في الوقت الذي تتناقص فيه اعداد العسكريين في مختلف القوى المسلحة بسبب الفرار او الانقطاع عن العمل او التسريح، لا تعمل حكومة تصريف الاعمال على معالجة هذا الواقع المؤسف الا بمزيد من اضعاف قدرات القوى العسكرية. وآخر تجليات هذا التوجه، مرسوم صدر في 2 آب 2022 حمل الرقم 9785 قضى بتعديل المرسوم المتعلق بتنظيم مرافقة وحماية الشخصيات او المراجع الصادر في 14 تموز 2009. وقضى المرسوم الجديد بفصل 14 عنصر من قوى الامن الداخلي الى سرية حرس رئاسة الجمهورية لحماية ومرافقة رؤساء الجمهورية السابقين بالاضافة الى المولجين اصلا بمرافقتهم وحمايتهم من ضباط ورتباء وافراد. ويطبق التدبير نفسه على رؤساء المجلس النيابي السابقين بمعدل 12 عنصر لكل منهم يتم فصلهم الى سرية حرس رئاسة المجلس النيابي لهذه الغاية اضافة الى المولجين حاليا بهذه المهمة. اما بالنسبة الى رؤساء الحكومة السابقين فيعطى كل واحد منهم 12 عنصرا ايضا اضافة الى الموجودين في الاساس. وقضى المرسوم ايضا بتخصيص 8 عناصر من قوى الامن الداخلي لمرافقة ومواكبة وزراء الداخلية السابقين وذلك بعد فصل كل هؤلاء العسكريين الى سرية حرس وزارة الداخلية والبلديات.
اما التدبير الاكثر غرابة واستهجانا، فقد قضى بموجب هذا المرسوم بفصل ٤ عناصر من قوى الامن الداخلي لمرافقة وحماية كل من المدير العام لرئاسة الجمهورية والامين العام لمجلس النواب والمدير العام لرئاسة مجلس الوزراء على ان يطبق هذا التدبير على من تنتهي خدماته اعتبارا من تاريخ نفاذ هذا المرسوم، اي ان الذين سيستفيدون من الحراسة والمواكبة بموجب هذا المرسوم هم المدير العام للرئاسة انطوان شقير والامين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة والامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر عندما تنتهي خدماتهم في المؤسسات الدستورية الثلاث، علما انهم يحظون حاليا بحكم مواقعهم بالحراسة والمواكبة من القوى العسكرية والامنية العاملة في المقرات الدستورية الثلاثة. وسوف يستفيد من احكام هذا المرسوم من سيخلف الثلاثة في مراكزهم.
واعتبرت مصادر ادارية معنية عبر "النشرة" انه اذا كانت حماية الرؤساء السابقين للجمهورية ومجلسي النواب والوزراء ووزير الداخلية تبدو منطقية الى حد ما نظرا للمسؤوليات التي تحملوها خلال فترات توليهم المسؤولية -علما ان لديهم في الوقت الحاضر ما يكفي من حراس ومرافقين- فما هو غير مقبول ومقنع تخصيص 3 مديرين عامين في الدولة دون غيرهم بحماية ومواكبة بعد تركهم وظائفهم، فيما يُحجب ذلك عن مديرين عامين آخرين في مواقع حساسة امنية وغير امنية، وعن كبار القضاة الذين كانوا في موقع المسؤولية واصدروا احكاما في قضايا خطيرة ومهمة مست بالامن القومي او طاولت متهمين خطيرين دينوا باعمال اجرامية وارهابية وبجرائم قتل وغير ذلك. ووصفت المصادر عبر "النشرة" بان هذا التدبير ينطبق عليه المثل القائل صيف وشتاء على سطح واحد... تبعا للنفوذ والحسابات الشخصية والمنفعة الذاتية... وكل ذلك يكثر في زمن تحلل الدولة وسقوطها سريعا في الهاوية.