يعوّل لبنان على موسم سياحي واعد هذا الصيف، يستفيد منه القطاع السياحي بشكل أساسي وباقي القطاعات بالتوازي، ولو أن الاموال لن تدخل العملية المالية التي تتضمن المصارف، إنما هناك ظاهرة تنتشر في لبنان تحوّل هذا البلد من كونه جنّة سياحية بالنسبة للمصاريف، الى جحيم.
في السابق كان اللبناني يقصد تركيا أو مصر للسياحة بشكل أساسي بسبب الأسعار الرخيصة للسفر. في تركيا كانت ولا زالت تكلف الشخص ما بين 500 و1000 دولار أميركي لقضاء ما بين 4 و7 أيام، بينما في مصر التكلفة أقل، لذلك كانتا مقصداً للسياح من لبنان ومن كل دول العالم، فعلى سبيل المثال هناك 8 ملايين شخص في مدينة انطاليا التركية، 4 مليون منهم من السياح، وهذا الرقم يستمر طيلة أشهر السنة، رغم أنه من المعروف أن المدينة هي الثانية الاغلى في تركيا بعد فتحية.
اليوم مع بدء الإنهيار أصبح لبنان بلداً رخيصاً، بمقابل ارتفاع كلفة السياحة بعض الشيء في تركيا، وهنا نقارن بين لبنان وتركيا بسبب الشبه في الطبيعة والمناخ بين البلدين، لذلك يُفترض أن يكون بلدنا مقصداً بسبب رخص الخدمات السياحية فيه، وهو امر جعلنا في الفترة السابقة قبل رفع الأسعار بشكل جنوني نرى سياحاً من مصر والآلاف من العراق.
هذا من حيث المبدأ اما الواقع فليس كذلك، ففي نظرة بسيطة على الأسعار في لبنان يتبيّن وجود مبالغات في التسعير، وسنحاول في هذا التقرير التركيز على أسعار بيوت الضيافة التي انتشرت بكثرة في السنوات الماضية.
هناك أكثر من 120 بيت ضيافة في المناطق اللبنانية، توفر للسائح فرصة العيش في مناطق جديدة واستكشاف المدن، والاستجمام والسباحة، لكن الأسعار أصبحت باهظة الثمن، فماذا يعني بالنسبة للسائح أن يبيت ليلة واحدة في بيت كهذا مقابل 200 او 250 دولاراً اميركياً؟.
صحيح أن أسعار بيوت الضيافة تختلف بين منطقة وأخرى وتُحدد بحسب المساحة، ونوع الخدمات المقدّمة، وهناك بعض الاماكن التي حدّدت مبلغ 60 دولاراً لليلة الواحدة في منتصف الاسبوع، إنما ليس منطقياً على الإطلاق أن تكون التكلفة في كوخ خشبي لشخصين على ضفاف أحد الانهار اللبنانية 200 دولار اميركي، على سبيل المثل لا الحصر، ولو أن السعر يتضمن وجبة غداء.
إن هذه الأسعار بحاجة لتعديل لتصبح مناسبة للسياح أولاً وللمقيمين ثانياً، فالمبلغ المذكور يعني بحسب سعر الصرف اليوم 8 مرات الحد الأدنى للأجور، ولا يجوز بأيّ شكل من الأشكال تحويل لبنان الى بلد يمنح الأغنياء فقط فرصة العيش.
يقول القيّمون على هذه البيوت أنّ الكلفة التشغيليّة كبيرة للغاية، إنما هذه الأسعار ستجعل المبيت في الفنادق أرخص بكثير، وهذا ما يؤدي لضرب قطاع بيوت الضيافة، الّتي هي أجمل بكثير من الفنادق.