حتى الساعة، يبدو أن مختلف الأفرقاء يتعاملون مع الإستحقاق الرئاسي على أساس أن البلاد ذاهبة إلى مواجهة، فقوى المعارضة بدأت مشاوراتها من أجل الإتفاق على إسم تخوض فيه هذا الإستحقاق، بينما قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" تعمل، خلف الكواليس، من أجل الإتفاق بدورها على إسم آخر.
إنطلاقاً من ذلك، رُسمت الكثير من السيناريوهات حول اللقاء الذي جمع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والنائب فريد هيكل الخازن، المقرب من رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيّة، على قاعدة أنه يأتي بعد اللقاء الشهير بين باسيل وفرنجية، برعاية أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، في شهر رمضان الماضي.
أوساط الجانبين تؤكد أن اللقاء أعطي أكثر مما يستحق، بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، على إعتبار أنهما لا يحتاجان إلى وساطة لعقد لقاء جديد، خصوصاً في ظل الرسائل الإيجابية المتبادلة، لكن في المقابل تسعى بعض قوى المعارضة إلى تكبير حجمه بهدف الحديث عن خطر داهم، يتمثل بالإتفاق على ترشيح فرنجية، مقابل ضمانات يحصل عليها باسيل، برعاية مباشرة من "حزب الله".
في قراءة أوساط سياسية مطلعة، ترشيح رئيس تيار "المردة" لا يمكن التعامل معه إلا بجدية، لا سيما إذا ما تم تبنيه من جانب "حزب الله"، الذي لم يعط كلمته حتى الآن، وبالتالي قد يتحول إلى أمر واقع في أي لحظة، خصوصاً أن هذا الترشيح من الممكن، بحال التوافق عليه مع "التيار الوطني الحر"، أن يجمع المزيد من الأصوات، من خارج الكتلة الصلبة التي تضم هذا التحالف، أبرزها قد يكون من النواب المحسوبين على تيار "المستقبل"، على قاعدة أن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سبق له تبني فرنجية، بالإضافة إلى نواب "اللقاء الديمقراطي"، الذين قد يلتحقون بالتسوية في حال حصولها.
في المقابل، لدى هذه الأوساط قناعة بأن ليس هناك من هو راغب، في صفوف القوى الأساسية داخل فريق الثامن من آذار، بالذهاب إلى مرشح مواجهة، نظراً إلى أن ذلك سيكون بمثابة تمديد للأزمة القائمة، تحديداً منذ العام 2019، وتشير إلى أن هناك حملة "شيطنة"، لا يمكن تجاهلها، تواجه رئيس تيار "المردة"، بالرغم من سعي الأخير، منذ تاريخ الإنتخابات الرئاسية الماضية، إلى إعتماد سياسة وسطية، تقوم على أساس الإنفتاح على مختلف الأفرقاء.
في هذا السياق، تلفت مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن ترشيح فرنجية يتطلب أكثر من القدرة على تأمين الأصوات اللازمة لإنتخابه، أي 65 نائباً نظراً إلى أن تأمين 86 نائباً من المستحيلات، بسبب تحكّمالظروف الإقليمية والدولية المساعدة في هذا الاطار، وتوضح أن هذه الظروف قد لا تكون متوفرة لحظة الوصول إلى موعد الإستحقاق، نظراً إلى الغموض الذي يسيطر على الملفات الإقليمية والدولية، الأمر الذي لا يزال يرجح فرضية الذهاب إلى الفراغ.
من وجهة نظر هذه المصادر، ليس هناك من فريق لبناني قادر على تغطية تكرار تجربة الفراغ الماضية، خصوصاً أن العديد من الجهات الدولية قد تضغط لمنع ذلك، بينما في المقابل لا يمكن إستبعاد أن يكون هكذا السيناريو بوابة إنطلاق لتحركات شعبية جديدة، لا سيما إذا ما ترافق مع تدهور أكبر على مستوى الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنالصورة الحالية توحي بأن رئيس تيار "المردة" يواجه مرشحاً مجهولاً، قد يتم التوافق عليه بين قوى المعارضة، لكن وصول أي منهما ليس سهلاً، بينما خفض مستوى الرهانات يفتح باب الوصول إلى تسوية، داخليّة مدعومة خارجياً، نظراً إلى أن الرهان على الحسم من الخارج قد يطول كثيراً، في ظلّ إنشغال مختلف القوى الدوليّة والإقليميّة بملفات أكثر أهميّة بالنسبة لها، وتضيف: "الدفع بإسم فرنجيّة بهذا الشكل يصعب الإتفاق على أن يكون هو مرشح هكذا تسوية".