أكّد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس الوفد اللّبناني المفاوض مع "صندوق النقد الدولي"، سعادة الشامي، أنّ "لا تعديلات جوهريّة الآن على خطة التعافي الّتي أقرّتها الحكومة"، موضحًا "أنّنا اتّفقنا مع صندوق النّقد الدّولي وهناك التزام من لبنان بذلك، ونخن نطوّر هذا المشروع وهذا ما قلته في مجلس النوّاب".
وأوضح، في حديث تلفزيوني، تعليقًا على ما سُمّي بتعديلات شفهيّة على الخطّة طرحها رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي على لجنة المال والموازنة قبل أيّام، إلى أنّ "ميقاتي قال إنّ هذه أفكار نناقشها الآن لكنّنا لم نطرحها بعد على صندوق النّقد، وهي تحتاج لأن نناقشها معه، فإذا قبل بها عندها نسير بهذه الأفكار".
وعن الموعد الّذي سيقدّمون فيه أفكار ميقاتي مكتوبة إلى لجنة المال والموازنة كما طلبت اللّجنة، أشار الشّامي إلى "أنّنا نعمل على التّفاصيل. لن أرتبط بوقت محدّد ويفترض أن ننجزها ربّما في خلال أسبوع أو عشرة أيّام، أي في وقت قريب لأنّ الخطّة الأساسيّة كما قلت لم تتبدّل ولا يوجد تعديلات عليها".
وعمّا إذا كان مقتنعًا بفكرة صندوق التّعافي أو صندوق استرداد الودائع، أعلن "أنّه مقتنع، وأنّ الفكرة أتت من فريق العمل"، مبيّنًا أنّ "بحسب الوضع الحالي، نستطيع أن نحمي إلى حدّ الـ100 ألف دولار لكلّ مودع، وهذا يكلّف بحدود 28 مليار دولار، ونحن عندنا أصول بالقطاع المصرفي تساوي 28 مليار دولار، وهذه المبالغ يمكن أن نردّها للمودعين وهي تغطّي نحو 88% منهم". وركّز على أنّ "هذا لا يعني أنّنا نسينا الـ12% المتبقّين من المودعين، لذلك ابتكرنا فكرة صندوق استرداد الودائع لننقل إليه كلّ الودائع الّتي تفوق المئة ألف دولار".
وعن تمويل هذا الصندوق، شرح الشّامي أنّ "بالقطاع المصرفي يمكن أن يكون لدينا نحو عشرة مليارات دولار يسمّونها "Certificate of deposit"، موجودة في مصرف لبنان ويمكن أن ننقلها إلى صندوق استرداد الودائع. وهناك أيضًا نوع من الـ"bail in"، أي بالإمكان أن يكون للمودع حصّة بالمصارف وهذا الأمر يجري بحثه، كما أنّ الدّولة وفي حال حقّقت فائضًا أوّليًّا في الميزانيّة يفوق الـ2%، يمكن تحويل 50% منها إلى الصّندوق شرط أن تكون نسبة النّمو تتخطّى 3%".
وذكر أنّ "كذلك إذا حصلت أيّ عمليّة لاسترداد الأموال المنهوبة أو المهرّبة، تدخل أيضًا في هذا الصّندوق"، مبيّنًا أنّ "هذه الأفكار قابلة للتّطبيق". وفسّر أنّ "الهدف الأساسي من كلّ ذلك هو تكبير عمليّة استرداد الودائع، ويُدفع قسم منها باللّيرة اللّبنانيّة وقسم بالدّولار. لكنّ هذه العمليّة ستأخذ وقتها، ونريد أن نكون واقعيّين ولا نغشّ النّاس فهذا لن يحصل بين ليلة وضحاها".
ورفض اتّهامه بشطب ستّين مليار دولار من الودائع، مشدّدًا على أنّ "الموضوع يتعلّق بثلاث جهات: الدّولة مصرف لبنان والمصارف، ويأتي المودعون بالمرتبة الأخيرة لأنّ ليس لديهم مسؤوليّة".
وعن إعادة هيكلة القطاع المصرفي، كشف الشّامي أنّ "العمل جار على مشروع القانون، وهناك نسخة شبه نهائيّة قيد التّحضير بين لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان بالتشاور مع صندوق النّقد، وقد يكون جاهزًا بعد عشرة أيّام أو أسبوعين". ورأى أنّ "من المبكر الحديث عن موضوع إقفال مصارف أو دمجها. ليست هناك فكرة مسبقة كم سيبقى من المصارف، فقد تبقى 50 أو 60 مصرفًا وقد تبقى 10 مصارف، وليس بالضّرورة أن تقفل المصارف الصّغيرة وتبقى الكبيرة".
في مجال آخر، اعتبر أنّه "منذ توصّلنا إلى الاتّفاق مع صندوق النّقد الدولي على صعيد الموظّفين في نيسان الماضي، أصبحت الكرة بملعب لبنان قبل الوصول إلى الاتّفاق النهائي. فهناك شروط أو إجراءات مسبقة منتظرة من مجلس النوّاب ومصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف". ولفت إلى أنّ "أمام مجلس النوّاب 3 مشاريع قوانين هي التّعديلات على قانون السرية المصرفية، الكابيتال كونترول، والموازنة".
وحذّر نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال من أنّ "أيّ تعديلات جوهريّة على مشاريع القوانين المطروحة، يمكن أن تعيق الوصول إلى اتّفاق مع صندوق النّقد". وعن موعد إقرار هذه المشاريع، توقّع أن "يحصل ذلك بغضون عشرة أيّام أو أسبوعين، وستكون هناك جلسة تشريعيّة في النّصف الثّاني من شهر تمّوز".
وأعرب عن استغرابه "التأخّر في إقرار مشروع موازنة 2022"، مشيرًا بموضوع مشروع قانون "الكابيتال كونترول"، إلى أنّهم "ما زالوا منذ سنتين يناقشون هذا المشروع، وقد طلبوا منّي تزويدهم بملاحظات صندوق النّقد وقد زوّدتهم بها وبدأنا المناقشات، ثمّ أتت الانتخابات النيابية. ويفترض العودة إلى دراسة هذه المشاريع خلال أسبوع أو أسبوعين. كما أنّ هناك مشروعًا لم تتمّ إحالته بعد إلى مجلس النوّاب، هو مشروع "Emergency Banking Resolution".
وركّز الشّامي على أنّه "إذا أُقرّت كلّ الإجراءات المسبقة من قبل مجلس النوّاب ومصرف لبنان ولجنة الرّقابة على المصارف، حينها يحال التّقرير النّهائي إلى صندوق النّقد لتتمّ الموافقة النّهائيّة عليه، ثمّ تُصرف الأموال ويبدأ البرنامح". وعمّا إذا كان بالإمكان أن يُنجز هذا الاتّفاق في أيلول، تمنّى أن "يحصل ذلك، لكنّ صندوق النّقد يكون بإجازة في شهر آب".
وعن الموازنة، أفاد بأنّها "أُنجزت على أساس سعر صرف "صيرفة" في ذاك الوقت، وكان بحدود العشرين ألف ليرة، أي أنّها محضّرة مسبقًا على أساس سعر صرف السّوق، وبحسب رأيي يجب أن نتبع سعر "صيرفة"، فصحيح أن هذا يمكن أن يكون له عواقب، لكن عندها نتعامل مع هذه العواقب".
كما أكّد "أهميّة توحيد سعر الصّرف في أقرب وقت ممكن، وهذا يجب أن يحصل من ضمن الإصلاحات المطلوبة الّتي ستسهّل الاتّفاق مع صندوق النّقد وتدخل الأموال إلى لبنان، وعندها إذا وحّدنا سعر الصّرف لا يقفز بشكل غير منطقي"، شارحًا أنّ "عندها يصبح توحيد سعر الصّرف أو تحريره يعني تقريبًا الشّيء نفسه، لأنّ السّعرين سيقتربان من بعضهما ليصبحا سعرًا واحدًا، وربّما يتحسّن سعر الصّرف، وليس بالضّرورة أن يبقى على سعر الـ24000 أو الـ25000، لأنّ هناك أموالًا ستأتي من الخارج. أمّا اذا لم ينفّذ لبنان الإصلاحات، فمن المؤكّد أنّ سعر الصرف سيرتفع".
ووجد الشّامي أنّ "الموضوع الشّائك الآن هو الدولار الجمركي، وأعتقد أنّ الموازنة الّتي أُنجزت على أساس سعر "صيرفة" يحب أن يطبّق فيها كلّ شيء على هذا السّعر، بما فيه الدولار الجمركي"، مبيّنًا أنّ "تأثير ذلك على الأسعار لن يكون كبيرًا وسيكون بين 8 إلى 10% كحدّ أقصى". وأضاف أنّه "إذا لم تتمّ الزّيادة على الدولار الجمركي، فلن يكون بالإمكان تحسين أجور القطاع العام الّتي أصبحت "بالأرض". ودعا مجلس النوّاب إلى "إقرار الموازنة بما يضمن تأمين إيرادات، ولا يمكن التراجع عن هذا الأمر وإلّا لا يمكن أن نستمر".
وعن الفترة المتوقّعة لبدء خروج لبنان من الأزمة إذا وقّع الاتفاق مع الصّندوق، ذكر أنّ "الأمر يتعلّق بلبنان واستعداده وإصراره على تنفيذ الإصلاحات، فكلّما سرّعنا في الإصلاحات كلّما تسرّعت عمليّة بدء الخروج من الأزمة. فالإصلاحات يمكن أن تضع لبنان على السكّة الصّحيحة خلال أشهر، ثم ستأخذ سنتين أو ثلاثة لبدء الخروج من الأزمة".
وعن السّيناريو الّذي ينتظر لبنان في حال عدم توقيع الاتّفاق النّهائي مع صندوق النّقد، نوّه رئيس الوفد المفاوض إلى "أنّني لا أحب أن أتصوّر هذا السّيناريو، فنحن وبغضّ النّظر عن الصّندوق الدّولي، إذا لم ننفّذ الإصلاحات فإنّ الاحتياطات في البنك المركزي ستتضاءل يومًا بعد يوم، وسنصل لمرحلة لن نتمكّن فيها من استيراد المواد والاحتياجات الأساسيّة، وسنصل إلى واقع اجتماعي لا يمكن تحمّله". وفي ظلّ هذا السّيناريو، لم يستبعد أن "نصل الى صفراحتياطي".
وعن رقم الـ11 مليار دولار المتبقّية في احتياطي البنك المركزي، شدّد على أنّ "من ضمنها الـ"SDR" وهو بحدود المليار و165 مليون دولار"، موضحًا أنّ "هناك شركة عالميّة تقوم حاليًّا بالتّدقيق بالحسابات بالأصول الأجنبيّة في مصرف لبنان، وهذه الشّركة ستدقّق في الاحتياطات بالعملات الأجنبيّة وبقيمة الذهب الّذي لم يحصل له تقييم منذ فترات طويلة". وتوقّع أن "يصدر قريبًا التّقرير الّذي يُظهر الأصول الأجنبيّة، أمّا التقرير بخصوص أصول الذهب فيحتاج لمزيد من الوقت".
وعمّا إذا كان صندوق النّقد راضيًا عن أداء لبنان، كشف الشّامي عن "وجود انتقادات من جانب الصندوق على البطء في العمل من الجانب اللّبناني"، مركّزًا على "أنّنا إذا كنّا اليوم موجوعين، فإنّ الوجع سيكون أكبر بكثير إن لم نفعل شيئًا".
وتعليقا على الانتقادات الّتي تعرّض لها من النّائب ملحم خلف، أعرب عن أسفه لـ"سماع هذا الكلام وهذه اللّغة وهذا التّهديد من شخص كان نقيبًا للمحامين"، لافتًا إلى "أنّني فوجئت وصُعقت بهذا الكلام، ولا أقبل أن يخاطبني أحد بهذه الطّريقة أيًّا يكن. وإذا كان خلف يعترض على أيّ خطّة فأنا مكلّف من الحكومة، فلينتقد الحكومة وليس سعادة الشامي كشخص". واعتبر أنّ "بالقراءة بين السّطور في كلام خلف، يمكن الاعتقاد بأنّها المصادر ذاتها الّتي تحاول إسقاط الخطّة، وأنا أحمّل كلّ من يريد عرقلة الخطّة المسؤوليّة".