ذكرت صحيفة "الأخبار"، "أنّها حصلت على وثائق تنشر للمرة الأولى، تؤكّد الشبهات حول تورّط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في عملية اختلاس لأموال المودعين، أمّنت لخليلته وابنته منها نحو 30 ألف يورو شهرياً. كما تؤكد الشبهات لدى القضاء اللبناني والأجهزة القضائية الأجنبية في كل الدول التي تحقّق في ملفات سلامة وأعوانه".
وأوضحت أنّ "وفق هذه الوثائق، "ترتقي" ممارسات حاكم المصرف المركزي إلى ما يصنّف قانوناً تحت عنوان "الاختلاس الجنائي" الواقع على أموال مصرف لبنان (أموال عامة وأموال المودعين)، وهو يشمل جرائم تبييض الأموال، وجرائم الإثراء غير المشروع، وجرائم الفساد. كما تشير إلى الأريحية التي تصرّف بها الحاكم لأعوام طويلة، مطمئناً على ما يبدو إلى الحماية التي وفّرتها له، ولا تزال، منظومة سياسية تبادل معها المنافع على مدى السنوات الماضية".
ولفتت "الأخبار" إلى أنّ "هذه الوثائق تثبت كذب الحملة الإعلامية المضادة التي يقوم بها سلامة و"عشيرته" الإعلامية والسياسية الكبيرة، لجهة زعمهم أن ملاحقته قضائياً في كل من سويسرا وفرنسا ولوكسمبورغ ولبنان، والتحقيقات المفتوحة بحقه في ألمانيا وغيرها من الدول، كلّها ناتجة من النكاية السياسية، في محاولة لتبرئته من هذه التهمة في لبنان تمهيداً لإسقاطها في الدول التي يلاحق فيها".
وأشارت إلى أنّ "الوثائق، بحسب خبراء قانونيين اطلعوا عليها، تكشف السلوك الاحتيالي لسلامة، وتوفّر النية الجرمية التي دفعته إلى اختلاس أموال من مصرف لبنان، عبر دفع المصرف إلى استئجار مبنى في باريس يملكه سلامة نفسه ليكون "مركز طوارئ" بديلاً للمصرف".
وبيّنت أنّ "الاحتيال استمر بزيادة مساحة المكاتب المستأجرة، وزيادة بدل الإيجار الذي كان يدفعه مصرف لبنان لسلامة، بواسطة خليلته الأوكرانية آنا كوزاكوفا (والدة ابنته)، من دون أن يكون المصرف المركزي بحاجة أساساً إلى استئجار مكتب في باريس، فضلاً عن استئجار مكاتب إضافية بكلفة أكبر".
كما أفادت الصّحيفة بأنّ "الوثائق تكشف أن المجلس المركزي لمصرف لبنان، بين عامي 2010 و2015، كان يوافق على اقتراحات الحاكم لاستئجار المكاتب في باريس، من دون أي تدقيق أو مساءلة، ما يضع أعضاء المجلس في دائرة الشبهة. كما تُبيّن أن النائب الأول الحالي للحاكم، وسيم منصوري، اطّلع على كامل ملف استئجار المكاتب، وترأس اجتماعاً يوم 5 تموز 2021، ضم مديرين في مصرف لبنان، بهدف البحث في جدوى استمرار استئجارها".
وركّزت على أنّ "هذا الاجتماع يضع أيضاً منصوري، والمدراء الذين اجتمع بهم، في دائرة المسؤولية. فبدلاً من البحث الجدي في جدوى مكاتب باريس التي يدفع مصرف لبنان بدل إيجارها لسلامة (عبر والدة ابنته)، تحوّل إلى مناسبة لتكرار الذرائع التي يستخدمها الحاكم لتبرير اختلاس الأموال من مصرف لبنان".
وكشفت "الأخبار"، "أنّها حصلت أيضاً على وثيقتين هما عبارة عن كشف حساب لسلامة بين 26/2/2007 و9/7/2021. اللافت أن الأموال التي دخلت هذا الحساب أو خرجت منه طوال هذه الفترة، أكبر بكثير من راتبه الشهري البالغ 25 ألف دولار. إلا أن أبرز ما في الكشف أربعة أوامر تحويل: الأول بتاريخ 24/3/2009 بقيمة مليوني يورو، الثاني في 30/3/2009 بقيمة مليون يورو، الثالث في 19/11/2009 بقيمة مليونين و300 ألف يورو؛ والرابع في 7/2/2014 بقيمة 4 ملايين ونصف مليون يورو".
ميقاتي يستجير بالمفتي... والسنيورة
شدّدت "الأخبار" على أنّه "بدت لافتة في الساعات الماضية، قدرة مراجع رسمية على تحويل الأزمة إلى صراع طائفي يتخِذ طابعاً دستورياً وسياسياً، فيما تزداد الخشية من أن يدفع التأزيم البلاد نحو مرحلة شبيهة بتلك التي شهدها عام 2008 عندما تعطّلت كل السلطات الدستورية لأكثر من سنة. وعادت هذه التجربة إلى الأذهان من منطلق الخلاف الناشئ على "صلاحية" حكومة تصريف الأعمال في تسيير البلاد في حال الفراغ الرئاسي، مع تصلّب كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بموقفهما من مسألة "دستورية" أن ترِث حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة الأولى".
وأوضحت أنّ "مع الحرب المستمرة بينَ الطرفين، لجأ ميقاتي إلى استخدام ورقة دار الفتوى، ونجح في الحصول على موقف داعم من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، بعد تواصل مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي أكدت مصادر أنه التقى ويلتقي المفتي بعيداً من الإعلام للتنسيق في هذا الأمر".
وعلمت الصحيفة أنّ "ميقاتي يعمَل على خط النواب السنة للحصول على غطاء نيابي منهم، بينما يتولى السنيورة التنسيق مع شخصيات مسيحية ومع البطريركية المارونية، بهدف تأمين "غطاء وطني" لميقاتي وتأمين الحماية للمركز السني الأول".