أشار رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال أرسلان، خلال المؤتمر العام الخامس للحزب بعنوان "مؤتمر الشهيدين رامي سلمان وسامر أبي فرّاج"، إلى أن "لبنان اليوم على مفصلٍ تاريخيّ سيحدّد وجهتَه في المقبل من السنوات. في ظلّ تصريف الأعمال الحكوميّ المستمرّ منذ أشهر، وقبل فراغٍ رئاسي نخشى حصولَه، وأمام شللٍ في معظم الإدارات والمؤسّسات، نبقى متمسّكين، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بما نكرّره منذ سنوات بأنّنا أمام أزمة نظام نخشى أنّنا لن نخرجَ منها، ولو شكّلنا حكومةً أو انتخبنا رئيساً".
وأوضح أن " الأزمة أعمق، ولا تنفع معها تسويات ظرفيّة. بل الحاجة ملحّة الى مؤتمرٍ وطنيٍّ عام نتعلّم فيه من تجربة ما بعد الطائف، الذي لم يُنفّذ كما يجب وبدا أنّه غير قابل للتنفيذ من دون رعاية خارجيّة"، مضيفًا: "فلنذهب من دون عراقيل دستورية وغير دستورية الى انتخاب الرئيس الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات، وكما تقبّلنا نحن نتائجَ الانتخابات النيابيّة وقمنا بقراءتها وتقييمها، كذلك على الجميع أن يفعل في الاستحقاقات كلّها".
وشدد أرسلان، على أنه "لا يجوز، بعد اليوم، أن يصبح الفراغ عادةً وتصريف الأعمال نهجاً. هذا البلد يحتاج الى إصلاحاتٍ كبيرة، لا في القوانين كما يحصل، بل في التطبيق من قبل الحكومات التي نعلن اليوم، بصراحةٍ تامّة، بأنّها لم تكن كلّها، حتى تلك التي شاركنا فيها، على قدر الآمال المرجوّة منها، فسقطت في وحول الفساد والهدر والنكايات والزبائنيّة… فلنذهب الى حكوماتٍ منتجة، تلتزم ببرامج، تقدّم كشف حساب أمام الرأي العام، تُسأل وتجيب، تنجز ولا تمنّن، تعمل للجميع لا لحزبٍ ولا لطائفة ولا لزعيم".
ولفت إلى أنه "ولنستفد من لحظة الاهتمام الخارجي بلبنان أو بالأحرى بثروته النفطية، بسبب ملف الترسيم وغيره، وندشّن مرحلةً جديدة وطويلة من الاستقرار والنهوض، عبر تعديلاتٍ دستوريّة لا تستهدف أيَّ طائفة بل يكون هدفها إصلاحَ النظام السياسي"، مؤكدًا أنه "لقد أرخت الأزمةُ الحاليّة بثقلِها على قطاعاتٍ عدّة كانت تشكّل ميزةَ لبنان، من المستشفى الى المدرسة والجامعة. ولا يمكن تركَ هذه القطاعات تعاني، بل يجب إيلاؤها الاهتمامَ المطلوب كي لا يفقد اللبناني ثقته بها كما فقد ثقته بالمؤسسات الرسميّة، خصوصاً في ظلّ نزيف هجرة الأطبّاء. كما أنّ الأزمةَ كانت قاسية جدّاً على المؤسسات الأمنيّة، من ضبّاط ورتباء وعسكريّين... تراجعت قيمة رواتبهم وتعويضاتهم بشكلٍ كبير، فضاقت بكثيرين سبلُ العيش، وهو أمرٌ شديد الخطورة ويهدّد، اذا ما استمرّ واستفحل، الأمنَ المجتمعي".
وتابع أرسلان: "ولا يمكن، في ظلّ هذا العرض للواقع الذي نعيشه، اقتصاديّاً وماليّاً واجتماعيّاً، أن نغفل عن العبء الإضافي الذي يسبّبه ملف النازحين السوريّين، وقد سعينا، مع الوزراء الذين تعاقبوا على هذا الملف، صالح الغريب، رمزي المشرفيّة وعصام شرف الدين، الى وضع خطّة والعمل على تطبيقها وتواصلنا مع المسؤولين المعنيّين في الدولة السوريّة ولقينا تجاوباً، ولكن، وأقولها بصراحة، عانينا من سوء إدارة المتعاقبين على رئاسة الحكومة في لبنان لهذا الملف، ومعهم بعض الأفرقاء المعروفين، فكان يعاد الى الرفّ كلّما حرّكناه، ويواجَه بالعرقلة كلّما خطونا به الى الأمام".
وأوضح أنه "لقد بدأت كلامي بالإشارة الى أنّ لبنان على مفصلٍ تاريخي، وما يزيد من مفصليّة المرحلة هو ما بلغناه في التفاوض على الترسيم البحري الذي قد يفتح الباب أمام التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما"، مضيفًا: "ننطلق في مقاربةِ هذا الملف من التمسّك بحقّ لبنان، ونثق بأنّ رئيسَ الجمهوريّة لن يفرّط بحقّ، ولكن ما نخشى منه مستقبلاً هو أن يكونَ مصيرُ عائدات النفط كمثل مصيرِ الكثير من الثروات والمساعدات التي ضلّت طريقَ الخزينة وحطّت في الجيوب. من هنا ضرورة إنشاء صندوق سيادي شفّاف لحفظ هذه العائدات وحسنِ استثمارها في ما هو منتج، ونكون حينها فعلاً أمام قفزةٍ نوعيّة من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج".