علمت صحيفة "الجمهورية"، أنّ "رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي سيستمع في الاستشارات النيابية اليوم، في مقرّ المجلس النيابي في ساحة النجمة، إلى مقاربات الكتل والنواب لشكل الحكومة الجديدة ومهماتها، علماً انّ التجارب دلّت الى أنّ الأهم يكمن في المشاورات السياسية التي تبدأ في الكواليس بعد انتهاء الاستشارات البروتوكولية".
وعلمت ايضًا انّ "استشارات ميقاتي ستشمل 129 نائباً وليس 128، اما النائب الإضافي "مجازاً"، فهو المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي سيحضر بهيئته الادارية بناءً على دعوة الرئيس المكلّف، الذي أراد توسيع بيكار المداولات والاستماع الى رأي المجلس المعني، انطلاقاً من موقعه وتركيبته، بالمساهمة في الخروج من النفق".
وأشارت اوساط سياسية معارضة لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "استشارات التأليف ستنطلق اليوم وسط ثلاثة سيناريوهات أساسية، يتمّ الحديث عنها في الصالونات السياسية والإعلام:
ـ السيناريو الأول، يرتكز على فكرة انّ الرئيس المكلّف لن يشكّل حكومته الرابعة، فيحافظ على صفتي رئيس مكلّف ورئيس حكومة تصريف أعمال لثلاثة أسباب أساسية:
ـ السبب الأول، كونه يدرك تعقيدات التأليف وما يثيره من انقسامات وخلافات سعياً إلى حكومة ستتحوّل سريعاً حكومة تصريف أعمال، فيما حكومته الحالية في إمكانها القيام بهذه المهمة على أفضل وجه، خصوصاً انّها منسجمة ولم تبرز الخلافات داخلها، فلماذا يستبدلها بحكومة سياسية وغير مضمونة والوقت لن يسعفها لممارسة دورها الأصيل.
ـ السبب الثاني، كون ميقاتي يفضِّل التفرُّغ لمعالجة الأزمة المالية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، بدلاً من التفاوض مع القوى السياسية حول تأليف حكومة غير مضمون تأليفها في هذه الفترة القصيرة الفاصلة عن نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، لأنّ التفاوض الأول قد يخفِّف من حدّة الأزمة المالية، فيما التفاوض الثاني يؤدي حكماً إلى مفاقمتها.
ـ السبب الثالث، كونه يدرك انّ مطالب فريق العهد لا تعدّ ولا تحصى في آخر حكومة في هذا العهد، ومجرّد التفاوض معه يعني الاصطدام بشروطه ومطالبه، والوصول إلى تأليف حكومة سيعطي الانطباع بأنّه انصاع لشروط العهد، الأمر الذي ينعكس سلباً على ميقاتي داخل البيئة السنّية وامتداداتها الخليجية".
وشرحت أنّ "السيناريو الثاني، ان يتقاطع "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على ممارسة الضغوط السياسية على الرئيس المكلّف من أجل تأليف حكومة تلبّي شروطهما السياسية، حيث انّ الحزب يريد ان يطوي صفحة حكومات الاختصاصيين التي فرضتها الثورة ولو مع حكومة عمرها قصير، والهدف من القطع مع هذا النوع من الحكومات هو الربط مع العهد المقبل الذي يجب ان تبدأ انطلاقته بحكومة سياسية بامتياز، فيما حسابات التيار تتلخّص بخوض الاستحقاق الرئاسي من موقع متقدِّم حكومياً، وانتزاع ما يمكن انتزاعه من تعيينات تدعِّم وضعيته في المرحلة المقبلة، وان يكون رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في موقع من ينوب عن العهد في مرحلة الفراغ الرئاسي".
وبيّنت الأوساط نفسها أن "السيناريو الثالث، ان تتظاهر معظم القوى السياسية بحرصها على تأليف حكومة جديدة تطبيقاً للدستور وتفعيلاً للحياة السياسية وتصدّياً للأزمة المالية، لأنّ حكومة تصريف الأعمال غير قادرة على تحمُّل أعباء الأزمة وتحدّياتها، فيما معظم هذه القوى تدرك في قرارة نفسها صعوبة التأليف في مدة قصيرة، فضلاً عن انّ الأولوية تحولت إلى الانتخابات الرئاسية، التي ستتصدّر من الآن فصاعداً كل المتابعة والنقاش والتحضير والتهيئة السياسية".
ورأت انّه "في مطلق الحالات، فإنّ عنوان التأليف سيبقى من العناوين المطروحة بقوة إلى حين الدخول في المدة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية مطلع ايلول المقبل".
ميقاتي ولجنة المال
علمت "الجمهورية" انّ "ميقاتي سيحضر اليوم اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية، قبل بدء الاستشارات في مقر المجلس النيابي. ويهدف ميقاتي من المشاركة في هذا الاجتماع، إلى حضّ النواب على ضرورة التعجيل في إقرار الموازنة العامة للسنة الحالية ومشاريع أخرى، على قاعدة انّ المطلوب بإلحاح الآن استكمال متطلبات انجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي وبالتالي وقف الانحدار نزولاً "وبعد ذلك نختلف حول ما اذا كان يجب أن نتوجّه يميناً او شمالاً".
إضراب تحذيري
ركّزت مصادر نقابة موظفي مصرف لبنان، لـ"الجمهوريّة"، تعليقًا على دعوتها إلى جمعية عمومية طارئة صباح اليوم، للتشاور واتخاذ الموقف الذي تراه مناسباً للموظفين، على أنّ "النقابة تتجّه الى التوقف عن العمل ليوم واحد، تمهيداً لإضراب مفتوح يشلّ الحياة المصرفية في لبنان، ما لم يتدخّل مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل لوضع حدّ لتصرفات القاضية غادة عون، خصوصاً وأنّ هناك طلبات ردّ لا تقبلها، وهناك دعوى مخاصمة مقدمة ضدّها ترفض استلامها، ولا تحترم القانون خلال التحقيقات التي تكون مذلّة مع المدراء والموظفين، ونواب حاكم مصرف لبنان".
زيارة دوكان
شكّكت مراجع رسمية عبر "الجمهورية"، بـ"وجود أي موعد محّدد لزيارة المكلّف تنفيذ مقرّرات مؤتمر "سيدر واحد" بيار دوكان، إلى بيروت. وأفادت بأنّ "زيارة دوكان واردة في اي وقت، فهو يتابع أي تطور على خط العلاقات بين بيروت وباريس، بما يعني الشؤون الاصلاحية والمالية والادارية، لكن ليس هناك أي معلومات عن زيارة له في ظلّ استقالة الحكومة وفي مثل الظروف الحالية".
لبنان أمام أسبوعين "حاسمين"... وكل الملفات مرتبطة بـ"ترسيم الحدود"
رأت مصادر وزارية لبنانية لصحيفة "الشرق الأوسط"، أن "لبنان أمام أسبوعين حسامين"، مؤكدة أن "كل الملفات اللبنانية، بما فيها تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة نجيب ميقاتي، مرتبطة بمسار مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، التي تشكّل في المرحلة الحالية عامل ضغط على لبنان وتتحكّم بشكل مباشر أو غير مباشر بكل الاستحقاقات".
وشدّدت على أنّ "لا شك أن ملف الحكومة في جزء منه داخلي، إنما تلعب المفاوضات الحدودية عامل ضغط على كل الجهات في الداخل والخارج، عبر التعاطي الدولي مع لبنان والمساعدات التي يفترض أن تقدم له"، مبيّنة أنّه "لن تحصل حلحلة في أي قضية قبل أن تتوضح مفاوضات الترسيم، وكأن الجميع ينتظر المسار الذي ستأخذه".
ولفتت المصادر إلى أن "المسؤولين في لبنان يتوقعون أن يحصلوا على رد من الوسيط الأميركي آموس هوكستين في الساعات القليلة المقبلة، حول الموقف الإسرائيلي من الطرح اللبناني، رغم أن المعطيات تشير إلى أن لا جواب من تل أبيب حتى الساعة بعد التعقيدات السياسية التي استجدت في إسرائيل". وأشارت إلى "أسبوعين حاسمين وصعبين لتحديد معالم المرحلة المقبلة، بما في ذلك تأليف الحكومة، إما أن نشهد حلحلة في جميع الملفات بينها ملف الغاز والكهرباء، أو نذهب إلى مزيد من التعقيد".
علمت "الشرق الأوسط" من مصادر سياسية مواكبة للأجواء السائدة حالياً لدى ميقاتي، أن "الرئيس المكلف وإن كان يحرص على التشاور مع رئيس الجمهورية، فإنه في المقابل ليس في وارد التمديد للمشاورات إلى ما لا نهاية، وسيضطر في الوقت المناسب لأن يتقدم منه بتشكيلة وزارية في مهلة زمنية أقصاها عشرة أيام، فإما أن يوافق عليها مع إدخال تعديلات طفيفة لا تبدل من توزيع الحقائب الوزارية بشكل جذري يطيح بها، ويعيد المشاورات إلى نقطة الصفر، أو أن يرفضها بالكامل ما يؤدي حكماً إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال".
في المقابل، أعربت مصادر نيابية بارزة، لـ"الشرق الأوسط"، عن اعتقداها أن "الجهاد الأكبر بدأ لتشكيل حكومة جديدة، لأن هناك ضرورة لوجود حكومة فاعلة". ورأت أنّ "لا مفر من تشكيل هذه الحكومة التي لن يُطلب منها بأن تخترع البارود، بمقدار ما أن وجودها ضروري لتلبية احتياجات المواطنين من كهرباء ودواء من جهة، ولرفع معاناتهم اليومية بتأمين لقمة عيشهم بغية الإبقاء على الوضع تحت السيطرة وصولاً لتأمين الأجواء المطلوبة لانتخاب رئيس جمهورية جديد في خلال المهلة الزمنية المنصوص عليها في الدستور وعدم الإخلال بها لئلا نُقحم البلد في أزمة حكم نحن في غنى عنها".