عندما تلقت عائلة الشاب اسامة ديب في طرابلس رسالة عبر واتساب منذ أيام يتحدث فيها مسؤول قيل إنه من تنظيم داعش الإرهابي في العراق، ويعلن فيه مقتل ديب مع ثلاثة شبان من طرابلس وهم خالد المصري ومحمد الراوي وأسامة عوض، لم تتأكد من خبر مقتلهم لأسباب عدة، أولها أن التنظيم الإرهابي لم يعرّف عن هوية صاحب الرسالة الصوتية، وثانيها لأن التنظيم لم يرسل صوراً أو أفلاماً للشبان الأربعة بعد مقتلهم كما كان يحصل سابقاً عند مقتل أي شاب لبناني وهو يقاتل مع التنظيم الإرهابي أكان في سوريا أو في العراق. أما السبب الثالث الذي دفع بالأهالي الى طرح أكثر من علامة إستفهام فهو كلام صاحب الرسالة الصوتية عن إكليل غار يجب وضعه على أضرحة الشبان، علماً أن تقليد وضع أكاليل الغار على الأضرحة يتناقض كلياً مع الفكر السلفي ومع الأفكار التي ينشرها التنظيم المذكور.
أيضاً وأيضاً هناك سبب رابع دفع بأهالي الشبان الأربعة الى الشك بحصة التسجيل الصوتي ألا وهو التوقيت الزمني الذي ارسل فيه، إذ أن أبناءهم تركوا منازلهم في طرابلس منذ آب من العام 2021 أي منذ سنة من اليوم، ومنذ حوالى عشرة أشهر إنقطعت أخبارهم وتوقفوا عن إرسال رسائل الإطمئنان عبر واتساب الى أهلهم وذويهم. فلماذا إنقطعت أخبارهم منذ عشرة أشهر وأعلن خبر مقتلهم اليوم أي بعد سنة؟ ومن يضمن ألا يكون مقتل الشبان الأربعة قد حصل منذ عشرة أشهر؟ وهل وقعوا في الأسر مع التنظيم الإرهابي؟ أسئلة لا يتوقف الأهالي عن طرحها.
أخطر ما في هذا الملف، هو الأسلوب الذي إستدرج فيه البعض من شباب طرابلس كي ينتقل من عاصمة الشمال الى سوريا ومنها الى البادية العراقية حيث التحق بصفوف التنظيم الإرهابي، وهنا تفيد المعلومات الأمنية بأن بعض من إنتقل من عاصمة الشمال اللبناني الى العراق والتحق للقتال مع داعش تم تضليله عبر واتساب بعدما تواصل معه شخص من التنظيم وأقنعه بأنه مطلوب في لبنان وأن الأجهزة الامنية قد تلاحقه بسبب ملف له علاقة بالتنظيمات الإرهابية، وأن إنتقاله الى العراق عبر سوريا هو السبيل الوحيد لحماية نفسه من التوقيف والسجن والأحكام القضائية.
من الأمور الخطيرة أيضاً التي تضمنها التسجيل الصوتي الذي أرسل الى أهالي الشبان الأربعة هو التحريض الذي إعتمد لتجييش الشباب الطرابلسي وتشجيعه على الإنتقال الى العراق للقتال ضمن صفوف التنظيم "نصرة للمسلمين" كما قال صاحب التسجيل الذي تردد أنه متحدث بإسم داعش.
بين آب 2021 وآب 2022، كبير جداً هو عدد الشبان الذين إنتقلوا من طرابلس الى العراق وعبر سوريا للقتال في صفوف داعش.
كبير جداً هو عدد هؤلاء لدرجة أن الأجهزة الأمنية لا تملك لوائح دقيقة بأسمائهم ولأن عددهم يتزايد يوماً بعد يوم علماً أن الدفعة الأكبر ذهبت في منتصف صيف 2021 وقدّرت بحوالي 60 أو 70 شاباً. فهل سيدرك المسؤولون في لبنان خطورة هذه الظاهرة؟ على أمل...