لفت متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عودة، إلى أنّ "في بلدنا لا أحد من المسؤولين والزّعماء أو التجّار المحتكرين يقدّم نفسه أو الخليقة لله. الجميع يبحث عن إرضاء أناه، وملء جيوبه، وكأنّ لا أحد على هذه الأرض يحبّونه ويحترمونه ويرتفعون معه وبه نحو الملكوت، كأيقونة مخلوقة على الصّورة الإلهيّة".
ورأى، خلال ترؤّسه قدّاسًا إلهيًّا في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت، أنّ "مشكلة بلدنا هي الأنا القاتلة. الكلّ يريد السّلطة والمال والحصص ولو على حساب البلد أو الإنسان الآخر"، مشيرًا إلى أنّ "الله قد خلق الإنسان وسلّمه كلّ شيء ليعتني به. فإن كان الله شارك خليقته الخاصّة مع المخلوق، لماذا يحتكرها الزّعماء والمسؤولون والطّماعون، وهم يعلمون أنّها ليست ملكهم، بل من فضل ربّهم؟".
وذكر المطران عودة أنّ "الإنسان خُلق خادمًا للخليقة، كذلك المسؤولون وُضعوا في مناصبهم خدمةً للشّعب. من هنا، ضرورة وجود بشر في السّلطة يقرّون بأنّ الآخر شريكهم، وبأنّه مخلوق على صورة الله، وعليهم خدمته بأفضل وجه، كما يخدم الله نفسه"، مركّزًا على أنّ "لذلك، أملنا أن يضبط الجميع أعصابهم ويوقفوا حروب الحقد والتّعطيل والإلغاء، ويحكّموا العقل والضّمير، ويتصرّفوا بحكمة، من أجل إنقاذ ما تبقى من هذه الدّولة، ومن ماء الوجه".
وشدّد على أنّ "بعدما تعثّر تشكيل حكومة، عليهم الإنصراف بجديّة إلى انتخاب رئيس يعيد جمع ما تبعثر وإصلاح ما فسد. لا تدعوا الاختلاف في الرّأي والموقف يفرّقكم إلى حدّ يطيح بالدّولة وما فيها"، مبيّنًا أنّ "بقاء لبنان، واستعادة عافيته، أهمّ من المسؤولين ومن كلّ الجهات الدّاخليّة والخارجيّة، ومن كلّ النّزاعات والتّسويات. لبنان ليس فقط مساحةً وحدودًا، إنّه شعب عريق، حرّ، مبدع، جعله السّاسة مطيّةً لأطماعهم وأحقادهم".
وأوضح أنّه أيضًا "دستور يُداس يوميًّا بوعي أو بغير وعي ، لكنّهم يرفعونه متراسًا متى كان الأمر يناسبهم. وهو أيضًا قوانين عوض احترامها يستغلّها الجميع لمصالحهم، وغالبًا ما يفصلونها بما يناسبهم. وهو إدارة يجب رفدها بالعناصر الفعّالة والمنتجة، عوض استغلالها لتوظيف المحاسيب والأزلام. وهو قضاء نزيه يرسي العدالة ويحفظ حقوق المواطنين، يعتمد المحاسبة ويتوسّل العقاب حيث يجب، دون أن يعيق عمله عائق سياسي أو شخصي". وذكّر بـ"جريمة 4 آب وضحاياها من أبناء بيروت، وضرورة كشف حقيقتها ومعاقبة كلّ من تسبب بها، احترامًا لأرواح الضحايا ولآلام ذويهم".
كما أفاد عودة بأنّ "أملنا أن يعود الجميع إلى رشدهم، ويسلكوا بحسب ما يمليه الضّمير والواجب. ودعوتنا ألّا نأكل ونشبع فقط، بل أن نبحث عن الجائع لنشبعه معنا، هكذا لن تبقى فضلات وكسر، بل يأكل الجميع معًا ويفرحون، مسبّحين الله الّذي أعطى النّاس العطايا الصّالحة، فيما انتزع حكام الأرض كلّ أمر مفرح من النّفوس والأجساد".