أقل من أسبوع هي المدة الفاصلة عن موعد توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مراسيم ترقية الضباط في الأسلاك العسكرية، الموافق للأول من تموز كل عام. لكن الخلاف بين الرئاستين الأولى و الثانية لا يزال قائماً. ولا يزال الرئيس نبيه برّي يرفض السير بجدول ترقيات ضباط دورة 1994 المسماة "دورة عون"، بحجة "الإخلال بالتوازن الطائفي"، وهو أوعز في حكومات سابقة إلى وزير المال حينذاك، علي حسن خليل، برفض التوقيع، ما حال دون رفع مراسيم الترقية إلى بعبدا، فجمّد بالتالي الترقيات من رتبة عقيد إلى عميد، لينسحب الخلل على الدورات اللاحقة.
وعلمت "الأخبار" بدخول طرفين على الخط، الأول وزير الدفاع موريس سليم الذي يتواصل مع أكثر من جهة. والثاني يتولاه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي أبلغ "الأخبار" أنه يعمل على إنضاج تسوية عنوانها: "حل جميع الملفات العالقة دفعة واحدة".
الرهان على قابلية تحقق مسعى بو صعب يرتبط بخصوصية العلاقة التي تجمعه بعين التينة فضلاً عن مسار التوافقات الساري بين التيار الوطني الحر وحركة أمل منذ الانتخابات النيابية. ربطاً بذلك، يحاول بو صعب تأمين اختراقات في مجموعة ملفات عالقة، تتراوح وفق معلومات رسمية بين 6 و 7 ملفات، على أن يأتي الحل ضمن "سلة متكاملة".
وعلمت "الأخبار" أن من بين الملفات التي يعمل عليها بو صعب إلى جانب الترقيات في الأسلاك العسكرية، "مأمورو الأحراش" الذين اجتازوا امتحانات مجلس الخدمة المدنية ورفضت رئاسة الجمهورية توقيع مرسوم تعيينهم منذ أكثر من 3 أعوام بذريعة عدم "مراعاة التوازن الطائفي"، و"تعيينات محاكم التمييز" الذي يمتنع وزير المال يوسف الخليل عن توقيعه بطلب من بري، ما أدى إلى تجميد مراسيم تعيين 6 رؤساء غرف تمييز، كان مجلس القضاء الأعلى قد تمكن من تسميتهم قبل أشهر، بعد المشكلة التي أضيفت إلى المشكلة الأساسية شكوى الرئاسة الثانية من "الإخلال بالتوازن الطائفي" في الهيئة العامة لـ"محكمة التمييز" بعد فتوى استثنائية صدرت قبل سنوات وأجازت تعيين قاضٍ مسيحي آخر ليترأس الغرفة الأولى بدلاً من رئيس مجلس القضاء الأعلى، ما رفع أعضاء الهيئة العامة إلى 11 (6 مسيحيين و 5 مسلمين) بدل أن يكونوا مناصفة، وهي القاعدة التي اعتمدت في التعيينات الأخيرة التي صدرت.
وقالت مصادر مطلعة على المشاورات لـ"الأخبار" إن أحد الحلول المطروحة لتسوية الخلاف تقوم على تخفيض عدد الغرف من 11 إلى 10 فيكون رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيساً لإحدى الغرف، والعودة بالتالي إلى نص القانون الأساسي، أو الاحتكام إلى خيار ثانٍ يقضي بالعودة إلى 10 غرف من دون أن يتولى رئيس مجلس القضاء الأعلى رئاسة أي غرفة إنما ينتدب قاضياً بدلاً عنه للنظر بالقضايا.
نجاح بو صعب في تأمين خرق في هذا الملف يرمي الكرة عملياً في ملعب رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي هو الآن محل شكوى غالبية القوى السياسية. كذلك يؤسس الخرق لبداية الحل في الملفات الأخرى. وعلم أن بو صعب قد كلف بالمهمة من قبل الرئيس عون وهو زار عين التينة قبل أيام، وتطرق إلى الحلول المطروحة مع الرئيس برّي.
منع احتكار التمثيل!
وفي موازاة اعلان بعض الاطراف المعارضة عن عدم مشاركتها في الحكومة الجديدة، تؤكد معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" أنّ "نقاشاً حصل في الآونة الأخيرة بين أطراف معارضة، برزت خلاله "نصيحة" من أحد كبار الاركان السابقين في قوى الرابع عشر من آذار تفيد بأنه مهما كانت المآحذ والاعتبارات، نَنصح بأن تُبدي "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب وسائر القوى المسيحية استعدادها للمشاركة في الحكومة. فمن شأن ذلك ألّا يُبقي التمثيل المسيحي تحديدا في الحكومة محصورا بأكثريته بالتيار الوطني الحر، وبمعنى أدق مُتحكماً به جبران باسيل".
وفيما لم توضح مصادر المعلومات ما اذا كانت هذه النصيحة قد وجدت مقبولية لدى الاطراف المعنية بها، الا انها قالت: انّ اصحاب هذه النصيحة قدّموها ليس لإلزام احد بها بل للنقاش والتعمّق فيها. والموقف من هذه النصيحة سيَتبدّى في استشارات التأليف التي سيجريها الرئيس المكلف.
الوقت لم يحن بعد
وذكر عدد من أصدقاء السفير نواف سلام لـ"الشرق الاوسط" إن الوقت لم يحن لترشُّحه لرئاسة الحكومة، ليس لأنه لا يحظى بتأييد الأكثرية النيابية المطلوبة فحسب، وإنما لأن الفترة الزمنية المتبقية من ولاية الرئيس عون لا تسمح له بتحقيق أي إنجاز يُذكر، طالما أن القرار يعود إلى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي يصر على أن تأتي التشكيلة الوزارية على قياسه لعله يتمكّن من تعويم نفسه سياسياً.
ورأى هؤلاء أن لا غبار على المواصفات التي يتمتع بها سلام، لكنه ليس مضطراً لأن يحرق أوراقه بدلاً من أن يتريّث لبعض الوقت لتقطيع الفترة المتبقية من ولاية عون الذي لن يقدّم التسهيلات على طبق من فضّة لميقاتي ما لم يسلّم بشروطه برغم أنه يدرك سلفاً أن الرئيس المكلف لن يرضخ لابتزاز باسيل. فعودة ميقاتي إلى رئاسة الحكومة تأتي بخلاف إرادة عون بالإنابة عن باسيل، بعدما أخفق في تسويق شخصية بديلة لميقاتي؛ خصوصاً أن الرئيس المكلف هو من يتولى إجراء مشاورات التأليف.