ألقت الأزمة السورية بثقلها بشكل كبير على اللبناني، مع توافد الأعداد الهائلة من النازحين الى لبنان وتمركزهم فيه منذ العام 2012، وما زاد الطين بلّة الأزمة الاقتصاديّة والانهيار المالي ضربا لبنان كزلزال منذ العام 2019 ولا يزال مستمرًا بارتداداته العنيفة حتّى اليوم، والتي كانت "الشعرة التي قصمت ظهر البعير"...
دون أدنى شكّ، أثّر النزوح السوري على الإقتصاد اللبناني وعلى حياة اللبنانيين بشكل أساسي، خصوصاً وأن النازح يتلقى المساعدات من جهات دولية مانحة وبالعملة الصعبة، في حين أن اللبناني متروك لمصيره وكأنّ الكون بأسره يعمل ضدّ بقاء المواطن في أرضه!.
طبعاً ذاق اللبنانيون الأمرّين لسنوات، حيث دفعوا ثمن الأزمة السورية أضعافاً مضاعفة، تحمّلوا عبء النزوح والوجود غير الشرعي، والى أن يقاسمهم الغرباء لقمة عيشهم ويهدّد أمنهم عبر الاستيطان في أرض ليست لهم ولا حقّ لهم فيها، وهم يعانون من "الموت البطيء". هذا المشهد واقعي وأمامه هناك أصوات تصدح مطالبة بإعادة النازحين إلى بلادهم، بدءًا من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي حذّر مراراً وتكراراً من خطر بقائهم على الدولة والاقتصاد.
بالأمس، سرت أخبار تؤكّد وجود احصاءات تكشف ان من ضمن كل سبعة ولادات جديدة في لبنان هناك طفل لبناني واحد فقط.
في هذا السياق تجزم مصادر وزارة الشؤون الاجتماعية عبر "النشرة"، أننا "أول من يريد إعادة النازحين الى بلادهم، ولكن للأسف في البلد هناك "تراند" يقول لإعادتهم إلى بلادهم يجب الاكثار من الشائعات"، وتشدد في نفس الوقت على أنه "في وزارة الشؤون الاجتماعية هناك فريق عمل تابع لخطة لبنان للاستجابة يقوم بتسجيل الولادات وهناك ملف لكل عائلة سورية"، شارحة أن "كلّ النازحين المسجلين بمفوضية اللاجئين يحضرون إلى وزارة الشؤون لتسجيل ولاداتهم"، كاشفة أن "لدى الوزارة هناك 190 الف مولود سوري سُجّلَ خلال الأزمة السورية، أي من العام 2012 إلى يومنا هذا".
تذهب مصادر أخرى مطلعة أبعد من ذلك، وتشدد على وجود "245 الف أجنبي مسجلين في لبنان لدى وزارة الصحة، وهذه الأرقام تتضمن السوري والفلسطيني وغيرهما".
تعود مصادر وزارة الشؤون لتشير إلى أن مدير احدى المستشفيات يتحدث عن هذا الاحصاء، وتلفت إلى أنه "ربما استند إلى أن المستشفى الذي هو موجود فيه متعاقدة مع مفوضية اللاجئين من أجل الولادات السورية"، مشيرة في نفس الوقت إلى أنه "إذا قمنا بجولة على المستشفيات الخاصة مثلاً، نجد أن الولادات اللبنانية أكبر بكثير"، مشددة على "ضرورة توخي الحذر والتروّي في اصدار المعلومة".
هذا الأمر الذي نسرده لا يغيّر الواقع السيّء الذي يعيشه اللبناني جراء النزوح السوري المدمّر لإقتصاد وماليّة وأمن البلد، ولكن إذا فعلاً أردنا اعادة هؤلاء إلى بلادهم فلن يكون عبر اطلاق الشائعات أو خلق "موجة" معيّنة بل بقرار سياسي موحّد!.