لفت وزير الطّاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، إلى أنّ "في العاشر من أيّار 2021، شنّت قوّات الاحتلال عدوانًا حربيًّا واسعًا على قطاع غزة استمرّ أحد عشر يومًا، استهدفت خلاله الطّائرات والبوارج والمدافع السكان المدنيّين وممتلكاتهم، والمباني الرّسميّة والبنية التّحتيّة في القطاع المقاوم، ممّا أدّى إلى تعطّل الحياة هناك".
وأوضح، خلال ترؤّسه اجتماع عرض دراسة تقييم "أضرار قطاع المياه والصّرف الصحّي في غزة جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير"، في مقرّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، كون لبنان يترأّس المجلس الوزاري العربي للمياه، أنّ "إزاء هذا الاعتداء الغاشم، تدهورت الأوضاع الإنسانيّة لأكثر من مليوني فلسطيني يرزحون تحت الحصار منذ أربعة عشر عامًا، وافتقد السكان المدنيّون خلال العدوان الخدمات الأساسيّة والضّروريّة اللّازمة لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة والعيش بكرامة".
وأشار فيّاض إلى أنّ "سكّان قطاع غزة عانوا خلال فترة العدوان، انقطاع إمدادات مياه الشّرب لفترات طويلة، واضطرّت السّلطات المحليّة إلى تشغيل آبار المياه المالحة لتعويض هذا النّقص، بسبب استهداف الاحتلال للمرافق المائيّة بشكل مباشر، بغية تدميرها وحرمان السكان من أبسط حقوقهم. واستهدفت أيضًا خطوط الصرف الصحي، ممّا أدّى إلى تحويل المياه المبتذلة إلى الأحواض العشوائيّة أو ضخّها إلى البحر دون معالجة، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على البيئة البحريّة وعلى الصحّة العامّة".
وركّز على أنّ "مشهد الدّمار الهائل الّذي حلّ بقطاع غزة وطاول آلاف المنازل ومئات المرافق الحيويّة ومنشآت البنية التحتيّة، يتطلّب الشّروع فورًا بعمليّة إنعاش مبكر وإعادة إعمار، غير أنّ التّجارب السّابقة كعدوان العام 2014 تنبئ بأنّ عمليّة الإعمار ستواجهها تحدّيات كبيرة، ليس أقلّها الحصار وتخلّف المانحين الدّوليّين عن الوفاء بالتزاماتهم الماليّة؛ ولا سيّما أنّ عدّة دول مانحة ما زالت لم تف بتعهّداتها في "مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة" عام 2014".
كما بيّن أنّ "لبنان عانى هذه التّجربة مع العدو مرّات عديدة إبّان الاجتياح عام 1982، وعمليّة عناقيد الغضب عام 1996 وعدوان تموز عام 2006، جرى خلالها تدمير معظم بناه التّحتيّة من كهرباء ومياه وصرف صحّي وجسور وطرقات. واستطاع هذا البلد الصّغير بمقاومته الاقتصاديّة والعسكريّة والشّعبيّة، الوقوف بوجه أعتى قوّة عسكريّة وهزيمتها والنهوض مجدّدًا بعد كلّ كبوة".
وشدّد فيّاض على أنّ "الحمل الاقتصادي الهائل فعل فعله في نهاية المطاف، وشكّلت أزمة النزوح السوري القطرة الّتي أفاضت الإناء، وها هو هذا البلد يعاني اليوم من أسوأ أزمة ماليّة في تاريخه، أدّت، بالإضافة إلى الحصار المقنّع المفروض عليه، إلى توقّف بناه التحتيّة عن العمل، ليس بسبب الحروب هذه المرّة، بل بسبب انهيار العملة الوطنيّة ومعها المؤسّسات الحيويّة؛ في وقتٍ يمتنع المجتمع الدّولي عن مدّ يد العون إليه ويمارس الضّغوط لعدم عودة النازحين السوريين إلى ديارهم".
وأعلن أنّ "لذلك، ومن هذا المنبر، ننادي لمضاعفة الجهود من أجل المساعدة في العودة الآمنة للأشقّاء السّوريّين، وهو أمر بحدّ ذاته سيسهم بشكل كبير باستعادة التّوازن للأمن المائي في لبنان وفي عدد من دول الاستقبال".
إلى ذلك، رأى فياض أنّ "طمع الجوار في المياه العربيّة، شكّل دومًا تهديدًا كبيرًا لأمن لبنان المائي، فأطماع العدو بمياه الفلسطينيّين وبنهر الأردن وبمصادر المياه في الجولان المحتل ونهرَي الحاصباني واللّيطاني، والنّزاعات المائيّة على نهرَي دجلة والفرات، والأهمّ اليوم التّهديد الكبير الّذي يمثّله سد النهضة للأمن المائي لمصر، يتطلّب منّا موقفًا موحّدًا وحازمًا في كلّ مرّة احتاجت إحدى دولنا لهذا الموقف، بغضّ النّظر عن الاعتبارات السّياسيّة أو الجيوسياسيّة؛ لأنّه في موضوع الماء لا وجود للمساومات وللمراضاة".
وجزم أنّ "لبنان، الّذي وقف بجانب القضية الفلسطينية وما زال، واستقبل اللاجئين الفلسطينيين على أرضه الصّغيرة منذ العام 1948 وما زال، يقف اليوم مجدّدًا بجانب الشعب الفلسطيني المقاوم، ويتمنّى، بصفته رئيس المجلس الوزاري العربي للمياه، من الأشقّاء العرب المجتمعين اليوم في القاهرة، الخروج بخطّة إعمار شاملة ومتكاملة تكون عمليّة قابلة للتّنفيذ وللتّمويل، على أن يتمّ تحديد الاحتياجات بمختلف القطاعات المتضرّرة وفقًا للأولويّات وطبقًا لمعايير الشّفافيّة المطلقة، علّنا بذلك نساهم، ولو بنذر قليل، برفع المعاناة عن شعب عانى خمسة وسبعين عامًا من ظلم الاحتلال".