اشارت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الى إنه ينقص فقط الرئيس الصيني شي جين بينغ، كي تكتمل ما وصفتها بمجموعة "نادي القادة الاستبداديين" الذين يتحدون الديمقراطيات الغربية بانتظام، والذين يجتمعون اليوم الثلاثاء في طهران في قمة دولية ثلاثية.
واعتبرت "لوفيغارو" أن هذه اللقاء الثلاثي الذي يأتي في أعقاب زيارة جو بايدن إلى الشرق الأوسط، والمخصص لسوريا والقضايا الثنائية، هو بمثابة تحد للولايات المتحدة وخطوة إضافية في تعزيز قطب مناهض للغرب، بدأ منذ عدة سنوات ولكن تبلور بسبب الحرب في أوكرانيا. وأضافت الصحيفة أن الرؤساء الروسي والتركي والإيراني، على الرغم من خلافاتهم، فإن لديهم مواضيع للتباحث وقضايا للمناقشة بشكل ثلاثي أو منفرد.
وذكرت بانه بالنسبة للأتراك، يأتي رئيسهم أردوغان إلى طهران للحصول على الضوء الأخضر الذي يحتاجه لبدء "عمليته الخاصة" ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، حيث يريد إقامة "منطقة آمنة". هذا التدخل العسكري "من الصعب تجنبه"، كما تنقل الصحيفة عن دبلوماسي.
لكن الرئيس التركي يحتاج إلى استخدام المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا إلى حد كبير، وبالتالي فإنه يأمل في أن يجد في فلاديمير بوتين، الذي يقود أيضا "عملية خاصة" في أوكرانيا، أُذناً متعاطفة مع قضيته. في المقابل، لديه أشياء ليقدمها، فهو الذي يحافظ على علاقات جيدة مع موسكو وكييف ويسيطر على الوصول إلى البحر الأسود: دور الوسيط في الصراع الأوكراني والسيطرة على إخلاء 20 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا، الأمر الذي من شأنه تجنيب العالم أزمة غذاء.
وسيكون الاتفاق الذي تم التوصل إليه عبر الأمم المتحدة بموافقة موسكو وكييف موضوع مناقشات ثنائية بين أردوغان وبوتين. ويمكن أن يتبعه اجتماع جديد، الأربعاء أو الخميس في إسطنبول، بحسب "لوفيغارو".
واوضحت "لوفيغارو" أن الإيرانيين، من جانبهم، لطالما أرادوا شراء طائرات مقاتلة وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات من روسيا. وعلى غرار روسيا، فإنهم يدعمون نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، بينما يدعم الأتراك المعارضة المسلحة. في ذروة الحرب، قامت طهران بتزويد الجيش السوري بالجنود، بينما جلبت موسكو الطائرات والمدفعية الثقيلة. ولا شك في أن الإيرانيين يريدون الآن الاستفادة من "التّشتت" الذي أحدثته الحرب في أوكرانيا بالنسبة لروسيا، لتعزيز النفوذ الذي يمارسونه في المنطقة عبر المجموعات الشيعية.
وأضافت الصحيفة الفرنسية القول إنه لا شك في أن إيران وروسيا ستتحدثان عن النفط وكيفية الالتفاف على العقوبات الاقتصادية الغربية ضدهما. وعن البرنامج النووي الإيراني الذي يصل إلى هدفه على ما يبدو وسط لامبالاة من روسيا. ولدى طهران أيضا أشياء تقدمها في المقابل، بحسب لوفيغارو، إذ يمكن لروسيا، وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، الحصول على عدة مئات من الطائرات المسيرة الإيرانية، وهو ما تفتقر إليه في حربها ضد أوكرانيا. باختصار، التحالف بين البلدين يعمل بشكل جيد. منذ بداية العام، التقى فلاديمير بوتين بإبراهيم رئيسي ثلاث مرات.
وبالنسبة للروس، فإن هذه الزيارة ستكون الثانية لفلاديمير بوتين إلى الخارج منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 شباط الماضي. وتعد قمة طهران مليئة بالرسائل السياسية، إذ تُظهر للغربيين أولاً أنه على الرغم من العقوبات، ما يزال بوتين قادرا على تشكيل تحالفات والمشاركة في الاجتماعات الدولية. ثم يذكّر حلفاء أوكرانيا الأميركيين والأوروبيين بأن الكثير من العالم يدعم حرب الكرملين ضد أوكرانيا، على الأقل ضمنيا، كما توضح "لوفيغارو".
كما أن القمة تثبت مرة أخرى أنه منذ إنشاء مجموعة أستانا في عام 2017، فإن روسيا وإيران وتركيا هي التي تجر الخيوط في سوريا، وخرج الغربيون من المشهد.
واعتبرت "لوفيغارو" أن قمة طهران اليوم تقوّي ما وصفته بـ"معسكر الحكام المستبدين ضد الديمقراطيات" على خلفية الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط. فالمعركة ضد الغرب، في موسكو وطهران، والمسكون عنها في أنقرة التي تظل رسميا حليفا قويا لحلف شمال الأطلسي، ستكون بلا شك الطبق المشترك للرؤساء الثلاثة في طهران. علاوة على ذلك، للتذكير بقوة الإزعاج التي يتمتع بها تجاه الغرب والرافعات التي يمتلكها ضد فلاديمير بوتين، هدد أردوغان مرة أخرى بـ"تجميد" عضوية السويد وفنلندا لحلف الناتو.
وليست "التأكيدات الواهية" من جو بايدن، الذي وعد خلال رحلته الدبلوماسية الصعبة إلى الشرق الأوسط، بأن الولايات المتحدة لن تبتعد عن المنطقة، هي التي ستمنع القوى الصاعدة من ملء الفراغ الذي تركه الأميركيون في منطقة الشرق الأوسط"، تقول "لوفيغارو"، معتبرة أن اجتماع أستانا الجديد حتى إذا لم يؤد إلى قرارات ملموسة، فقد حقق بالفعل العديد من أهدافه. وأظهر أنه على الرغم من الخلافات التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من الغموض التركي في هذا الموضوع ، فإن الجبهة البديلة ما زالت ثابتة بين روسيا وإيران وتركيا.