الجميع في انتظار عودة الوسيط الأميركي في الملف عاموس هوكشتين "المؤكدة الأحد أو الاثنين" وفق مصادر مطلعة، رغم عدم صدور أي موقف رسمي أميركي في هذا الشأن بعد. وبحسب المصادر فإن التواصل قائم بين الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، للاتفاق على مقاربة هذا الملف. وفي هذا السياق، جرى تواصل بين عون وبري صباح الثلاثاء، فيما يزور ميقاتي قصر بعبدا نهاية هذا الأسبوع للبحث في الخطوات الواجب اتخاذها.

وعلمت "الأخبار" أن هوكشتين سيسمع رداً لبنانياً موحداً على اقتراحه الذي قدمه في زيارته الأخيرة في شباط الماضي (منح لبنان الخط 23 معدلاً، مع قضم جزء من حقل قانا، قبل أن ينحني أمامه بشكل مائل باتجاه خط هوف، ويقضم قسماً من البلوك الرقم 8 لمصلحة العدو)، ومفاد الرد هو عدم قبول الطرح كما هو مع تقديم ملاحظات لبنان عليه وفق رؤية واضحة ومتفق عليها، ودعوة هوكشتين لاستئناف وساطته، مع استمرار الامتناع عن تعديل المرسوم 6433 لتوسيع حدوده البحرية وفقَ الخط 29، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام المفاوضات. علماً أن هوكشتين "يريد أن يسمع ملاحظات، وهو كان واضحاً سابقاً في إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن الإصرار على الخط 29 وتوقيع المرسوم يعنيان أن لبنان يقفل باب التفاوض، وعندها لا لزوم لعودته، فيما العدو مستمر في أعمال التنقيب والحفر". وفي تقدير أوساط متابعة للملف، فإن "لبنان سيعود للمطالبة بكامل الخط 23، مع مساحة 80 كيلومتراً مربعاً إضافية مع جزء من حقل قانا".

مسار لا يبشر

مسار الأمور في هذا الملف، وكما تؤكّد مصادر مسؤولة معنية بملف الترسيم البحري لـ"الجمهورية" لا يبشّر، وخصوصاً انّ ما استجد مع استقدام ​اسرائيل​ لسفينة الحفر، يمثل تهديداً حقيقياً وجدّياً هذه المرّة، لسرقة ثروة لبنان من النفط والغاز في البحر جنوباً.

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، انّ "المسؤولين اللبنانيين تبلّغوا من جهات أممية عن رسائل دولية أُبلغت في الساعات الاخيرة إلى الجانب الاسرائيلي لاحتواء احتمالات التصعيد".

كل الاحتمالات واردة

وبالتوازي مع ارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية تجاه لبنان، أكّدت مصادر رسمية لـ"الجمهورية"، انّ لبنان صاحب حق، ولن يتخلّى عن هذا الحق، وكما انّه لا يقبل بأن يتخلّى عن سنتيمتر واحد من حدوده البرية، فهو لن يتخلّى عن سنتيمتر واحد من حدوده البحرية.

ولفتت المصادر، الى انّ "الاميركيين والاسرائيليين يعرفون حدود المنطقة المتنازع عليها، وبالتالي هذا لا يعطي الحق للاسرائيليين في العمل واستخراج النفط او الغاز من هذه المنطقة، كما لا يحق للاميركيين ان يغطّوا العمليات الاسرائيلية ضمن المنطقة المتنازع عليها. حيث تشكّل هذه العمليات تعدّياً على السيادة اللبنانية وعلى حقوق لبنان في ثروته البحرية من النفظ والغاز، وبالتالي فإنّ لبنان، وطالما انّ الحدود البحرية الجنوبية لم تُرسّم بعد بشكل نهائي، سيُعتبر أي عمل تقوم به اسرائيل داخل المناطق المتنازع عليها، بمثابة اعتداء على سيادته وحقوقه. وهذا ما جرى تأكيده مجدّداً لمن يعنيهم الأمر.

واكّدت معلومات "الجمهورية" في هذا السياق، "انّ كلاماً لبنانياً صريحاً أُبلغ إلى الجهات الدولية الصديقة، وإلى المعنيين بملف الترسيم مفاده، انّ لبنان يعطي أهمية قصوى لكل سنتيمتر من حدوده البحرية، واسرائيل باستغلالها المنطقة المتنازع عليها، انما تقوم باعتداء، ولبنان في موقع المُعتدى عليه، ولن يقف ساكتاً على حقه وانتهاك سيادته، ولن يتراخى في الدفاع عن حدوده وحقوقه، ما يعني بالتالي انّ كل الاحتمالات واردة".

الخطأ قاتل

وأبلغ مرجع مسؤول إلى "الجمهورية"، انّ "أمام لبنان فرصة للبدء بعمليات التنقيب بمعزل عن ملف الترسيم والمناطق المتنازع عليها مع العدو الاسرائيلي. فلبنان في أزمة خانقة، والبحر يكتنز فرصة خلاص له، ومن جهة ثانية هناك حق لبنان لا يمكن القبول بأن يُهدر ويُلحق الضرر الكبير بمصلحة لبنان وشعبه، من غير المسموح ان يخضع لبنان للإغراءات والتهديدات، ومن هنا نداؤنا إلى السياسيين اخراج الملف البحري من بازار المزايدات السياسية، ونداؤنا إلى المسؤولين الثبات على موقف موحّد بعيداً من أي حسابات او مغريات، والتعاطي بحكمة ووطنية مع هذا الملف الحساس، وتجنّب الوقوع في الخطأ في التقدير او في الحسابات، لأنّ الخطأ في هذا الملف قاتل كونه متعلقاً بمصير وحقوق بلد وشعب".

رسالة طمأنة إسرائيلية

وفي السياق، تبلغت  مصادر دبلوماسية، بحسب صحيفة "اللواء"، ان الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين سيصل الى بيروت، عصر الأحد المقبل، ويلتقي الاثنين كبار المسؤولين، ويناقش معهم موضوع الجواب اللبناني على المقترحات التي حملها هوكشتاين الى لبنان في شهر شباط الماضي، بخصوص ملف ​ترسيم الحدود​ البحرية بين لبنان وإسرائيل،   واسباب عدم رد لبنان على هذه المقترحات حتى اليوم.

وكشفت المصادر عن  رسالة طمأنة إسرائيلية، نقلتها بالامس، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا الى عدد من المسؤولين والسياسيين، أكد فيها الجانب الاسرائيلي بأنه ليست هناك نوايا تصعيدية من وراء استقدام سفينة استخراج الغاز اليونانية الى المياه الاقليمية، مشددا على انها لن تقترب من الخط ٢٧ المختلف عليه مع لبنان.

وتضمنت الرسالة الإسرائيلية رغبة الجانب الاسرائيلي  في التوصل الى اتفاق مع لبنان بخصوص الترسيم بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية والامم المتحدة، لكي يتمكن البلدان، من المباشرة باستخراج الموارد النفطية والغاز باجواء مؤاتية وهادئة، واعتبرت ان اي محاولة تهديد لتوتير الاجواء في المنطقة، من اي كان ستواجه برد فعل قوي من جانب إسرائيل. 

وعلمت "اللواء" ان الوسيط هوكشتاين سيتناول طعام العشاء إلى مأدبة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.