إتهم البنك الدولي في تقريره الأخير السياسيين اللبنانيين بالقسوة لتأكيدهم على أنّ الودائع في القطاع المصرفي المنهار في البلاد "مقدّسة" قائلا أن مثل هذه الشعارات "تتعارض بشكل صارخ مع الواقع"، موضحا ان الشعارات السياسية حول قدسيّة الودائع جوفاء وانتهازية.
بالتأكيد ليست المرة الاولى التي يسمع فيها اللبناني اتهامات وانتقادات لسياسييه من جهّات عدة فالبنك نفسه اتهمهم في تقريره السابق في كانون الثاني "بتدبير" الانهيار الكارثي للبلاد، وطال انتقاده النظام المصرفي ومصرف لبنان المركزي الذي ساهم من خلال تعاميمه في خسارة اموال المودعين عبر "ليْلَرَتِها" ودعا الى حماية الودائع، واعادة هيكلة الدين والتوزيع العادل للخسائر وتعزيز الخدمات العامة والى خطة مساعدات طارئة، وصندوق النقد بدوره انتقد ووجّه لهم اللوم كما جهّات دوليّة اخرى وجّهت الاتهام لسياسيي لبنان. السؤال بماذا يفيد اللبناني هذا التقرير وهل من متابعة قضائية له؟ هل من إجراءات بحق المسؤولين؟ هل من محكمة وعقوبات؟ هذا الكلام ليس بجديد يعرفه الخبراء والناس العاديين الذين يفضّلون عدم تصديق أنهم خسروا ودائعهم بالكامل ويتمنّون ان تكون الوعود بارجاع اول "مئة الف دولار مؤمّنة" كما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال "صادقة" ولكن... "الّي جرّب المجرّب بيكون عقلو مخرّب".
تقرير البنك الدولي واتهامه للسياسيين اللبنانيين "البونزيين" جاء متأخرا! "يعيشوا ويفوقوا" هكذا علق الخبير الإقتصادي د. إيلي يشوعي عبر "النشرة" لافتا الى أن هذا الكلام يردّده شخصيا منذ العام 1993 ورأى أنْ "لا جديد في التقرير إذ أكدوا المؤكد. متسائلا، ماذا يفيد ان يقولوا بعد 30 سنة. ألم يعرفوا بذلك من قبل، ومن المفترض أن لديهم أهم خبراء العالم في الإقتصاد والمال والنقد! وتساءل يشوعي أنه بعد اصدار التقرير عن السياسيين فاسدين وعصابات المافيا الـ"بونزيين"، هل من متابعة قضائية على المستوى الدولي؟ وأين كان البنك الدولي وصندوق النقد حين ارتكبت كل الأخطاء الفادحة بحق ماليّة لبنان؟!.
وأردف، "اذا كان مجرّد تقرير ونقطة على السطر، لا فائدة منه.
هذا ويمثل التقرير الجديد للبنك الدولي للمرة الثانية هذا العام بتوبيخه للسياسيين واتهامهم "بتدبير" الانهيار الإقتصادي الكارثي للبلاد من خلال قبضتهم الاستغلاليّة على الموارد حيث أدى الانهيار الى تجميد مدخرات المودعين في النظام المصرفي المشلول ودفع العملة المحلّية الى فقد أكثر من 90% من قيمتها. يمثّل إنذارا عن التدابير الاحتياليّة عن مدى تلبية السلطات لاحتياجات التمويل من خلال ما يُطلق عليه مخطط "بونزي" وهو نوع من الاحتيال الذي يضمن الدفع للمستثمرين الحاليين من أموال مستثمرين جدد.
ولفت تقرير البنك الدولي نفسه الى انه "كلما كان الشروع في الإصلاحات أبكر كلما قلت معاناة تكلفة تمويل "بونزي" بالنسبة للشعب اللبناني. فهل من يسمع؟! ولبنان يعيش سنة ثالثة من الانهيار الذي خلّف ثمانية من كل عشرة اشخاص فقراء والذي يقول البنك المذكور انه متعمد، وهو واحدا من أسوأ الانهيارات المالية في العصر الحديث تسبّب به سياسو لبنان الّذين امتهنوا النصب والاحتيال على الشعب اللبناني طيلة عقود من الزمن. ولفت الى ان "مصطلح قدسيّة الودائع لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ، بل انه يمنع ايجاد حلول لحماية معظم ان لم يكن كل اصحاب الودائع الصغار والمتوسّطين بالدولار والنقد".