أشار رئيس الجمهوريّة ميشال عون، تعليقًا على تأخر تحديده موعد الاستشارات النيابية الملزمة، إلى أنّ "تأخُّر اتفاق الكتل على الرئيس المكلف، يبعث على القلق حيال ما يمكن أن ينبثق من الاستشارات الملزمة. تعمّدت تأخير الموعد ريثما تنضج فكرة التوافق على رئيس مكلف، لأن المعضلة هي في الخطوة التالية: تأليف الحكومة لا تسمية الرئيس المكلف".
وأوضح، في حديث إلى صحيفة "الأخبار"، أنّ "التّاخير لم يتعدَّ أسابيع قليلة، مع أن لا مهلة دستورية ملزمة لرئيس الجمهورية لتوجيه الدعوة إليها. كنت في انتظار بلورة خيارات الكتل النيابية القديمة والجديدة. بعض النيات تكشّف عندما راحت كتل تتصرّف كما لو أن تسمية رئيس مكلف ستحملها إلى تسلّم السلطة كلها، وحكم البلاد بمفردها من خلاله". وبيّن "أنّني انتظرت بعض الوقت، إلى أن طلعت أصوات قالت إن الرئيس يتأخر في تحديد موعد الاستشارات الملزمة، لأنه لا يريد حكومة جديدة. الآن، ثمة دعوة بعد يومين، فليتفضلوا ويذهبوا إليها".
ولفت الرّئيس عون إلى أنّ "لا أحد لديه مرشح معلن، والكل يتحدثون عن مواصفات وشروط يطلبونها من الرئيس المكلف غير الموجود بعد. في المقابل أمامنا أسماء تظهر يومياً، دونما أن يقول أصحابها هل هم فعلاً مرشحون لرئاسة الحكومة؟ وهل يريدون التكليف؟ هكذا، ندور من حول أسماء لا من حول اسم. للبعض المتداول سِيَر محترمة ومقدّرة وقد نكون في حاجة إليها".
وأكّد "أنّنا في حاجة إلى رئيس حكومة يرافق الأشهر المقبلة التي لا تقتصر على انتخابات رئاسة الجمهورية، وليست الحكومة معنية بإجرائها بل مجلس النواب صاحب اختصاص انتخاب الرئيس. نريد رئيساً للحكومة يمتلك تجربة واحترافاً في معالجة المشكلة الاقتصادية والمالية التي نتخبّط فيها".
وعن توقّعاته من الاستشارات النيابية الملزمة الخميس، شدّد على أنّها "ستحصل حتماً وستخرج بنتيجة، وهو إصدار الرئاسة بيان تكليف، وأنا سأحترم إرادة النواب. أخشى أن نكون امام احتمالين. أول إيجابي -وهو ما أفضّله- أن يتوافر توافق من حول رئيس مكلف بعدد لائق من الأصوات يساعده على تأليف الحكومة". وكشف أنّه "يقلقني أن نكون في المقلب المعاكس، وهو الخروج بنتيجة سلبية تؤدي إلى تسمية رئيس مكلف إما بأصوات هزيلة، أو تنقصه الميثاقية، أو يفتقر إلى توافق طائفته عليه. عندئذ تصعب مهمة تأليف الحكومة كون تسميته، كرئيس مكلف ضعيف، انبثقت من انقسام نيابي من حوله".
وركّز الرّئيس عون على أنّ "مسؤوليتي بصفتي رئيساً للجمهورية، إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وإعلان التكليف. لاحقًا، تبدأ مهمة الرئيس المكلف عند الكتل النيابية، كي يتوافق معها على مواصفات الحكومة الجديدة. كلما انقسمت من حوله تضاعفت مشكلاته. مهمتي الفعلية الأخرى في المشاركة في مراحل التأليف، تأتي لاحقاً لأن رئيس الجمهورية يوقع أخيراً المراسيم. الختم معه".
وأعرب عن تأييده "حكومة سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصاً إذا كانت ستواجه استحقاقات وصعوبات. لم يعد في الإمكان القبول بأفرقاء يسمّون وزراء سياسيين، ونحن نسمّي وزراء تكنوقراط. إما كلها من تكنوقراط وليس على غرار الحكومة الحالية بعض وزرائها مقنعون، أو حكومة سياسية"، مبيّنًا أنّ "قوة الحكومة في توازنها. عندما تكون حكومة سياسية متوازنة، ماذا يمنع أن تكون حكومة وحدة وطنية؟".
كما أثار عون أكثر من علامة استفهام حيال ربط أفرقاء بين خلافهم على التكليف، واستعجالهم توقّع شغور في رئاسة الجمهورية، معلنًا "أنّني لا أعرف لماذا يتحدثون عن استمرار حكومة تصريف الأعمال، أكثر من تحدثهم عن حكومة جديدة، كما لو أنهم يريدون تلك وليس هذه؟ يأتون إليّ ويسألونني هل ثمة انتخابات رئاسية عند انتهاء الولاية؟ أتوا إليّ قبلاً، قبل أشهر من الانتخابات النيابية العامة وثابروا على المجيء حتى الأسبوع الأخير السابق لإجرائها، يسألون هل تحصل؟ كنت أرد بالإيجاب، فحصلت انتخابات 15 أيار".
وأكّد أنّ "الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها. لن يكون فراغ دستوري، وسيكون هناك رئيس يخلفني في المهلة الدستورية، وأقدّر انتخابه ما بين 31 آب و21 تشرين الأول، في اليوم العاشر الذي يسبق نهاية ولايتي. إذا شئتَ سيكون رئيس ربع الساعة الأخير"، موضحًا أنّ "يقيني مبني على أنني لا أراهن، بل أبني موقفي على الدستور الذي هو كتابي. ذلك ما يقتضي أن يفعله مجلس النواب أيضاً".
وتوقّف رئيس الجمهوريّة عند استحقاق ينتصف استحقاقين آخرين: "ما بين تأليف الحكومة وانتخاب الرئيس المقبل، ثمة استحقاق لا ينتظر أياً منهما سواء تأخر الأول أو عُرقل الثاني، هو القضاء الذي يبقى يعمل عندما يستريح الآخرون. مع ذلك، لم أفهم سبب تهرّب القضاء من معركة تقع في صلب مهمته، وهي الادعاء على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. لا أجد سبباً بعد لتلكُّئِه في الادعاء عليه".
وأفاد بأنّ "في حق سلامة كمًّا كبيرًا من الاتهامات إما باختلاس أو جرائم أموال أو تزوير، وهو ملاحق من سويسرا بداية، قبل أن تنضم إليها فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وألمانيا ولوكسبمورغ. مع ذلك يحمونه. في موضوع كهذا، بصفتي رئيساً للجمهورية، لست حَكَماً أو محايداً، بل أنا فريق أصلي ضد أولئك راعي الجريمة المرتكبة في حق الدولة اللبنانية واللبنانيين".
إلى ذلك، أشار إلى "أنّنا على أبواب إنجاز التدقيق الجنائي. في 27 حزيران، يصل الفريق الرئيسي المكلّف بالتدقيق الجنائي كي ينضم إلى الفريق الحالي في بيروت، الذي بدأ الاطّلاع على وثائق مصرف لبنان وملفاته. سأختم التحقيق الجنائي قبل نهاية ولايتي، ولن يُعلن إلا من قصر بعبدا".
وشرح عون أنّ "واجباتي طرح التدقيق الجنائي والإصرار عليه، وعمره حتى الآن مذ أقره مجلس الوزراء في 26 آذار 2020 ما يوازي سنتين وشهرين و25 يوماً حتى اللحظة. وحده التدقيق الجنائي يكشف المرتكبين الشركاء والمستفيدين"، لافتًا إلى "أنّني لم أقل يوماً بأنّ رياض سلامة وحده المسؤول. لديه شركاء، إلا أنه يأخذ بصدره الدفاع عنهم وإخفاءهم وحمايتهم. التدقيق الجنائي يكشف هؤلاء أخيراً. خير مكان له كي يدافع بنفسه عن نفسه هو التدقيق الجنائي الذي سأختم عهدي به. الرجل متورِّط ومُورَّط".
وذكّر بما حصل في إفطار أقامه في القصر الجمهوري في 14 تموز 2019، قائلًا: "في الإفطار الرمضاني، الجميع كانوا رؤساء الطوائف والرؤساء السابقون والوزراء والنواب والموظفون الكبار ورجال الاقتصاد والأعمال والإعلام، أصغوا إلى خطابي محذّراً من الانهيار. ما قلته هو إن مسيرة مكافحة الفساد لن تتوقف أياً اشتدت الضغوط، وهي حجر الزاوية في العملية الإصلاحية. ما إن انتهيت حتى صفّقوا جميعاً، جميعاً بلا استثناء. لم يعترض أحد أو يسجّل ملاحظة. عندئذ قلت من خارج نص الخطاب: ما دمنا كلنا متفقين أصبحت العملية أكثر سهولة. طبعاً كنت في واد، وكانوا في واد آخر".
وعن نظرته إلى المتبقّي من ولايته، جزم "أنّني لست ضعيفاً. لم أكن كذلك مرة في أيّ من مراحل حياتي ومواقعي. في الأشهر الأخيرة لست حتماً ضعيفاً، لكنني قرفان".