تنتظر العديد من الأوساط السياسية، خصوصاً السنّية منها، ما قد ينتج عن لقاء نواب السنة في 24 أيلول الحالي، لا سيما أن الرهانات متناقضة، بين من يعتبر أنه سيكون مفصلي وبين من يؤكد عدم إرتباطه بأي من الاستحقاقات المقبلة، بالرغم من أن السجالات حول الصلاحيات تأخذ أبعاداً طائفية.
في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أن هذا اللقاء يأتي في إطار البحث عن المرجعية الجامعة، خصوصاً بعد الشرذمة التي أفرزتها نتائج الإنتخابات النيابية، بالرغم من سعي العديد من الشخصيات، قبل هذا الاستحقاق، لمنع الوصول إلى الواقع الحالي، بسبب التداعيات التي قد تنجم عن ذلك أو الرغبة في وراثة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
في هذا الإطار، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه قبل العام 2005 كان الجميع يسلم بمرجعية رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، لا سيما في ظلّ العلاقة الممتازة التي كان تربطه بدار الفتوى، التي تحولت إلى جزء من حركة الحريري الأب السياسية، لا سيما في الإستحقاقات الإنتخابية، بالرغم من وجود قوى وشخصيات أخرى على الساحة السياسية.
بعد إغتيال الحريري الأب، تلفت هذه المصادر إلى أنّ الزعامة انتقلت الى نجله، لا سيما بعد التعاطف الشعبي الكبير الذي حظي به، سواء كان ذلك داخل الطائفة أو خارجها، لكن في السنوات الماضية تبدل هذا الواقع، حيث برز، في السنوات الماضية نادي رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، بالإضافة إلى الحريري الذي كان يواجه أزمة متعددة الأوجه، حيث بات هذا النادي هو المرجعية الأساسية في تسمية رئيس الحكومة أو تأمين التغطية له.
ما قبل الإنتخابات النيابية الماضية، التي جرت بعد قرار تيار "المستقبل" تعليق عمله السياسي، ليس كما بعدها، بحسب ما تؤكد المصادر المطلعة، خصوصاً أنها لم تنتج مرجعية سياسية بديلة عن الحريري، في حين أن الخلافات عصفت بين نادي رؤساء الحكومات السابقين، لا سيما الحريري والسنيورة، الأمر الذي دفع إلى إنطلاق رحلة بحث جديدة عن مرجعية بديلة، حتى ولو كانت مؤقتة بإنتظار قرار جديد يصدر عن رئيس "المستقبل".
في الأشهر الماضية، كانت الأنظار تتجه نحو مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على قاعدة أن الرجل يستطيع أن يتولى ذلك من وجهة نظر الكثيرين، بالرغم من أنه سعى إلى لعب دور سياسي، في الإنتخابات النيابية، فُسر على أساس أنه مناقض لتوجهات "المستقبل"، فهو كان يدعو إلى المشاركة الكثيفة، بينما كان التيار يسعى إلى تكريس خيار المقاطعة داخل الطائفة.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، البحث في إمكانية نجاح دار الفتوى في لعب هذا الدور يجب أن ينطلق من قراءة توزع النواب السنة الحاليين، حيث أن بعضهم يدور في فلك قوى الثامن من آذار، بينما بعضهم الآخر في فلك "المستقبل"، في حين أن هناك عدداً لا يستاهن به ينطلق من خلفيات لا طائفية، كما هناك عدداً آخر يمثل التوجه المستقل أو التغييري، وبالتالي الجمع فيما بينهم قد لا يتخطى العناوين العريضة، بالرغم من أن هناك من قرر مسبقاً عدم المشاركة.
في المحصّلة، تدعو هذه المصادر إلى التعامل بواقعية، في عملية تعليق الآمال على هذا اللقاء، نظرا إلى أن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، خصوصاً أن مواقف العديد من النواب معروفة مسبقاً، وبالتالي لا يمكن الرهان على تبدلها أو تبدل مرجعيتها السياسية.