بهدف تعزيز ومراقبة الشفافية في تنفيذ أحكام قانون الشراء العام في لبنان، الذي دخل حيز التنفيذ في 28 تموز 2022، أطلقت "مبادرة غربال" بالتعاون مع "مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية" (MEPI) و"معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي" مشروعها الجديد "مناقصة"، وهو منصة تفاعلية تسمح للمتعهدين وأصحاب المصالح بالتعرف على فرص الصفقات حسب المناطق والإدارات والقطاعات وعلى تطورها وسبل التقديم عليها وشروطها، وتتيح للرأي العام والمجتمع الأهلي بمراقبة العقود الناتجة عنها.
وبالتزامن مع إطلاق المشروع الجديد، أطلقت غربال تقريرها السنوي الرابع لسنة 2021، حول "الشفافية في الإدارات العامّة اللبنانيّة". ويتناول التقرير الذي أعد بالتعاون مع المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية، تحليل "عقود القطاع العام مع المتعهدين" على مدى عشرين عام بين عامي 2001 و2020، ويشمل أكثر من 17 ألف عقد بقيمة 13.5 مليار دولار وقع من قبل 44 إدارة تعاونت في إعطاء المعلومات، من أصل 196 إدارة طلبت منها المعلومات.
واعتبر رئيس هيئة الشراء العام جان العلية، تعليقاً على تقرير مبادرة غربال عن الشفافية في الإدارات العامة، أن "تراجع تجاوب الإدارات في كشف المعلومات يؤشر إلى تراجع مؤشرات الشفافية العامة في لبنان وهو مرتبط بأداء الإدارات العامة المتراجع وتمسك القائمين الحقيقين عليها بنهج التعتيم".
ورداً على النتيجة التي توصل اليها التقرير بأن "الادارات العامة كانت تفضل اللجوء إلى العقود بالتراضي في صفقاتها العامة بدلا من المناقصات، حتى في اكبر العقود قيمةً خلال 20 عاماً"، أوضح أن "الادرات تسعى للتفلت من رقابة إدارة المناقصات ولتكريس نهج المحاصة ومن ضمنها الصفقات".
وأعلن العلية أن "الهيئة جاهزة منذ دخول القانون حيز التنفيذ في 29 تموز الماضي وكذلك المنصة الالكترونية التي يمكن متابعة الاخبار والمقررات عليها ويمكن للجهات الشارية ارسال المستندات المطلوبة لاي مناقصة عبر بريد الكتروني خاص منشور عليها"، ولفت إلى أنه "يجب على الجهات الشارية الانخراط بالدورات التي ينظمها معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لانه بموجب القانون لا يمكن اختيار اعضاء لجان استلام وتسليم من خارج لوائح المتدربين على القانون من قبل الجهات الشارية، لكن للساعة لا تجاوب من قبل هذه الجهات".
وكشف أن "تجاوب الجهات الشارية ما زال خجولا مع هيئة الشراء العام رغم ان عددا من الادارات ابدى التزامه بالقانون، فعدد المستندات التي تلقتها الهيئة على بريدها العادي والالكتروني ما زال قليل"، وأضاف أنه "مع قانون الشراء العام، ولى زمن الصمت والتعتيم. فأنا ادعو الموظفين العامين الى عدم الخوف من الكلام، فالقانون يلزمهم بالكلام لكشف أي مخالفات تطال اصلاح الشراء العام. والهيئة سيكون صوتها صارخا حفاظا على الشفافية والمال العام".
بدورها، اكدت مستشارة وزير الماليّة لشؤون إصلاح الشراء العام لميا مبيض، أن "قانون الشراء العام له أهمية في تعزيز الشفافية في آليات صرف المال العام وللدلالة على ذلك ما علينا إلا مراجعة التقرير الصادر حديثا عن البنك الدولي حول المالية العامة في لبنان، تحت عنوان: مخطط تمويل بونزي". وأردفت أن "التقرير يعتبر بأن تفريغ الدولة هو نتيجة متعمدة لترسيخ امتيازات المستفيدين الرئيسيين من اقتصاد لبنان بعد الحرب، وأن القوانين المتقادمة التي لا تلتزم المعايير الدوليّة قد ساهمت بذلك".
وكشفت مبيض، أن "هناك معارضة كبيرة لتطبيق قانون الشراء 244/2021. فعدد كبير من الجهات كانت تظن بانه لن يطبّق الى حين دخوله حيّز التنفيذ. وهي اليوم تدفع الكتل النيابيّة على اختلافاتها لتعديل القانون قبل المباشرة بتنفيذه"، علماً أن هذه الكتل بمعظمها كانت متحمّسة لهذا القانون الإصلاحي وشاركت بفعّاليّة في اللجنة النيابيّة الفرعيّة التي درسته بجديّة.
وأشارت الى أن "قانون الشراء العام هو المسار الاصلاحي الوحيد الذي سار على سكة سليمة، فاليوم هناك خطورة في العودة الى الوراء عن فكرة الاصلاح، التي لم تَمُتْ بعد نهائيا". ونبّهت من أن "أي تعديل في هذه المرحلة سوف يُعتبر تراجعا عن تطبيق القانون ٢٤٤ وسيوصم البرلمان اللبناني بعدم قدرته أو رغبته بالسير بالاصلاحات وستضرب سمعة لبنان المترنّحة امام المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي الذي يراقب مسار تطبيق القانون ٢٤٤ عن كثب".
كذلك كشفت مبيض، أن "مصرف لبنان هو من ابرز المؤسسات التي اعلنت رفض تطبيق القانون، فقد ارسل كتابا الى رئيس مجلس الوزراء يعتبر فيه بأن قانون الشراء العام لا ينطبق عليه" وهناك عدد كبير من الباديّات التي لم ترسل موظفيها ولا أعضاء مجالسها للتعرف على القانون والتدرّب عليه وهي تستبق تطبيق القانون وتشيع أنّه لا يطبّق وتدفع إلى تعديله.