شدد رئيس الجنهورية ميشال عون، خلال استقباله وفدًا من مجلس نقابة الأطباء، برئاسة النقيب يوسف بخاش، على أن "التغلب على الأزمة الاقتصادية القاسية التي يواجهها لبنان، يتطلب التنسيق والعمل معاً بين كافة مؤسسات المجتمع الرسمية والخاصة، مشيرًا إلى "أنني آمل بعد تشكيل الحكومة الجديدة، التوصل الى معالجة حقيقية للأزمات التي نواجهها ومنها في القطاع الطبي".
ونوه الرئيس عون بالجهود التي يبذلها القطاع الطبي، ونقابة الأطباء في لبنان، لتعزيز صمود هذا القطاع، ووقف النزيف البشري الذي يتعرض له، مشيرًا إلى أنه "على الجميع العمل معاً لتصحيح الأخطاء التي أوصلت البلاد إلى الوضع الحالي".
من جهته ذكر بخاش، الذي استهل اللقاء بكلمة، "اننا نتشرف بالزيارة للتعارف اولا وللاعراب عن تقديرنا لما تبذلوه في سبيل هذا الوطن المعذب في ظل ازمات وجودية متلاحقة وحصار مالي واجتماعي يكاد يقضي على ما تبقى من هذا الوطن"، موضحًا "أننا نشعر كما تشعرون بعمق الازمة الاقتصادية بعد الانهيار المتدرج لكل قطاعات الانتاج، بعد انهيار القطاع المصرفي والنقدي اضافة الى القطاع الصحي الذي اصبح على شفير الانهيار والاخطر انهيار المجتمع".
ولفت إلى أنه "اصبح من واجبنا الملح التحذير من انهيار القطاع الصحي الذي هو في نهاية المطاف عصب الحياة. القطاع الصحي يعاني من تحديات قد لا يمكننا الخروج منها ما لم تتضافر الجهود ونتحرك سريعا لانقاذ ما يمكن انقاذه. القطاع الصحي على وشك الانهيار في ظل هجرة الجيل المخضرم من الاطباء بحثا عن عيش كريم وكرامة مفقودة".
وذكر النقيب، أنّ "في سياق الحديث عن هجرة الجسم الطبي ونحن نتكلم عن حوالي ثلاثة الاف طبيب وطبيبة واكثر من خمسة الاف ممرض وممرضة. لا بد من التطرق الى الاسباب بصراحة تامة . وابرزها:
- الجهات الضامنة واعني هنا الضمان الاجتماعي والكثير من شركات التأمين التي ما زالت تدفع للطبيب بالليرة اللبنانية ووفق سعر الصرف الرسمي ، يعني ان الطبيب ما زال يتقاضى عن بعض الاعمال الطبية اقل من خمسة دولارات، اضافة الى حجز امواله لدى المصارف والتصرف بمدخرات النقابات، وكذلك عدم تحديث قوانين الاداب الطبية واقرار حصانة الطبيب وهذا مشروع ينام في ادراج لجنة الادارة والعدل منذ مدة ليست بقليلة.
- فقدان الادوية، وتسعير المواد الطبية بالعملة الصعبة ورفع الدعم عن معظم الادوية حتى بات اسعار بعض الضروري منها يفوق الحد الادنى للاجور.
- تأخير صرف مستحقات الاطباء والمستشفيات.
- المشاكل المالية العالقة والتي تؤثر على القدرة الاستشفائية للمواطن.
وأوضح "أننا لن نسهب في الحديث عن المشاكل والازمات والجميع يعرفها ولنبحث سويا وبارشاداتكم يا فخامة الرئيس عن الحلول الانية والسريعة لانقاذ هذا القطاع الحيوي قبل فوات الاوان ونحن على كامل الاستعداد للتعاون وابداء المشورة اذا لزم الامر فالصحة تعني كل مواطن وكل الوطن".
ولفت، خلال حديث إلى الصحفيين بعد اللقاء، إلى "أننا تناقشنا مع الرئيس عون في كل المشاكل الاقتصادية والأزمات التي يواجهها لبنان، وخاصة في القطاع الصحي. يواجه اليوم هذا القطاع تحديات مصيرية ووجودية الأبرز منها هو النزيف الطبي الذي نعيشه وهجرة الكوادر الطبية، ومع الأسف وصل عدد الأطباء الذين غادروا لبنان الى اليوم الى 3 آلاف طبيب، في حين بلغ عدد الممرضين والممرضات الذين غادروا الى نحو 5 آلاف. تشاورنا في الأسباب التي أوصلت الأمور الى هذا الحد، ومنها عدم قدرة الجهات الضامنة على تحمل مسؤولياتها واستحقاقاتها المالية، حيث تحول هذه الجهات الأموال المستحقة للأطباء والمستشفيات، والتي تظل حبرا على ورق او مجمدة في المصارف".
وأكد "أننا تطرقنا أيضا لموضوع المستلزمات الطبية التي تباع حسب سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ورفع الدعم عن الادوية، حيث بات من المستحيل على المواطن اللبناني ان يتمكن من الحصول على الدواء، ويؤثر ذلك على قدرته الاستشفائية. نحن كنقابة أطباء، وضعنا كل خبراتنا وقدراتنا في عهدة فخامة الرئيس، وكلنا استعداد لتقديم الدراسات والاستشارات اذا لزم الامر، لنتمكن معا من الوقوف الى جانب هذا القطاع ليبقى صامدا، لأنه في النهاية الصحة تعني كل انسان وكل الوطن، وهي العمود الفقري للدولة اللبنانية".
وشدد، ردًا على سؤال "ما هي الحلول المطروحة؟ وهل من تفكير باللجوء الى جهات دولية لدعم القطاع الصحي في لبنان؟"، على أنّ "قبل التوجه الى الجهات الضامنة او الجهات الدولية، نحن كنقابة وكمجلس نقابة جديد، يجب علينا الوقوف الى جانب المواطن اللبناني، مع التفكير طبعا بمدخول الطبيب، هذا المدخول الذي سيدرس بطريقة تؤمن من جهة الحفاظ على صمود الأطباء وبقائهم في لبنان، ويعكس من جهة ثانية سعينا بالوقوف الى جانب المواطن اللبناني. فنحن نرى اليوم ان غالبية المرضى لا يتوجهون اليوم الى المستشفيات".
وكشف "أننا تحدثنا مع فخامة الرئيس في كيفية اللجوء الى المؤسسات الدولية وخاصة في الحالات الطارئة، مثل حالات المستلزمات الطبية الضرورية لمرضى غسيل الكلى، حيث يمكن ان نصل في خلال اسابيع، وهذا ما لا نتمناه، الى الرفع الكلي للدعم عن هذه المستلزمات، وهذا ما سيشكل كاثة صحية. ولاستباق هذه المشكلة، سندرس كيفية اللجوء الى منظمات ومؤسسات دولية لنتمكن".
وفي وقت لاحق، استقبل الرئيس عون النائب جميل السيد وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة. وأوضح النائب السيد، انه بحث مع رئيس الجمهورية في زيارة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية اموس هوكشتاين "لاسيما وان الموقف اللبناني بات واضحاً، واكد عليه رئيس الجمهورية لجهة عدم التفريط بالثروة اللبنانية البحرية، وسننتظر نتائج تحركات هوكشتاين، علما ان هذا الملف أساسي بما يضمن مصلحة لبنان، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة".
وأشار النائب السيد الى "ضرورة تشكيل حكومة جديدة تمارس صلاحياتها كاملة"، وهذا الامر يجب ان يتم بسرعة لأن الوضع في البلاد لم يعد يحتمل أي فراغ نتيجة تصريف الاعمال، خصوصا الانطلاق في المعالجة الاقتصادية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إضافة الى المناخات التي برزت في المفاوضات الجارية عبر الوسيط الأميركي".