ضمن المخاطر الّتي تتهدّد الطّفولة في لبنان، الاستغلال الإِلكترونيّ–الجنسيّ، أَو التحرُّش الجنسيّ، ومِن أَشكاله الّتي بدأَت في الظُّهور والانتشار أَخيرًا، حَيْث يَظهر بعض الصُّوَر الإِباحيّة في شكلٍ مُفاجئٍ، على الهاتف الذكيّ أَو الحاسوب المحمول.
إِنّه شكلٌ مِن أَشكال المُضايَقات الجنسيّة، الّتي لم تكُن مَوْجودةً حتّى قبل بضع سنوات، ويُسلّط الضَّوْء على العالَم الرّقميّ السّريع التطوّر.
ويتضمّن التحرُّش الجنسيّ الإلكتروني؛ إِرسال صُوَرٍ فاحشةٍ غير مرغوبٍ فيها، إِلى الغُرباء عبر خدمة الـ"بلوتوث"، أَو برامِج المُشارَكات الأُخرى على الهاتف الذّكيّ!.
وبخلاف النَّوْع القديم مِن التحرُّش الجنسيّ، حيث يقف الجاني أَمامك مُباشرةً ولا يكون مجهولًا، فإِنّ التحرُّش الجنسيّ الإِلكترونيّ فاعله مجهولٌ في الغالب.
يضع المُرسِل نفسَه في مركز تسوُّقٍ، أَو ملعبٍ رياضيٍّ أَو أَيّ مكانٍ عامٍّ آخر، وُيرسِل الصُّورة إِلى أَيّ شخصٍ داخل دائرة نصفٍ قطرها 3 أَمتار، ويُمكن أَن يكون الشّخص المعنيّ مُراهقًا أَو شخصًا بالغًا، أَو حتّى طفلًا في الثّالثة من عمره، يحمل هاتف أُمّه.
وضعيّة الضحيّة
مِن المُحتمَل أَن تبحث الضحيّة حولها لتحديد المُرسِل، ولكنّها في النّهاية مجرّد لعبة تخمينٍ؛ حيث يُمكِن أَن يكون أَيّ شخصٍ... وشأْن باقي المُضايَقات الأُخرى عبر "الإِنترنت"؛ مثل نشر رسائل تهديدٍ أَو صورٍ أَو مقاطعَ (فيديو) عبر الإِنترنت، أَو إِرسال رسائل غير مرغوبٍ فيها، وفي شكلٍ مُتكرّرٍ، فإِنّ الهدف مِن التحرُّش الجنسيّ الإِلكترونيّ هو إِذلال الضحيّة والإِرهاب. فكيف إذا كانت الضحيّة مِن الأَطفال؟.
وأَمّا مِن حَيْثُ مشاعِر ضحيّة التحرُّش الجنسيّ الإِلكترونيّ في حالة الفتاة البالغة مِن العُمر 14 عامًا أَو أَكثر، فهي لن تُتاح لها فرصة التعرُّف إِلى مَن يتحرّش بها أَو إِمكان أَن تطلُب العدالة أَو حتّى الحُصول على اعتذارٍ عن الأَفعال الشّنيعة المُرتكَبَة في حقّها، ما سيتركها على الأَرجح تشعر بالعجز والقلق ويُحتمَل أَن تكون خائفةً مِن الاتّصالات المُستقبليّة مِن المُتحرّش.
كما وقد أَثّرت الأَجهزة الرّقميّة في شكلٍ كبيرٍ، في كيف؟، ومتى؟، وأَين؟ ولماذا نتواصل مع الآخرين؟. كما وقد يتعدّى عدد رسائل التحرُّش الرقميّة الـ 50 رسالة كُلّ يَوْمٍ!. وحتّى وقتٍ قريبٍ، لم يكُن الآباء يعرفون أَنّ عليهم توجيه أَطفالهم في سُبُل التّعامُل مع التحرُّش الجنسيّ!.
أَساليب جديدةٌ للمُضايقة؟
الابتكار التّكنولوجيّ المُستمرّ، والاستخدام "الماهِر" والمُتزايد لأَجهزته، والمَزيد مِن عدم الوضوح في الحياة على "الإِنترنت" وخارجها، يعني أَنّ أَساليب جديدةً للمُضايقة والتحرُّش الجنسيّ ستستمر في الظُّهور. كما وأَنّ الأَمر لا يتعلّق بالتّكنولوجيا فقط. فالتحرُّش (سواء أَكان رقميًّا أَم لا) يتلخّص أَيضًا في انتِفاء القِيَم الإِنسانيّة!. ويُؤدّي ذلك إِلى دُخول الضحيّة في دهاليز التّمييز الذي يتعلق، بالحياة الجنسيّة أَو "الجندرة". كما ويُمكن أَن تتعلّق التحرُّشات تلك، بِسِمات الشّخصيّة، مثل اندِفاع التحكُّم في النّفس أَو انخفاضه، وعدم القُدرة على التّعبير عن الغَضب في شكلٍ مُناسبٍ، وتدنّي احترام الذّات.
في مُواجهة التحرُّش
مِن الأَهميّة في مكانٍ، في هذا المجال، دعم الضّحايا-الأَطفال، والمقصود هُنا بحسب المَفهوم الدّوليّ للطّفولة، أَن يتراوح العُمر بَيْن الصّفر إِلى 18 عامًا، ليَشعُروا بالأَمان، وأَن نكون قادرين على التّعامُل مع المَخاطر المُتغيّرة في استمرارٍ والّتي يُمكن أَن تحدُث عن طريق الاتّصالات الرّقميّة، حَيْث إِنّ فترة المُراهقة هي فترةٌ انتقاليّةٌ، ويزداد استخدام الأَطفال لوسائل الإِعلام، وهذا يعني أَنّ مُشاركة الوالدَيْن –في خَفَرٍ وذكاءٍ– يُمكن أَن تكون مُؤثّرةً ومُهمّةً وبخاصّةٍ في دعم قُدرة المُراهقين على فهم التحرُّش الجنسيّ وإِدارته عبر الإِنترنِت، إِذا حَدَث. ومِن شأن هذه الخُطوة تاليًا أَنْ تُؤَدّي إِلى الشُّعور بالانفتاح، بحيث يشعر المُراهِق أَو المُراهقة بالرّاحة لإِخبار والده عن تعرُّضه للإِيذاء الإِلكترونيّ أَو غيره مِن المُضايَقات الّتي قد يتعرّض أَحدُهما لها عبر الإِنترنت. وفي عصر التحرُّش الإِلكترونيّ، لا مناص مِن الرُّكون إِلى ثالوث القِيَم الاجتماعيّة الّتي تُحصّن الذّات مِن التحرُّش الجنسيّ، وعامل بناء الثِّقة مَع الضحيّة لمُساعدته، وإِدراك سُبل حُسن التصرُّف للنّجاح في نقل الطّفل-الضحيّة إِلى برّ الأَمان!.