ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "الرئيس الأميركي جو بايدن، وصل أمس الى المنطقة، ويصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى إيران الأسبوع المقبل، والملف اللبناني واحد من المواضيع المدرجة على جدولَي أعمال الجولة الأميركية والزيارة الروسية. ويأخذ انتخاب رئيس جديد للجمهورية مداه في صراع محورين متقابلين في مرحلة حساسة، ما يثير شكوكاً حول المنحى الذي تطرحه احتمالات التصادم بين مشروعين رئاسيين مختلفين في العمق".
ولفتت إلى أنّ "في وقت يشتدّ فيه الكباش الإقليمي والدولي، ويقترب عهد رئيس الجمهورية ميشال عون من نهايته، ويستمر الانهيار الداخلي في تسارع، يغيب الدور المسيحي عن استحقاق الموقع المسيحي الأول"، مشيرةً إلى "أنّنا ندر أن كان التعامل مع الاستحقاق هشّاً لدى القوى المسيحية الى الحد الذي يبدو عليه اليوم، كما ندر أن سلّم الجميع جدلاً بأن مآل الصراع الحالي قد ينحصر باسم أو اسمين، فلا تطرح أسماء بديلة من تلك المتداولة. وقبل ثلاثة أشهر ونصف شهر من موعد خروج رئيس الجمهورية من قصر بعبدا، لا تزال القوى المسيحية غائبة عن المشهد الرئاسي".
وركّزت "الأخبار" على أنّ "مفارقات الاستحقاق عند المسيحيين والموارنة كثيرة، في مرحلة التحديات الإقليمية والمساومات والترتيبات التي لا يبدو أن لهم حضوراً فاعلاً فيها". وأفادت بأنّ "أحد السياسيين المخضرمين يشير إلى أنه لطالما كان للقيادات الإسلامية دور مهم في اختيار رئيس الجمهورية قبل الحرب وبعدها، وتعزز هذا الأمر مع الوجود السوري. لكن الدور المسيحي كان دائماً أساسياً، ولم يحدث أن كان مغيّباً الى الحد الذي صارت فيه القيادات المارونية تتعامل مع الاستحقاق كأنه محطة عادية في مسار الدورة السياسية، فلا تمارس أي ضغط سياسي أو شعبي للدفع في اتجاهه".
وشدّدت على أنّ "استحقاق عام 2022 يُظهر المسيحيين كأنهم استسلموا كلياً لفكرة أن الرئيس المقبل سيكون من اختيار حزب الله ولا أحد سواه، حتى إن معارضي الحزب باتوا غير واثقين بمتغيّر دولي أو إقليمي يساهم في فرض معادلة رئيس معارض للحزب مقابل رئيس موال له".
ووجدت أنّه "رغم أن الجو الإقليمي والدولي المتحرك يطرح ملف لبنان على الطاولة، مع احتمال غير مستبعد بأن يجري تقديم مشروع رئاسي معارض، إلا أنه خلافاً للاستحقاقات السابقة، لا دور للقوى المسيحية في تظهير وترجمة أي مشروع رئاسي مع الدول الفاعلة، لا مع واشنطن أو باريس ولا مع السعودية أو مصر".
نصر الله يعلن الحرب على تجويع لبنان: حقوق لبنان مقابل كل الطاقة في المتوسط
رأت صحيفة "الأخبار" أنّ "فتحًا لأبواب وإقفالًا لأخرى، بل أكثر من ذلك: هو إعلان عن مرحلة جديدة من الصراع. هذه خلاصة بسيطة لما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس، في شأن ملف النفط والغاز والصراع مع العدو"، مبيّنةً أنّه "قد يكون ضرورياً فهم خلفية كلام نصر الله وأبعاده، ليس في إطار موضعي يتّصل بمسار التفاوض التقني الجاري بين لبنان والعدو بوساطة أميركية، بل بأبعد من ذلك، وبما يتصل بأمن الطاقة في المنطقة ككل".
وشرحت أنّ "في قراءة واقعية، مستندة الى معطيات ومؤشرات، يمكن قول الآتي:
- أولاً، حدّد السيد نصر الله الطابع المصيري للمعركة، وقال كلاماً شديد الوضوح بأن هناك من يريد للبنان أن يموت جوعاً واقتتالاً على لقمة العيش، وأن المقاومة مستعدة لمواجهة ذلك بما هو أقسى وأشدّ، وبما ينعكس تبعات مشابهة على كل الجهات، سواء العدو الإسرائيلي نفسه أو الدول المستفيدة من برنامج الطاقة في البحر المتوسط.
- ثانياً، عندما تعلن جهة مثل حزب الله أنها تواجه مسألة مصيرية، وعندما يكون الشرح على لسان شخصية كالسيد نصر الله عن التزامات المقاومة تجاه شعبها وليس تجاه قوى سياسية، فإن الأمر يكون مرتبطاً بخيارات استراتيجية تعني، ببساطة، أن المقاومة باتت في حالة جهوزية عملانية لخوض حرب واسعة وليس القيام بعمليات موضعية من أجل ضمان حقوق لبنان نظرياً وعملياً.
- ثالثاً، إشارة السيد نصر الله العلنية الى مسح الأهداف مقابل سواحل فلسطين المحتلة، وقوله صراحة إن المقاومة مستعدة لـ"ما بعد كاريش"، يعني أن المقاومة وضعت كل وحداتها المعنية في حال جهوزية واستعداد لخوض معركة واسعة. ومن البديهي أن أي مواجهة بين المقاومة والعدو قبالة سواحل لبنان وفلسطين تعني، ببساطة، إسقاط الأمن عن كل أعمال التنقيب ومشاريع استخراج الطاقة في كل شرق المتوسط، وأن منطقة البحر المتوسط كلها وليس منطقة بحدّ ذاتها ستتحول إلى مسرح للعمليات. بمعنى أوضح: تقول المقاومة إن المعركة لا تقف عند حدود معيّنة، بل يمكن أن تتجاوزها الى أبعد مما يقدّره الآخرون إذا تطلّب الأمر.
- رابعاً، كان الأمين العام لحزب الله شديد الوضوح بأن عملية المسيّرات ما هي إلا رسالة صغيرة، ومن "لا يصدق" عليه "انتظار" الخطوات اللاحقة في حال استمرار تعنّت العدو، ومن خلفه الأميركيون، وعندها سيكتشف الجميع، في لبنان والمنطقة، أن منطق التدرج في الردود سيصل الى حدود لا يبدو أن كثيرين يدركون أبعادها.
- خامساً، قد يكون من المفيد لفت انتباه المعنيين الى أن للمقاومة أدبيّاتها التي تشير الى ما تفكر فيه. وتكفي، هنا، الإشارة الى مطلع الخطاب الذي استشهد فيه السيد نصر الله بالآية القرآنية "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِير..."، وفي هذا إشارة ورسالة واضحة الى أن المقاومة تتصرّف بأنه أُذن لها القتال من أجل ضمان حقوق شعبها. وهذا يعني، لمن لا يفهم عقل حزب الله، أن المقاومة وضعت نفسها في مرحلة المواجهة التي تقفل كل طرق المناورات، أو ما يسمى بخيار "اللاعودة" ما لم يبادر "عاقل" ما في هذا الكون بالتدخل سريعاً.
- سادساً، ثبّت السيد نصر الله النتائج الأولية لعملية المسيّرات بتحديد إطار التفاوض، لكنه كان أكثر حدّة في قوله إن الأمر لا يتعلق بنقاش حول حدود بحرية أو خلافه، بل بالحقوق، وربط الأمر بحاجة لبنان إلى هذه الثروات لمواجهة الأزمة. وفي هذا السياق، لم يكن سهلاً عليه الإشارة المباشرة الى أن من يحاول تخيير لبنان بين الموت جوعاً وبين الحرب، عليه أن يعرف أن خيار الحرب هو الأسهل والأكثر جدوى. ولم يكن السيد مناوراً عندما تحدث عن واقع الأزمة الحالية في لبنان، بل ربما كان شديد الوضوح بأن المرحلة تجاوزت تهديد اللبنانيين بالجوع الى مرحلة تنفيذ هذا التهديد، وبالتالي تجد المقاومة نفسها في موقع الردّ على هذا النوع من الحروب".