لفتت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّه "رَشح في عطلة نهاية الاسبوع، انّ رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، تخلّى عن مطلبه توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً وتعيين 6 وزراء دولة سياسيين فيها، وذلك في مقابل ان يسمّي هو وزيري الاقتصاد والمهجرين بدلًا من الوزيرين الحاليين امين سلام وعصام شرف الدين".
وعلمت "الجمهورية"، انّ "رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي لا يمانع هذا الامر"، وأشارت مصادر قريبة منه للصحيفة، إلى انّه "طرح منذ البداية هذا الامر مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وتخلّى عن تغيير وزير الطاقة رغبة منه بتسهيل ولادة الحكومة، ولكنه اشترط على رئيس الجمهورية ان يختار اسمًا بديلًا لوزير الاقتصاد يكون مقبولًا لدى نواب عكار (في اعتبار انّ هذه الوزارة هي من حصة الطائفة السنّية في الحكومة الحالية)، وان يختار اسمًا لوزارة المهجرين بديلًا من وزيرها الحالي عصام شرف الدين، لا يكون على خصومة مع رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط (كون هذه الوزارة هي من حصة الطائفة الدرزية في الحكومة الحالية)".
وأوضحت مصادر معنية بالتأليف لـ"الجمهورية"، انّه "في حال اختار عون هذين الإسمين بهذه المواصفات، لن يكون عندها من عائق امام ولادة الحكومة في اي وقت".
جهد "حزب الله"
في غضون ذلك، وفيما تحدثت مصادر حكومية عن حركة اتصالات تجري في الكواليس، على خلفية ما بذله "حزب الله" من جهود لفك عقدة التأليف الحكومي، كشفت مصادر قريبة من "الحزب" وعلى تماس مع توجّهاته السياسية الداخلية لـ"الجمهورية"، انّ "تحميله المسؤولية عن الحل ليس منطقيًا ولا واقعيًا، فهو سعى من قبل للإسراع في تشكيل الحكومة ولم تأتِ جهوده بأي نتيجة مجدية وايجابية".
وركّزت على أنّ :الجهود التي بُذلت حتى الأمس القريب، اصطدمت بأكثر من جدار حديدي نصبه أكثر من طرف وليس من جانب فريق واحد. وانّ تحميل المسؤولية لأي طرف دون آخر، ليس عدلًا ولا منطقًا سليمًا. فالمسؤولية تقع على الجميع، وكذلك تبعات الأزمات المتعددة الوجوه التي ألقت بثقلها على جميع اللبنانيين بلا تفرقة او تمييز بين منطقة وأخرى، فالنكبة حلّت بأديار الجميع".
لا مواعيد
أفادت "الجمهورية" بأن "الاوساط السياسية لم ترصد في الساعات القليلة الماضية، أي برنامج في الايام المقبلة، يوحي بأي حراك معلن في شأن الاستحقاق الرئاسي، على الرغم من الحديث المتنامي عن إمكان تزخيم الاتصالات في شأن الملف الحكومي بعد عودة رئيس "التيار الوطني الحر" من عطلته الصيفية على شواطئ إحدى الجزر اليونانية".
وبيّنت مصادر سياسية لـ "الجمهورية"، انه "ليس شرطًا لتحريك الاتصالات حول الشأن الحكومي ان يكون الرئيس المكلّف وباسيل موجودين في لبنان، لأنّ الاتصالات المتطورة بأشكالها المختلفة جعلت الجميع على تماس مع كل جديد حكومي وسياسي في لحظته، وانّ الرهان على الوجود الشخصي لا علاقة له بمجموعة العقد المتنامية والتي زادت من حدّتها المواقف المتشنجة التي تلاحقت في الأيام القليلة الماضية، بعد ان بلغت حدودًا غير متوقعة، وخصوصًا عندما استغلت بعض المراجع الدينية الأحداث الأخيرة لتسجيل مواقف لم يكن لها أي لزوم، ولن يكون لها أي رد فعل في الشارع اللبناني المكتوي بنار الأزمات التي تسببت بها منظومة سياسية ما زالت هي عينها تدير الأزمة، ولم تجد حلًا لأي مظهر من مظاهرها".
المعارضة
إلى ذلك، أعربت أوساط سياسية معارضة للصحيفة، عن استغرابها "البيان الحاد والعالي النبرة" الصادر عن رئاسة الجمهورية، الذي وصل إلى حدّ اتهام من "يقوِّلونه ما لم يقله" بـ"أولاد الحرام"، مؤكّدةً أنّ "الكلام الصادر عن لسان الرئيس عون حرفيًا، يؤشر في وضوح إلى انّه سيلجأ إلى خيارات معينة في حال لم تتشكّل حكومة، وكلامه لا يحتمل التأويل، فضلاً عن انّه كان عبّر عن الموقف نفسه في مقابلة صحافية منذ أشهر، ومن الواضح انّه لم يغادر هذا الموقف، لجهة انّ صلاحيات رئاسة الجمهورية لا يمكن ان تؤول إلى حكومة تصريف الأعمال، كما انّ تياره السياسي كان أكّد انّ الخيارات الممكنة تتراوح بين تكليف شخصية معينة رئاسة حكومة انتقالية، وبين انتزاع التكليف من الرئيس المكلّف، وبالتالي كل ما يُثار على هذا المستوى لم يأتِ من فراغ، ولا يندرج في إطار "دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة"، إنما يرتكز إلى مواقف معلنة للرئيس عون وآخرها أمام وفد الرابطة المارونية".
واعتبرت أنّ "الرئيس عون لو جزم بأنّه سيغادر القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته بمعزل عن تأليف حكومة جديدة او عدمه، وانّه يتمنى فقط ان يصار إلى تأليف حكومة، لما كانت صدرت كل هذه الأخبار التي بُنيت على مواقف الرئيس نفسه من جهة، وعلى تاريخه من جهة ثانية بدءًا من ترؤسه لحكومة انتقالية في العام 1988، وصولًا إلى معادلة انتخابه أو الفراغ، والتي توحي بإمكانية تكراره من باب انتخاب مرشحه الرئاسي او الفراغ او الفوضى الدستورية".
ورأت الأوساط نفسها أنّ "رئيس الجمهورية قد يكون من خلال إعلانه اللجوء إلى تدبير معين في موقع الملوِّح بهذا الإجراء، تسهيلًا لتأليف حكومة تجسِّد مصالحه في نهاية عهده، إلّا انّ الأكيد هو انّه يعدّ العدة لخطوة غير دستورية يعمل، كالعادة، على تغطيتها بغبار الشعبوية المعروفة، حيث انّ كل الهدف من تحريك الملف الحكومي والتلويح بخيارات غير دستورية، تأليف حكومة جديدة يدخل إليها باسيل ومعه ثلث معطِّل صافٍ يتيح تنصيبه رئيس جمهورية مقنّعاً على طاولة مجلس الوزراء خلال مرحلة الشغور الرئاسي، وبذلك يتحكّم بكل شاردة وواردة ولا يكون على عجلة من أمره رئاسيًا، ويستخدم موقعه الجديد كمنصة متقدّمة في معركته الرئاسية".
ودعت رئيس الجمهورية إلى "حسم كل هذا الجدل، ليس من خلال بيان اتهامي وتخويني، إنما عبر تأكيده انّه لن يبقى دقيقة واحدة في القصر الجمهوري بعد انتهاء ولايته، وانّه لن يلجأ إلى خيار يولِّد انقسامًا دستوريًا، وسيكون خطوة غير دستورية، لأنّ الدستور واضح على هذا المستوى، من انّ الحكومة القائمة أكانت فعلية ام حكومة تصريف أعمال تتولّى إدارة البلاد".
كما سألت الأوساط: "ما الجدوى من تأليف حكومة ستتحول حكومة تصريف أعمال بعد أسابيع قليلة، ولن تتمكن من الاجتماع أكثر من اجتماعين او ثلاثة كحدّ أقصى، فيما الحكومة الحالية تتولّى مسؤولياتها بالحدّ الأدنى، وأي حكومة جديدة لن تكون أفضل من سابقتها في ظلّ العهد الحالي، فضلًا عن انّ حكومة نهاية العهد ستكون الأسوأ من حيث انّ العهد يريد الدخول إلى متنها بقوة من خلال توزير باسيل ومعه الثلث المعطِّل؟".
وأبدت استغرابها "الكلام عن انّ الهدف من تأليف الحكومة ان تتولّى صلاحيات رئيس الجمهورية، وكأنّ هناك إرادة بالفراغ وتكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة، فيما المطلوب وضع كل الجهود، ليس في تأليف حكومة إنما في انتخاب رئيس جديد يعيد إنتاج سلطة جديدة وينقل البلد إلى مرحلة جديدة".
مبادرات إنسانية واجتماعية
على صعيد آخر، برّرت مصادر دبلوماسية عبر "الجمهورية" فقدان اي نشاط وحراك ديبلوماسي خاص بالأزمة الحكومية. ولفتت إلى انّ "الامر لا يقف عند حدّ بذاته. فمن الواضح جدًا انّ المنظومة السياسية التي نجحت بعبور الاستحقاقات الدستورية كافة، وخصوصًا تلك التي أعقبت الانتخابات النيابية، اقفلت الطريق أمام سلسلة المبادرات التي أُطلقت، وانّ الحكومة التي تعهدت بمجموعة من الخطوات الاصلاحية الادارية والمالية وفي مجال الطاقة، لم تقدم على أي خطوة تعهّدت بها منذ اشهر عدة، ولم تعبّر عن النية بولوجها في المدى المقبول وكما على المدى البعيد".
وأضافت المصادر العليمة بكثير من أسرار المرحلة وما يدور في الكواليس العربية والغربية، انّه "بكل بساطة ما لم تتغيّر العقلية التي تدار بها الأمور، وإذا حصل فشل في عبور الاستحقاق الرئاسي الذي ستدخل البلاد مداره الدستوري بعد يومين، فسيكون ذلك مؤشرًا خطيرًا لا يمكن تجاهل تداعياته على مستقبل البلاد التي تعاني من قصور الدولة ومؤسساتها عن القيام بأقل ما هو مطلوب منها".
وشدّدت على أنّ "الجهود الديبلوماسية منصّبة على جملة الخطوات الانسانية والاجتماعية، التي بادرت اليها اكثر من دولة وحكومة ومؤسسة دولية واقليمية، وانّ اهتماماتها في هذه الفترة لا تتجاوز حدود العمل الإنساني والاجتماعي والطبي والتربوي قريبًا، كما في مجال مساعدة المؤسسات الخدماتية، لتجاوز الظروف الصعبة التي شلت عملها على اكثر من مستوى حياتي يعني اللبنانيين في يومياتهم وأبسط حقوق الانسان".
توترات غير مسبوقة قد يثيرها باسيل بالتلازم مع مغادرة عون بعبدا
لفت مصدر سياسي بارز، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أن "الانتخابات الرئاسية لن تكون معزولة عن التطورات التي تشهدها المنطقة، وأن قراءاتها يجب أن تكون مستمدّة مما ستؤول إليه، سواء على صعيد المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، أو فيما يتعلق بمصير الوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ويؤكد أن نجاحها يمكن أن يشكّل الممر الإلزامي للعبور بالاستحقاق الرئاسي إلى بر الأمان".
وأشار إلى أن "الوساطة الأميركية ما زالت تتراوح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة، بخلاف الأجواء الإيجابية التي كان قد بشّر بها المستشار الرئاسي نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب، قبل أن يقرر العودة إلى ضبط النفس والتوقّف عن بث التفاؤل بالوصول إلى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية".
ورأى المصدر السياسي أن "الأسابيع المقبلة، وتحديداً في أيلول المقبل، لن تحمل ما يوحي بأن الاستحقاق الرئاسي وُضع على نار حامية، خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لن يبادر إلى فتح جلسة انتخاب الرئيس قبل الأسبوع الأخير من أيلول، وهو يحتفظ لنفسه بتحديد موعد انعقادها، على أن تسبقها مبادرة الكتل النيابية إلى تزخيم تحركها الذي لا يزال خجولاً ومحدوداً إلى حد كبير".
وأكّد أن "المرشحين للرئاسة يلوذون بالصمت، لئلا يذهبوا ضحية حرق الأسماء من قبل هذا الطرف أو ذاك، برغم أن تكتّل "قوى التغيير" في البرلمان، يستعد للإعلان عن أسماء عدد من المرشحين يُنظر إليهم على أنهم من غير التقليديين، ولا ينتمون إلى المنظومة الحاكمة والطبقة السياسية".
وبيّن أن "معظم السفراء انتهوا من تجميع معلوماتهم عن المرشحين، وبعثوا بها إلى مراكز القرار في دولهم"، ولم يستبعد فور انتهاء العطل الصيفية أن "يبادر كثير من هذه الدول إلى إيفاد موفدين عنهم، في مهمة تتجاوز استطلاع المواقف، إلى وضع لائحة بأسماء المرشحين الذين يصنفونهم على خانة من ستقع عليهم القرعة في غرف القرار من دولية وإقليمية".
كما ركّز على أن "حزب الله يؤيد تأمين خروج آمن لعون من بعبدا، احتراماً منه للأصول الدستورية، وهذا ما تبلَّغه الحزب من عون في لقاءاته المفتوحة التي يعقدها مع مسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا، الذي يتنقّل باستمرار بين بعبدا ومقر "التيار الوطني" في مبنى ميرنا الشالوحي"، كاشفًا أنّه يتحسّب لـ"ردود فعل النائب جبران باسيل، الذي لن يلوذ بالصمت إلى حين انتهاء ولاية عون".
وحذّر المصدر نفسه من "لجوء باسيل إلى افتعال توترات يتوخى منها ابتزاز الأطراف المعنية بانتخاب الرئيس، ومن خلالها الناخبين الكبار في الإقليم والمجتمع الدولي، ويقول بأن ترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد انتهاء ولاية عون سيدفع به إلى رفع منسوب توتراته السياسية، مستفيداً من ابتزاز عون الذي لم يعد لديه من بند على جدول أعماله سوى إعادة تلميع صورة باسيل، على أمل إدراج اسمه على لائحة الناخبين المحليين".
ووجد أن "لا ضرورة لتقديم خدمات مجانية لعون وباسيل، والانجرار إلى ملعبهما، وبالتالي من الأفضل تجاهلهما، لأنه لم يعد لباسيل من أدوات في عدة الشغل سوى أخذ البلد إلى مزيد من التأزم. وهذا ما يفسّر إصرار عمه على تشكيل حكومة من 30 وزيراً، برغم أنه يدرك أن هكذا حكومة لن ترى النور، وأن حليفه "حزب الله" ينأى بنفسه عن الانخراط في حرب سياسية ساقطة سلفاً، يراد منها تلبية طموحات باسيل".
إلى ذلك، أوضح أنّ "البيان الرئاسي الذي صدر مؤخرا عن الدائرة الإعلامية في بعبدا، ما هو إلا عينة للتوترات غير المسبوقة التي سيفتعلها باسيل في الفترة الفاصلة بين بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، وبين مغادرة عون بعبدا".