تتدحرج قرارات وكالة "الاونروا" لتشد الخناق على رقاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بذريعة العجز المالي المتراكم، تتجاوز تقليص تقديماتها تدريجيا وخاصة الصحية منها والتربوية والخدماتية لتشمل عشرات الموظفين او المتعاقدين في برامجها، لتجعلهم عاطلين عن العمل في خضم تداعيات أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية يشهدها لبنان منذ ثلاث سنوات تقريبا.
آخر فصول القرارات المجحفة، الانذار النهائي الذي وجهته إدارة "الاونروا" لعشرات المعلمين بوقف مشروع الدعم الدراسي الذي بدأ منذ العام 2008 بحجة انه لم يعد له حاجة وضرورة، فيما الوقائع تؤكد عكس ذلك ومنها نتائج شهادة المتوسطة الرسمية "البريفيه" المتدنّية والتي جاءت مخيّبة للامال، الامر الذي يتطلب استمراره بل وتوسعته ليشمل صفوفا اكثر من الثلاثة الاولى من المرحلة الابتدائية.
اولى خطوات الرفض، قيام المعلمين المنخرطين في البرنامج بتنظيم اعتصام مفتوح في مقر وكالة "الأونروا" في العاصمة اللبنانية بيروت، في رسالة احتجاج واضحة للادارة بأن هذا القرار لن يمر وسيكون هناك خطوات تصعيدية في حال بقي التعنت سائدا في ظلّ الظروف الاقتصاديّة السيّئة فلسطينيا ولبنانيا.
ولوّح رئيس اتّحاد المعلّمينَ في لبنانَ فتح شريف، بتصعيد التحركات الاحتجاجية في حال تنكّرت إدارة الأونروا لهذه المطالب المشروعة، قائلا "بدأنا باعتصام مفتوح لمعلمي الدّعم وعائلاتهم وسيستكمل بخطوات تصعيديّة أكبر"، مشددا على موقف الاتّحاد الرافض بشكل قاطع لشطب المشروع أو الاستغناء عن معلّمي الدّعم تحت أيّ ذريعة، داعيا للحفاظ على المشروع وضمان استمراريّته لما له من قيمة كبيرة".
وفي خطوة حملت رغبة في التفاوض مع ادارة "الاونروا" حتى الوصول الى حلول منصفة، نقل المشاركون اعتصامهم المفتوح من داخل مكتب "الاونروا" الى امام مدخل الباب الرئيسي، حيث أكد المعلمون المعتصمون على اصرارهم للبقاء مع اولادنا حتى انتزاع حقوقهم، وفي الوقت نفسه هم على استعداد لعقد لقاءات مع إدارة الوكالة لإيجاد حلول واقعية ومقبولـة"، مشيرين الى ان نقل المكان هو تجاوب مع مبادرة الاتحاد لاعطاء فرصة للمدير الجديد لحل الموضوع عبر تمديد العمل بالبرنامج لأهميته خاصة بعد ظهور النتائج المتدنية في امتحانات الشهادة المتوسطة "البريفية".
ويعمل في المشروع نحو 77 معلما من أساتذة الدعم الدراسي منذ العام 2008 وقد اصبحوا اليوم اكثر من حاجة بعد الانقطاع الاضطراري عن التعليم الحضوري بسبب جائحة كورونا لمدة عامين تقريبا، والفجوة الذي تركها هذا الواقع على قدرات طلاب الحلقات الاولى من التعليم الأساسي من حيث قدراتهم على القراءة والكتابة وغيرها من المهارات التعلمية.
في آب الماضي، وجهت ادارة "الاونروا" انذارا الى معلمي الدعم لوقف المشروع، غير ان التحركات الاحتجاجية والضغط السياسي الفلسطيني دفعها للتراجع عن القرار، نظرا للحاجة الماسة اليه من جهة، ولكونه مصدر رزق لعشرات المعلّمين من جهّة أخرى، غير انها هذا العام كرّرت الانذار الذي يبدو انه نهائي هذه المرة.
ووصف مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان علي هويدي القرار بانه "ظالم" وغير موفق على الاطلاق، لا بل هو مجحف وقال لـ"النشرة" ان استمرار البرنامج ضروري لسببين الاول لرفع مستوى الطلاب لان وقفه سيؤثر سلباً عليهم وسيساهم في المزيد من تدني المستوى التعليمي والثاني نتيجة تردي الوضع الاقتصادي الذي يعيشه شعبنا فوقفه سيساهم ايضا في معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، مطالبا ان تبادر وكالة الأونروا الى التعاقد مع اساتذة جدد لا ان تفصلهم خاصة ونحن على أبواب عام دراسي جديد لتغطية الاحتياجات الضرورية.
وأعلنت اللجان الأهلية والشعبية الفلسطينية في المخيمات، أن فصل هؤلاء المعلمين بدون وجه حق سيؤدي الى تدهور وتدنّي مستويات الطلاب وستكون نتائجه حتما كارثية على نتائجهم عند وصولهم مرحلة الشهادة المتوسطة البريفيه، رافضة هذا الاجراء التعسفي الذي يتعارض مع أدنى أبجديات حقوق الإنسان والذي تتغنى الاونروا به دائما تجاه المدرسين والعبث بلقمة عيشهم بين الحين والآخر.
بالمقابل، اوضح المسؤول الإعلامي في وكالة "الأونروا" فادي الطيار أن "برنامج الدعم الدراسي موقت لدعم التعليم الأساسي العادي الذي يتم تمويله من ميزانية البرامج الأساسية للأونروا" وقد جرى توظيف معلمي الدعم ضمنه على أساس مؤقت وبوضوح تام، مؤكدا انه مع حلول نهاية شهر آب 2022 يكون تمويل المشروع قد استخدم بالكامل. ومع تركيزه الأساسي على دعم الطلاب في الصفوف من الأول الى الثالث، لم يعد المشروع في شكله الحالي يخدم أولويات برنامج التعليم.
وأكد الطيار بانه لن يكون لإنهاء المشروع أي تأثير على البرنامج التعليمي العادي للأونروا في لبنان والذي سيستمر في العمل كالمعتاد، فمعلموها العاديون مدربون بشكل كامل ومجهزون للتعامل مع احتياجات التعلم للطلاب دون الحاجة إلى برنامج الدعم الدراسي المؤقت، مشددا على ان إدارة الأونروا حريصة على التواصل المستمر مع اتحادات الموظفين والحفاظ عليه خدمة لهدفها الأساسي المتمثل في تحقيق أفضل تنفيذ ممكن لتفويض الأونروا لخدمة لاجئي فلسطين.