أقيمت ظهر اليوم، ندوة في مقر نقابة الصحافة، ناقش خلالها الكاتب والباحث الأب الدكتور ميخائيل روحانا الانطوني، رؤيته الاصلاحية للدستور اللبناني من خلال كتابه "الجمهورية الخامسة: الحل للمعضلة اللبنانية"، في حضور وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، نقيب الصحافة عوني الكعكي، الذي أشار الى أنه "بعد فشل جمهورية الاستقلال الأولى وجمهورية الطائف الثانية، وفي توقع لفشل الجمهوريتين الثالثة والرابعة إن لم ترتقيا إلى صعيد المثل الأصيلة وإلى فهم موضوعي صحيح للتاريخ - هي مقاربة للوضع السياسي اللبناني من منظور المؤلف، الراهب الذي يستوحي روحانية رهبانيته الأنطونية المارونية: روحانية النسك والرسالة، المتميزة بالطيبة والوداعة والرحمة في خدمة الله والانسان، والعاملة في عمق وانفتاح وتنظيم الأوليات، والتي شدت فضائل رهبانها الشهامة العربية المتمثلة بآل أبي اللمع وآل مزهر الدروز، وبفرع كبير من آل شهاب المسلمين".
أضاف: "هذه المقاربة تنطلق من المثل السميا الأصيلة: الواحد، الحق، الخير، الجمال، الطيبة الوديعة الرحومة، الانفتاح على الآخرين، الحدب على الفقراء، من ضمن إنتاجية بارزة جعلت عهد المتصرفية مرقد عنزة هنيا، ويلاحظ المؤلف، بأسى، أن مثلا بينية paradigms حلت محل المثل الأصيلة: الطائفية محل الانسانية المتدينة، الإقطاعية محل الديمقراطية، المناطقية محل الوطنية، الأصولية محل الاعتدال. ثم يحاول أن يلفت نظر اللبنانيين، في مطلع الألفية الثالثة، إلى وجوب التخلي عن التاريخ وعن الذاكرة الجماعية التي لا تنتج إلا أجساما مضادة، سلبية في جوهرها، ليعرض أمامهم نظرة جديدة إلى سيرورة التاريخ اللولبية".
أما المكاري فأشاد بأهمية ما يكتبه الأب ميخائيل، لا سيما لجهة "عمقه وفلسفته، فهو دائما يأخذنا الى البعيد، ولا يمكننا اختصار تفاصيل هذا الكتاب بكلمة واحدة، بل يجب قراءته اكثر من مرة"، واصفا الكتاب، بـ"السلس والسهل والمثير، وما يدعو للحيرة، ليس عنوان كتاب الأب ميخائيل روحانا الانطوني "الجمهورية الخامسة - الحل للمعضلة اللبنانية"، بقدر التفكير في أحوال جمهورية كانت سمتها منذ تأسيسها توالي الازمات التي عصفت فيها منذ فجر تكوينها وحتى اليوم، وللمصادفة، أن 1 ايلول 1920 شهد اعلان لبنان الكبير، بصفته الكيان الأول لشكل النظام السياسي و الدولة، أو تكوين الهوية الوطنية الخاصة خارج منطق الإمارة او المتصرفية في جبل لبنان، بل ولادة دولة. وما يدعو للتفكير حقا، هو أحوال هذه الدولة في عصرنا الراهن، إذ ينبغي بذل جهد كبير في التفكير حول مستقبل هذا الكيان في ضوء الأزمات الشديدة".
وتابع: "بين دفتي الكتاب بأجزائه وفصوله المتعددة، استوقفني البعد الفلسفي كما العمق الدستوري عند المؤلف، خصوصا في تشريح المسألة اللبنانية عبر اطر غير مألوفة، أبرزها ما جاء في الصفحة 40 عند طرح سؤال صعب " اي لبنان نريد؟"، خصوصا في ضوء الواقع المأسوي و الافق المسدود، ورغم ذلك لا ينبغي الركون لنظرية العدم وحتمية التلاشي، كما استوقفني الاستنتاج بأن الاحتفاظ بالتراتبية الطبقية التحاصصية في نظام الجمهورية تعني حتمية الفشل وبالتالي العقم، وبالتالي إعادة السؤال بصيغة مختلفة وهو كيفية تفادي هذا العقم، فطرح الحلول مهمة شاقة بل مستحيلة أمام الاستعصاء السائد، لكن ينبغي الإشارة الى أن العقم ليس من طباع هذا المكون البشري الذي سكن الجبال منذ آلاف السنوات وعاصر حضارات مختلفة. العقم ليس قدرا لكن ينبغي العمل على ارادة وطنية صلبة، وأدعو إلى إعطاء هذا الكتاب الاولوية القصوى في الدراسة والتفكير، والمناقشة من منطلقات عديدة. فالصيغة اللبنانية باتت تتطلب إعادة نظر في كل شيء، لاننا جميعا لا ينبغي الاستسلام للعقم الفكري والثقافي والاجتماعي".