في ظل تراجع فرص الوصول إلى إتفاق حول تشكيل حكومة جديدة، قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، بات من الواضح أن غالبية الأفرقاء المحليين يركزون إهتمامهم على الإنتخابات الرئاسية، على قاعدة أنها الممر الإلزامي نحو الإنتقال إلى مرحلة جديدة.
ضمن هذا السياق، يمكن فهم المواقف التي تصدر عن العديد من المرجعيات، سواء كانت على شكل تحديد مواصفات الرئيس المقبل، كما يفعل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أو على شكل البحث عن الخيارات الممكنة أو دعم بعض الأسماء، كما يفعل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
في هذا الإطار، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن اللافت على هذا الصعيد هو غياب الإهتمام الدولي أو الإقليمي في هذا الإستحقاق، باستثناء الدعوات المتكررة إلى إحترام المواعيد الدستورية التي تصدر بين الحين والآخر، الأمر الذي يعتبر أنه يأتي في إطار العموميات التي تؤكد أن الملف اللبناني لا يزال خارج الإهتمامات في الوقت الراهن، نظراً إلى وجود ملفات أكثر أهمية.
وتلفت هذه المصادر إلى أن معظم العواصم المؤثرة في الداخل اللبناني غير مهتمة إلا بملف واحد، هو ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، نظراً إلى الحاجة العالمية إلى الإنتهاء منه سريعاً، بالإضافة إلى التداعيات السلبية التي من الممكن أن تتركها أي تطورات سلبية على مستوى المفاوضات، التي تتم برعاية الولايات المتحدة الأميركية.
من وجهة نظر المصادر، لو لم يكن العالم، تحديداً البلدان الأوروبية، بحاجة إلى الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، ما كان لبنان ليكون على جدول أعمال أي من القوى الكبرى في الوقت الراهن، لا سيما أن تداعيات الحرب في أوكرانيا باتت كبيرة جداً، والجميع ينتظر بداية فصل الشتاء في القارة العجوز، لمعرفة المسار الذي من الممكن أن تسلكه الأزمة.
على الرغم من ذلك، لا يمكن تجاهل الحراك القائم على المستوى الداخلي، سواء ذلك المتعلق بالمرشحين المعروفين، أو بالصراعات التي تتصاعد حول بعض الملفّات المؤثرة، بالرغم من أنّ الأساس يبقى في مكان آخر مختلف.
في قراءة أوساط سياسية متابعة لمسار الإستحقاق الرئاسي، لا يزال كل من رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف هو المرشحان الأبرز، نظراً إلى أنهما الإسمان الأكثر تداولاً حتى الآن، خصوصاً أن الأول كان قد أطلق حملته الإنتخابية من خلال الزيارة التي قام بها إلى البطريرك الراعي، بعد أن فُسرت المواصفات التي يطرحها الأخير على أساس أن هدفها إبعاده من السباق، في المقابل الدفع بإسم الثاني، من قبل فريق سياسي محدد، قد يقود إلى إضعاف حظوظه، لا سيما إذا ما وضع في إطار مرشح المواجهة.
بالنسبة إلى فرنجية، تؤكد الأوسط نفسها أن كلمة السر لدى "حزب الله"، الذي لم يعلن أي موقف حاسم من الإستحقاق الرئاسي حتى الساعة، نظراً إلى أن الحزب هو الأكثر قدرة على إقناع "التيار الوطني الحر" على السير بترشيحه، أو ضمان أي إتفاق من الممكن أن يعقد بينهما على المرحلة المقبلة، الأمر الذي قد يعود إلى عدم الرغبة بوضعه في إطار مرشح الفريق الواحد، بينما بالنسبة إلى عون فإن حظوظه تتوقف أولاً على الدخول في الفراغ الرئاسي، بسبب صعوبة الوصول إلى إتفاق على تعديل الدستور، فيما لو لم تكن هناك تسوية كبيرة حول الإسم.
في المحصّلة، لدى هذه الأوساط قناعة بأن الدفع بأي إسم، في الوقت الحالي، قد يؤدي إلى إضعاف حظوظه، لا سيما أن مرحلة الحسم، التي من الممكن أن تبرز فيها مجموعة من الأسماء الجديدة، لم تظهر معالمها حتى الآن، الأمر الذي قد يتبدل في الفترة الفاصلة عن بداية شهر أيلول المقبل، خصوصاً إذا ما تقدم مسار التسويات على مستوى المنطقة.