أشار المفتي الجعفري الممتاز الشّيخ أحمد قبلان، إلى "أنّنا أمام كارثة مرسومة ومقصودة، وهناك أوكار وقوى تتلاعب بمصير النّاس وحياتها المعيشيّة، بوجود حكومة مشلولة أو مغيّبة، فالدّولار اليوم تجاوز الـ36 ألف ليرة، واللّيرة تحوّلت مقبرةً للبلد بكلّ ما فيه، ومرحلة التفلّت النّقدي تعدّت الحدود الإنسانيّة والأخلاقيّة، فيما البعض يرفع سقفه السّياسي ويهدّد بالفراغ والشّلل، لنَسف أيِّ قدرة للبلد وناسه على الصّمود".
وأوضح، خلال إلقائه خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أنّ "لذلك قلنا مرارًا إنّ المعركة معركة وطنيّة بامتياز، وخاصّةً أنّ البلد يعاني من غرف عمليّات ماليّة سياسيّة تتلاعب بالدّاخل وتريد تمزيقه. فالمطلوب التّفكير بخيارات كبيرة وبمسؤوليّة وشفافيّة، لأنّنا أمام انفجار مدوٍّ يهدّد أصل وجود لبنان".
ولفت المفتي قبلان إلى أنّ "البلد منذ 17 تشرين الأوّل 2019 أشبه بساحة حرب دوليّة، بانهيارات سريعة، بداخل مفخّخ بالغرف السّوداء، بأزمة قرار سيادي، بانقسام عمودي، حتّى أضحى مشروعُ الدّولة على حافة مصيرٍ تاريخي"، مركّزًا على أنّ "بالتّالي، ترك البلد للفراغ يعني أخذَه نحو فاجعة وطنيّة، ولا أبالغُ إن قلتُ حربًا أهليّةً، فلا بدّ من رسم ملامح المرحلة الحاليّة، لأنّ هناك مشروعًا جدّيًّا يريد سحق حضور الدّولة، تمهيدًا لمشاريع مناطقية خبيثة. ونخشى بشدّة من عرض لعبة "بروفا انفجار اجتماعي"، لأنّ هناك من هو مصمّمٌ على تحويل لبنان إلى طاحونة جوع وفوضى وفلتان وتقسيم طائفي".
أمّا بخصوص الكهرباء، فشدّد على أنّ "السّيل قد بلغ الزّبى، ولا يمكن السّكوت عن كارثة العتمة، ومن نَهب البلد يجب أن يتحمّل المسؤوليّة، ولا يحقّ للدّولة أن تنفض يدها من مسؤوليّاتها، فنحن نريد حلولًا واقعيّةً لا حلولًا خرافيّةً، ولن نقبل بدولة ضرائب ورسوم دون مقابل، فالنّاس تعيش لحظة انهيار على حافة غليان شعبي لا حدود له، وتحتاج إلى حلول لا إلى من يتأفّف معها".
ورأى أنّ "بلدنا عالق في عنق الزّجاجة، والعنتريّات غير مفيدة لأحد، والإنقاذ يبدأ من تكريس قوّة المجلس النيابي، والإصرار على ترك البلد لوحش الفراغ يعني إعلان حرب على بقيّة ما تبقّى من مشروع الدّولة. وأحب أن ألفت نظر الإخوة "التّغييريّين"، علينا أن نفهم الواقع جيّدًا، فنحن في لبنان ولسنا في المريخ".
كما توجّه قبلان إلى المستشفيات وجماعة المطاحن والأفران والمواد الغذائية والدواء والمحروقات، مذكّرًا إيّاهم أنّ "هناك كارثة تضرب بلدنا، وأنتم بلا شكّ ضرورة وطنيّة، ولكن بالوقت نفسه أنتم جزء من المشكلة، والمطلوب حماية الناس والأسواق بكل الإمكانات، وإلا إذا تمكّنت الفوضى انتهى كلُ شيء، فلا تجعلوا البلد رهينةَ تجارتِكم بالأزمات، ولا تجعلوا الشعبَ كبشَ محرقتكم، فالبلد المنهوب أصبح فريسة تنهشها ذئاب الصفقات، من البنك المركزي والمصارف التي تعيش فترة استيلاء على كل شيء، وتتعامل مع المودعين على طريقة قانون الغاب، والبوصلة الانتخابية محجوزة عند نواطير الدول".
وأكّد أنّ "اليوم، البلد خبز أسود للفقراء، وخبز أبيض للأغنياء، ومصيرٌ معلّقٌ على مشنقة الصرّافين والمصارف والمصرف المركزي، والهروب المعيب للدّولة، فلنعقل ولنتوكل ولنسارع نحو تلاق وطني على الإنقاذ، ولا إنقاذ إلا بحكومة وفاق وطني، بعيداً عن مخالب الغرف الدولية السوداء الموجودة في الداخل اللبناني، فالفراغ حرب لا يربح فيها إلا الفوضى والفلتان، والإنقاذ يبدأ من المقاعد النيابية، وأكثر ما نخشاه السقوط الكبير، حيث لا تنفع من بعده ندامة".