أشار السيد علي فضل الله، إلى أن "الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأساوي بات يثقل كاهل المواطنين وينؤون به، ولم تعد آثاره تقف عند ارتفاع الدولار الأمييكي في مقابل العملة الوطنية وأسعار السلع والمواد الغذائية والمحروقات والاستشفاء، وأخيراً الاتصالات وعدم توفر الكهرباء والماء والعديد من الأدوية الضرورية لعلاج الأمراض المستعصية وطوابير الإذلال للحصول على الخبز لقمة عيش اللبنانيين والطحين".
وأوضح في خطبة الجمعة، أنه "قد كان من الطبيعي أن تنعكس هذه المعاناة على الوضع النفسي للكثير من اللبنانيين وينعكس عليهم توتراً وانفعالاً، وهو ما أشارت إليه المنظمات الدولية المعنية عندما صنفت لبنان، أنه الدولة الأعلى في معدل الغضب حيث ذكرت أن 49 بالمئة من اللبنانيين يعانون من الغضب الشديد، والكل يعرف مدى التداعيات التي يتركها الغضب والانفعال والتوتر الداخلي على الإنسان الغاضب نفسه وعلى صورته في المجتمع، وما قد يتسبب به على صعيد عائلته أو موقع عمله أو المجتمع الذي يعيش فيه أو من يلتقي بهم، إن لم يجد من يرد غضبه أو يستوعبه، فأكثر الجرائم وحالات التفكك الأسري والاجتماعي هي نتاج الغضب".
وتابع فضل الله: "أننا قد لا نحتاج إلى مثل هذه التقارير ليتبين لنا ذلك، فيكفي ما نشاهده يومياً من توترات ونزاعات تحدث في البيوت أو الطرقات أو الأماكن الخاصة والعامة، بل تصل إلى من يتولون مواقع المسؤولية ونشهد آثارها في التصريحات والمقابلات وحتى في القرارات التي يتخذونها". ودعا "من هنا، إلى معالجة هذه الظاهرة وأخذها بالجدية على المستوى الديني والتربوي والنفسي، والأهم العمل على معالجة أسبابها التي تتصل بمعاناة إنسان هذا الوطن".
وفي الوضع الحكومي، شدد فضل الله، على "ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، وعدم التأخير بتأليفها تحت أي ذريعة، لمعالجة الأزمات التي يعاني منها الوطن والمواطن أو على الأقل التخفيف من وقعها عليهم، وأن لا تضيع بمقاطعة بعض القوى السياسية لها أو بفعل الشروط والشروط المضادة التي تتصل بالشكل أو العدد أو نوعية الحقائب التي يطالب بها هذا الفريق أو ذاك أو هذه الطائفة أو تلك".
وأضاف: "فالبلد لا يمكن أن تعالج أزماته بحكومة تصريف أعمال، بل بحكومة فاعلة وتحظى بالتوافق حولها، ليكون بمستوى التحديات المعيشية والمالية والإصلاحية والأمنية الملحة، وقادرة على أن تعالج المشكلات وأن تعمل بكل طاقتها ولو في مرحلة قصيرة، ونحن لا نراها قصيرة في ظروف البلد الذي لا يتحمل إهدار الوقت أو التسويف".
ولفت فضل الله، إلى أن "على كل القوى السياسية أن تتحمل مسؤوليتها على هذا الصعيد، فالوقت ليس وقت تسجيل نقاط أو تقاذف كرات أو تحقيق مكاسب آنية أو مستقبلية وليس وقت مناكفات وصراعات، بل هو وقت إنقاذ لبلد يتداعى وإنسان بات الهروب من هذا البلد من أولويات ما يفكر به، والذي امتد ليطاول العناصر الأمنية بعد القطاع الاستشفائي والتربوي".
وذكر أن "في هذا الوقت يستمر إضراب المؤسسات العامة، والتي أصبح من الواضح مدى تأثيرها على معاملات الناس والتي تعرقل حياتهم على كل الصعد"، وأكد "أننا في الوقت الذي نقف فيه مع مطالب العاملين في المؤسسات العامة وضرورة إنصافهم لتأمين سبل عيش كريم لهم، ندعو، وفي ظل استمرار هذا الإضراب والذي قد يطول، إلى الرأفة بالمواطنين والبت بالمعاملات الضرورية لهم والتي قد يؤدي التأخير بها إلى تعطيل مصالحهم أو التأثير على مصالح بقية المواطنين".
أما على الصعيد الإقليمي، رأى "أننا نطل على المزيد من الاحتقان الذي يشهده العالم في ظل الصراع الموجود على أرض أوكرانيا بين الروس والغرب والذي بات يخشى من تداعياته الخطيرة على صعيد أمن العالم والغذاء. وفي هذا المجال نجدد دعوتنا للعالم العربي والإسلامي إلى توحيد صفوفه في مواجهة أي تداعيات لهذه الحرب حتى لا نكون وقوداً لها أو بقرة حلوب في هذا الصراع لحسابات خارجية"ز
ونوه "بكل مبادرة لإعادة مد الجسور وتعزيز التلاقي بين الدول العربية والإسلامية، لكننا في الوقت نفسه نحذر من مغبة أي توجه لتوفير أي مظلة أمنية سياسية للعدو الصهيوني، قد تساهم في تعزيز موقعه ودوره في المنطقة، وتشجعه للتمادي في تصفية القضية الفلسطينية، أو أن تكون سبباً لاحتدام الصراعات في هذه المنطقة من العالم، والذي من الطبيعي تؤدي إلى إضعافها وارتهانها".