ركّز عضو تكتّل "الجمهوريّة القويّة" النّائب رازي الحاج، على أنّ "هناك أربعة مشاريع قوانين ملحّة في المجلس النيابي يجب البَتّ بها، لأنّها مطلوبة قبل توقيع اتّفاق مع صندوق النقد الدولي، وهي: قانون الموازنة، الكابيتال كونترول، السرية المصرفية وقانون هيكلة المصارف"، لافتًا إلى أنّ التحدّي الأكبر هو في التمكّن من إقرار قانونَي الكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف".
وأوضح، في حديث إلى صحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "بالنّسبة إلى الكابيتال كونترول، الهدف من إقراره المحافظة على عدم خروج العملة الصّعبة والرّساميل من البلد، والحَدّ من الاستنسابيّة الّتي تقرّرها المصارف تجاه المودعين"، مبيّنًا أنّ "انطلاقاً من ذلك، نحن نصرّ على ألّا يتضمّن القانون أيّ فقرات أو مواد تعطي الحقّ أو تخوّل أيّ جهة الاستنسابيّة، حتّى لو نَصّ القانون على إنشاء هيئة أو إعطاء صلاحيّة لحاكم مصرف لبنان أو مجلسه المركزي، يجب أن تكون محدودة جدًّا واستثنائيًّة ولها علاقة بقضايا تقنيّة؛ مع الحرص على ألاّ تضرّ بجوهر القانون".
وذكر الحاج على مستوى القانون الطارئ لإعادة هيكلة المصارف، أنّ "المصارف تدرك جيداً ان هناك تراتبية في تحمّل المسؤوليات، ولا يمكن لهذه التراتبية ان تبدأ بالمودعين الذين حملوا قسطهم من الخسائر، والتي اتت وفق 3 انواع: خسائر بودائعهم المجمدة من خلال الهيركات الذي فرض عليها وتدنّت قيمتها وتم تذويبها، الخسارة الثانية تكمن في الاموال التي سحبها المودع من المصرف حيث كانت قدرته الشرائية قد تدنّت بسبب انهيار سعر الصرف؛ والثالثة نصيبه من الناتج المحلي الاجمالي المستقبلي الذي سيحتاج الى وقت طويل قبل ان يعود الى المستوى المطلوب".
وأشار إلى أنّه "بعدما أكل المودع نصيبه من الخسارة، تدرك المصارف جيداً انه حان الوقت لأن تحمل جزءاً من الخسارة، مع الاخذ بالاعتبار ضرورة المحافظة على النظام المصرفي". وشدّد على أنّ "عليه، ليس الهدف اليوم ضرب القطاع إنما اعادة هيكلته على قدر الامكان، كي يتمكن من الانطلاق مجددا، واستيعاب الدورة الاقتصادية ليُصار بعدها الى تكوين احتياطي من العملات الصعبة، وعندها يمكن الحديث مجدداً عن استعادة العافية الاقتصادية وتالياً يمكن إيجاد حلول او اجوبة عن بعض الاسئلة التي تشكّل اليوم لبّ الصراع، مثل: هل تشطب هذه الالتزامات؟ هل تلغى الودائع الكبيرة؟".
ودعا الحاج إلى "عدم التعاطي مع كيفية توزيع الخسائر كقرار مُلزَمين على اتخاذه سريعا، لأنّ هذا الامر قد يتغير مع الوقت وهو يرتبط بالمدة التي سيستغرقها التعافي الاقتصادي"، شارحًا أنّ "بالمبدأ العام، لا يمكن بناء خطة اقتصادية مبنية فقط على مفهوم توزيع الخسائر، انما على مفهوم إطلاق الاقتصاد. صحيح انه من ضمن هذه الخطة لدينا خسائر في ميزانية مصرف لبنان، ميزانية المصارف التجارية، دين عام، حملة اليوروبوندز... انما لا يجب ان تشكل كل هذه التحديات عقبة امام الخطة الاقتصادية والتي تركّز على ضرورة اطلاق الاقتصاد والانتاج والدورة الاقتصادية القادرة على تعويض الخسائر وتحقيق نمو".
ولفت إلى أنّ "خلال السنوات الثلاث الماضية، تركز الحديث على الخسائر المتأتية من النموذج الاقتصادي الذي انكسر وأهملنا كل ما تَلاه، فتراكمَت لا بل تضاعَفت الخسائر التي أدّت الى تَشوّه اقتصادي كبير، وتَشوّه بالطبقات الاجتماعية سيكون تأثيرها على المدى الطويل اصعب بكثير من اي تعافٍ اقتصادي".
كما رأى أنّ "الخطة الطارئة للمصارف هي قانون دقيق جدا فيه شق تقني وشق مالي وشق قانوني"، كاشفا انّ "مصرف لبنان الى جانب لجنة الرقابة على المصارف، والمصارف بدأت تعدّ لشيء ما بالشقين المالي والتقني، على ان الشق القانوني يحتاج الى كثير من العمل والتحضير، لكن بالنهاية يجب الاقتناع انه من دون نظام مصرفي طبيعي لا يمكن بناء اقتصاد".
وشدد الحاج على "ضرورة إرفاق مشاريع القوانين الاربعة هذه بالتوازي مع خطة لانقاذ الاقتصاد بثلاث سياسات عامة نقدية مالية واستثمارية، فالتعافي البطيء غير كاف، كذلك الاكتفاء بتوزيع الخسائر، لذا المطلوب اعداد خطة تصبّ لصالح التعافي الاقتصادي وقادرة على تحقيق نمو لرد الودائع قدر المستطاع، والعمل على تصغير فجوة الخسائر من دون التخلص منها نهائيا وبسرعة لأنّ الاقتصاد اللبناني قد يتعافى بسرعة اكثر مما نتصور بما قد يُمكّننا من رَد جزء أكبر من هذه الودائع بدلاً من حصرها بـ100 الف دولار".
وعما اذا كانت مشاريع القوانين المطروحة اليوم في المجلس النيابي تحتاج الى الكثير من التعديل، أوضح أنّ "لديّ ملاحظات على مشروع الموازنة، وبرأيي هي لا تقارب الواقع وتفتقر الى الاشارات الاصلاحية أكان على المستوى الاداري، منها على سبيل المثال لا الحصر خطة التحول الرقمي، علماً انّ تمويلها مؤمّن، كما تفتقر الموازنة الى خطة حل لأزمة الكهرباء او مشاريع النقل العام".
إلى ذلك، أكد الحاج أنّ "الاولوية اليوم من الاتفاق مع صندوق النقد، هي اعادة هيكلة المصارف واعادة تكوين احتياطي في العملات الصعبة، لنتمكّن من الوصول الى سياسة نقدية مَرنة ومدارة".