اعتبر رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، أن "فعل الكلمة أقوى من فعل الرصاص. هذا ما علّمتنا إياه الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1975. فالعنف الكلامي يُنتج العنف المسلح".
وأشار إلى أن "كل مظاهر العنف تتجلى في الوضع الحالي. اشتباكات سياسية وطوائفية. عنف في الظلم على مستوى الرغيف والغذاء والدواء والكهرباء والبنزين وفي انهيار العملة اللبنانية. عنف في تهجير الشباب والنساء. عنف في تعميم العتمة على اللبنانيين. عنف في القدرة على الشراء والإستشفاء. عنف على الطبقة المتوسطة التي تختفي من كونها عنصر التوازن في المجتمع وفي إنتاج النخب الفكرية. عنف يصيب موظفي القطاع العام من أعلى الهرم إلى أسفله في مستوى المعيشة ولقمة العيش وفي الهواجس على مستقبل أولادهم. عنف في مستوى انهيار البنية التعليمية. عنف في تراجع مستوى الحوار بين الأطراف السياسية والطوائفية".
وأوضح محفوظ، أن "تدرج العنف ككرة الثلج يعزز من الهويات الجزئية على حساب الهوية الوطنية الجامعة ما يعني (تراجع فكرة الدولة) وتعطيل دورها في ايجاد المخارج بل في استحالة (الحل الداخلي) وتمكين الخارج الدولي والإقليمي وتحويل لبنان إلى (ساحة صراع). فلا (حكومة جديدة) ولا رئاسة جمهورية خارج التقاطع بين اللاعبين الدوليين والاقليميين تحديدا بين واشنطن وطهران".
ورأى أنه "قد يكون من المصلحة اللبنانية تسريع حلول الإتفاق النووي الأميركي-الايراني، لأن لذلك تداعياته الايجابية النسبية على الوضع اللبناني سواء بالنسبة لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل وبالنسبة لعلاقة لبنان وصندوق النقد الدولي وفي العلاقة مع الدول المانحة... وإلا فإن الوقت لا يرحم (الوطن الصغير) الذي سوف يكون ساحة للإحتراب المتعددة والوجوه. وهي ساحة تتصل بالواقع الاقليمي والمحيط ويمكن أن تنقل إليه أخطاره. إذ (ثمة شرارة تُشعل سهلا) على ما يقول الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ".
ولفت رئيس المجلس، إلى أنه "لا شك أن في متابعة الملف النووي الأميركي-الايراني يلمس المراقب السياسي أن ثمة حرصا على هذا الإتفاق بين واشنطن وطهران باعتباره (الحل الأفضل) خصوصا وأن نقطة الخلاف الراهنة ليس لها علاقة بمضمونه أي أنها (خارجية) وتتناول مطالب هيئة الطاقة النووية عن التسرّب النووي في ثلاثة مواقع نووية والتي تعتبرها طهران في غير مكانها".
أما عن ترسيم الحدود البحرية، اعتبر محفوض أنه "من الواضح أن الإدارة الأميركية تبدي اهتماما ملحوظا بايصال المفاوضات غير المباشرة التي يقودها المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى (مخارج مضمونة). من هنا ظاهرة التكتم حول هذه (المفاوضات) وتحصين مسارها بتدخل مباشر من الرئيس الأميركي جو بايدن ما يفترض كسب الوقت وقراءة المتغيرات في المنطقة والمحيط.، فالتأجيل أمر وارد في أمور كثيرة بما فيها الإنتخابات الرئاسية. ومن هنا فإن الجدل الحاصل حول من يكون الرئيس وبأية مواصفات هو جدل في غير مكانه... وقد يكون الهدف من هذا الجدل هو حرق الأسماء الكبيرة وإلزامها بالتوافق حول (رئيس) تلتقي على شخصه كل المكونات وتسوّقه واشنطن مع الجهات الاقليمية الوازنة عندما تنضج (الظروف)".
وأضاف: "واقع الأمر، واشنطن تريد تطويع القوى السياسية في الداخل اللبناني على اختلافها حتى لا يكون هناك فاعل استراتيجي، وذلك بتعميق الإشتباكات السياسية الطوائفية ومعها الهواجس والمخاوف... وفي هذا المجال لا تحتاج واشنطن إلى بذل أي جهد. فالدولة غائبة عن معالجة المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والمالية ولا تملك القدرة لا في مجال الكهرباء ولا الغذاء ولا المازوت ولا الدواء. وأصبح المواطن يبحث عن حلول من خارجها وبصعوبة كبيرة. ما يعني أن دائرة التشظي تكبر وتنال هيبة الدولة ما يجعل حظوظ التدخل الخارجي أكبر على كل المستويات وما ينتهي بحاجة الطبقة السياسية إلى المساومة مع الخارج الدولي وتحديدا الخارج الأميركي".
ولفت محفوظ، إلى أنه "في كل الأحوال (البيت اللبناني منقسم). والمقاربة الأميركية (للبيت المنقسم) عبّر عنها الرئيس الأميركي ابراهام لينكولن بقوله (البيت المنقسم على نفسه لا يمكن أن يصمد). وهو قول استوحاه من الكتاب المقدّس (الانجيل) الذي ورد فيه (البيت الذي ينقسم على نفسه يخرب وإن انقسمت مملكة على ذاتها لا تقدر أن تصمد). ومعنى هذا الأمر أن لا إرادة سياسية لبنانية واحدة مع ما يستتبع ذلك من انهيارات على كل المستويات يتحكم بلجمها تفاهمات دولية اقليمية لا مكان فعليا فيها لـ(الفاعل اللبناني) إلا بقدر ما يظهّره (الخارج) أي الفاعل الحقيقي".