المستلزمات، المساعدات الاجتماعية التي قد تتضمّنها مستقبلاً سياسات الدعم الاجتماعي".
وشدّدت أن: "السعي إلى إيجاد الحلول في هذا الموضوع يتطلّب أيضاً تناوله بشكل علمي وعدم الشعور بالإحراج من الزملاء الذكور عند التحدّث عنه. فالدورة الشهرية ليست بأمر مثير للخجل، وليست بمرض بل على العكس، فإن غيابها عند الفتيات والنساء في أعمار معيّنة قد يكون دليلاً لحالة مرضية. لذا نحن بحاجة إلى نزع صفة المرض أو عدم الطهارة التي تلازم عادة الحديث عن الدورة الشهرية. والسبيل إلى ذلك هو التربية الجنسية الشاملة واعتماد المقاربة العلمية في نشر الثقافة والعلوم الطبيعية والعلم بوظيفة الدورة الشهرية في تجديد الخلايا".
وختمت: "من هنا لنا أن نبحث في موضوع معالجة الفقر خلال الدورة الشهرية ولنا في الوقت عينه، أن نكافح الفقر الثقافي والعلمي الذي يلازم تناول هذا الموضوع. أشكر منظمة Plan International وجمعية Female على تشاركهما في وضع الدراسة التقييمية التي ألقت الضوء على الأثر المدمّر الذي يتركه هذا الجانب من الفقر على الفتيات والنساء وعلى تنظيم هذا اللقاء على أمل أن يفتح المجال أمام سبل التوصل إلى الحلول."