طالبت جمعية مصارف لبنان عقب انعقاد جمعيتها العمومية في العاشر من آب الجاري ان يصار الى إنشاء محكمة خاصة بالأمور المصرفيّة على غرار المحكمة "الخاصة بالأسواق المالية"، واقترحت أن تتألف من قاضٍ ذات خبرة في القوانين المصرفيّة ومن عضوين متمرّسين في العمل المصرفي.
لماذا؟ هل تشكو المصارف من "مظلوميّة" ومن ان احكام تصدر بحقها غير عادلة؟ هل لأنهم يرون ان المحاكمات بحقّهم تأتي بشكل عشوائي بدل أن تكون منظّمة بموجب محكمة ولها جهازها؟هل هذا الأمر قابل للتطبيق؟وهل من محاذير يمكن أن تنتج عنه؟.
حملنا السؤال الى الأمين العام لمؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية القاضي الدكتور الياس ناصيف الذي رأى في عبر "النشرة" "إن المطالبة بإنشاء محكمة خاصة بالأمور المصرفية يطرح التساؤل حول الغاية التي من أجلها يجب إنشاؤها، وهل هي لتقرير ما إذا كان يحقّ للمودع أن يسحب أمواله نقداً أو تحويلها بحرية دون قيود؟ وعلى مبدأ فرضيّة انشاء هكذا محكمة، هل بوسع البنوكالامتثال لقراراتها اذا اتّجهت لإعادة الاموال للمودع"؟.
واشار الى ان هذا الموضوع يخضع أساسا لأحكام قانون التجارة والملكيّة الخاصة بالإضافة إلى القوانين الأخرى مرعية الإجراء.ولفت القاضي المذكورالى أن العقود التي تلزم المصارف عملاءهاعلى توقيعها تكون مقيّدة وموضوعة لمصلحتها.فضلاً عن أن أموال المودعين لا تزال بحوزتها، وهي المسؤولة والقيّمة عليها وهي أمانة لديها. واوضح "أن ليس هناك من حواجز أمام البنوك إذا أرادت تقديم دعوى على أحد المودعين لديها حيث لها اللجوء إلى المحاكم العادية، المدنية أو الجزائية. هذا فضلاً على أن المسائل المصرفيّة متشعّبة جداً، فمن جهة توجد المسائل التجارية، كعلاقة المصرف بعملائه، عبر عقود القرض، والشيكات المصرفية، ومن جهة أخرى العلاقة بين المودع والمصرف، وهذه المسائل لا يمكن أن تتناولها محكمة واحدة فقط، وبالتالي فإن إنشاء المحكمة الخاصة في هذا الإطار ليس لها لزوم وهدف.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من المحاكم يختلف عن المحكمة الخاصة بالمصارف الموضوع اليد عليها، المُؤسسة بموجب المرسوم رقم 2011/7188 (تأليف المحكمة الخاصة بقضايا المصارف الموضوعة اليد عليها وتحديد التعويضات) حيث هدفها وغايتها تسريع البتّ في الوضع القانوني للمصارف المتوقفة عن الدفع، فلا يمكن مقارنة الدوافع والغايات وراء المحكمتين معا.ً
وأردف أمين عام مؤسسة جوستيسيا الحقوقية الى انّه "بالامكان تخصيص غرفة من غرف محاكم البداية أو الإستئناف للنظر في القضايا المصرفيّة بدلاً من تأسيس محكمة خاصة في إطار توزيع الأعمال بين المحاكم، فعلى سبيل المثال في بيروت هناك غرفتين تنظران في القضايا التجارية والمالية وأخرى في قضايا الافلاس، وبإمكان تخصيص إحدى غرفتي التجارة للنظر بالقضايا المصرفية، فيكون توزيع الأعمال في هذه الحالة كافيا".
وأضاف القاضي ناصيف أنّه يمكن العمل على تدريب القضاة الموجودين أصلاً في المحاكم التجارية ولديهم معرفة في القوانين والمسائل والقضايا المصرفية بشكل معمّق ومختصّ أكثر، وتفريغهم بشكل خاص لملفات المصارف. وعبّر عن موقف مبدئي عن اعتراضهالشديد باللجوء لتجربة المحاكم الخاصة والإستثنائية كالمحاكم العسكرية "حيث تنعدم مبادئ المحاكمة العادلة والمستقلّة والحيادية".
هذا وكانت جمعية المصارف طالبت ايضا بوجوب ان تتحمل الدولة مسؤوليتها الكبرى عن الخسائر التي تسببت بها سياساتها وقراراتها، والمحافظة على القطاع المصرفي ودعم الثقة به كشرط ضروري لإعادة انطلاق عجلة الإقتصاد الوطنيالى جانب مطالب أخرى...