لفت قاضي التّحقيق الأوّل في جبل لبنان نقولا منصور، تعليقًا على إضراب القضاة الّذي أَعلن عنه 350 قاضيًا من مختلف الدّرجات، إلى أنّ:
"نحن قاضي التّحقيق...
ولدى التّدقيق تبيّن أنّ:
القضاة في لبنان مطالبون بأن يقدّموا كل شيء ويضحّوا بكل شيء دون مقابل ولا حقوق،
وأنّ استقلاليّة القضاء ومصداقيّته باتت أكثر من أيّ يوم مضى على المحكّ، وأنّ أيّ مشروع في اتجاه الاستقلاليّة يقابَل بالتّوقيف في جوارير النّافذين،
وأنّه كلّما ارتفعت صرخة القضاة مطالبين برفع الظّلم عنهم وإنصافهم بحقوقهم ، عَلت أصوات المخوّنين والمنتفعين،
وأنّ قصور العدل باتت كمدن الأشباح حيث لا كهرباء ولا ماء، وأضحى Flasher هاتف القاضي مصدر الإضاءة في مكتبه، وطبعًا لا تكييف ولا تبريد،
وأنّ القضاة يحضرون إلى مكاتبهم، والمحروقات للتنقّل على نفقتهم، وينتظرون سوق الموقوفين لساعات فلا ينتهي انتظارهم إلّا بمعذرة سوق لشحّ البنزين أو غياب العناصر،
وأنّ البعض يريدون أن يطوّقوا القضاء ويخنقوا القضاة ليصبحوا أداةً لديهم، ينفّذون رغباتهم السّلطويّة والزّبائنيّة والخدماتيّة،
وأنّ البعض من القضاة للأسف يزايدون في انتقاداتهم على الآخرين في الولاء لعملهم وينصّبون أنفسهم منظّرين، فيصنّفون الإضراب لازمًا في بعض الأحيان وخطيئةً في أحيان أخرى لغايات في نفس يعقوب،
لذلك، وبناءً على مطالعة الشعب اللبناني الرّافض لهذا الواقع والمتمسّك بقضاء مستقلّ ونزيه وعادل، نقرّر:
-أوّلًا: اعتبار حقوقنا لا سيّما لناحية راتب عادل يليق بمكانة ومسؤوليّة القاضي، مقدّسة ولا مساومة عليها، ولا تراجع عن الاستمرار بالمطالبة بها.
-ثانيًا: الاعتكاف والإضراب المفتوح لأنّه أضحى الوسيلة الوحيدة الّتي نعوّل على أن تحرّك ضمائر المسؤولين عن هذا البلد، تجاه حقوقنا الّتي من المفترض أنّها مكتسبة.
-ثالثًا: عدم السّماح للسلطوييّن والسّياسيّين أن يأخذوا منّا أداةً لمصالحهم، فنحن القضاة أسياد أنفسنا، ونشغل مواقعنا لأنّنا مستحقّون، ولا منّة لأحد علينا، ولا مونة علينا في إصدار قراراتنا وأحكامنا لضمائرنا.
-رابعًا: أن لا نأخذ نحن القضاة، في ظلّ هذه الأوضاع، من الرّشوة وسيلةً للعيش، لأنّنا أقسمنا اليمين بأن لا نحكم إلّا بالعدل ولا نحقّ إلّا الحقّ، وبأن لا تقوى ظروف مهما كانت علينا وعلى إرادتنا، وأن لا نسمح لأنفسنا تحت أيّ حجة بأن نشوّه صورتنا وسمعتنا.
-خامسًا: أن نبقى سلطةً مستقلّةً عن الجميع، ونستمرّ في السّعي جاهدين لتحقيق أماني وطموحات الشّعب اللّبناني بسلطة قضائيّة قويّة فاعلة، لا يمكن لدولة القانون والمؤسّسات أن تقوم بدونها".